إسرائيليون يعودون بحلوى “صنع في جدة” ودرعي والجبير يتهامسان والتأشيرة بيد أمن بن سلمان
من جهة، يصر عادل الجبير، وزير الخارجية الجديد–القديم للسعودية، على الإيضاح بأن “ليس لنا اتصالات من أي نوع كان مع إسرائيل”. ومن الجهة الأخرى، فإن وزير الداخلية آريه درعي، وفي بيان تاريخي، يدعو رجال أعمال إسرائيليين للخروج إلى السعودية وفحص إمكانيات المشاريع المشتركة. فمن نصدق إذن؟
يوم واحد فقط مر بين البيان السعودي والبيان الإسرائيلي. الأول ينفي، والثاني يحمل بشرى مفاجئة، ولكن تحت السطح كل شيء منسق، درعي يعرف، وكذا الجبير – الثعلب السياسي المجرب الذي تمكن من تولي منصب سفير بلاده في واشنطن– يعرف، بل ويعرف تماماً.
هذه هي الحقيقة: وفود إسرائيلية خرجت في السنتين الأخيرتين إلى السعودية، بصمت. بعضها مع مسؤولين كبار في أسرة الأمن، وبعضها مع رجال أعمال، معظمها مع حاملي جوازات سفر مزدوجة. واضح للمضيفين السعوديين من جاء، ومن أين جاء بالضبط. وها تلقيتُ منذ زمن غير بعيد علبة حلوى كتب عليها بالإنجليزية وبالعربية “إنتاج جدة”. أما من منح الهدية فلا يحتاج إلى تفسير.
حالياً، لا يمكن للجميع أن يدخل السعودية، حاملو الجوازات الإسرائيلية فقط لا يمكنهم أن يتمتعوا في المرحلة الأولى بالحديث مع المحليين وبالرحلات السياحية. فتأشيرات الدخول إلى المملكة هي في يدي ولي العهد محمد بن سلمان وعصبة المقربين منه، وهم الذين يقررون من يأتي من طرفنا، ومن يتجول وينفذ خططاً تجارية. وبالتوازي، سيحرصون أيضاً على إبقائهم تحت المتابعة الوثيقة. يواصل بن سلمان تطوير المدينة الجديدة “نيوم” كموقع سياحي حديث. ويضخ إلى هناك مستثمرين ورجال أعمال، بينما –وبالتوازي- في جدة أيضاً بدأت شراكات دولية، وتقترح إسرائيل على السعودية أن تدخل إلى عالم التكنولوجيا العليا، وتوسيع صناعة الغذاء المحلية.
كل من وصل إلى جدة من إسرائيل حتى الآن فعل هذا في طيران خاص (بإشراف أسرة الأمن) أو بواسطة شركة الطيران الأردنية. الرجل البسيط في السعودية لا يعرف بعد كيف يشخص الإسرائيليين، ولا يحلم أن يقفوا بقرب شديد إلى جانبه. كما يصعب عليه الحديث بانفتاح عن اتصالات أو شراكات مع إسرائيل. ولكن تعدّ هذه فرصة لبن سلمان لصرف الانتباه عن قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي وطي عشرات السجناء في النسيان، ولا سيما النساء، ممن كافحوا في سبيل حقوق الإنسان. وهو يعرف بأن الزوار الإسرائيليين الذين سيأتون علناً إلى المملكة سيثيرون الكثير جداً من الاهتمام.
ولكن ثمة موضوع آخر من الجانب السعودي: ستكون هذه صفعة رنانة للإيرانيين. فالسعوديون لم ينسوا بعد الضربة المحكمة والضرر الجسيم الذي ألحقه الحرس الثوري بمنشآت النفط بأرامكو. وقد بدأت إيران تهاجم بشدة “العلاقات الجديدة”، دون أن تذكر الأسماء الصريحة، إذ إن السعوديين يعلنون رسمياً بأنه لا توجد اتصالات “مع الصهاينة”. الكل يعرف أن بيان درعي لم يأت دون تنسيق مسبق، وينتظرون ليروا –ولا سيما الإيرانيون– ماذا سيحصل الآن.
بقلم: سمدار بيري
يديعوت 28/1/2020