“يديعوت أحرونوت”.. ماذا أراد الأمير الحسن؟ “ضجة صامتة” ونص “غامض” وتغريد “خارج الاختصاص”
وهج نيوز : ما الذي أراده الأمير الأردني المخضرم صاحب الخبرة الطويلة الحسن بن طلال في رسالته الأخيرة للإسرائيليين؟
طاف هذا السؤال بقوة خلال الأيام الثلاثة الماضية على نخبة واسعة من السياسيين ودون أي تعليق رسمي للحكومة الأردنية على مضمون رسالة السلام الغامضة التي تقدم بها الأمير حسن للشعب الإسرائيلي عبر مقال نشرته له فجأة صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
بعيدا عن مضمون المقال يعلم الأمير المخضرم بأن علاقات بلاده بحكومة اليمين الإسرائيلي قد تكون الأسوأ منذ وقعت اتفاقية وادي عربة عام 1994.
ويعلم المراقبون جميعا بأن فرصة التمتع المفاجئ بتوجيه رسائل سلام للإسرائيليين في الإطار الثقافي والجماهيري وفي هذه المرحلة تحديدا تعكس انطباعات وتساؤلات سلبية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة وتكرار ثوابت الأردن والبرود الشديد مع الجانب الإسرائيلي في هذه الأيام.
بدا لافتا للنظر بأن وزارة الخارجية الأردنية لم تعلق على مضمون مقال الأمير، الأمر الذي يبعث على الاستغراب في مقايسات سياسي أردني معروف هو الدكتور ممدوح العبادي الذي يرى بأن مداخلة السلام الموقعة علنا باسم الأمير حسن قد تكون خارج سياق مكانها وزمانها إضافة إلى أنها تثير الاستغراب حقا وقد لا تجد مبررات.
يرى العبادي بأن الأمير ومع مكانته الثقافية والعلمية لا يتبوأ أي منصب رسمي، وبالتالي فما يقوله تعبير عن رأي فردي وشخصي ولا يمكن بحال من الأحوال قراءته ضمن معطيات موقف الدولة الأردنية.
ويقترح العبادي بطبيعة الحال أن تتوقف الاجتهادات في مسالة العدو الإسرائيلي حيث البوصلة دائما واضحة وحيث الأردن “تربطه علاقات سيئة جدا منذ أعوام بكيان الاحتلال الذي يمارس بدوره أبشع صنوف التشدد وحتى الإرهاب ضد شعبنا الفلسطيني البطل”، مصرا على أن الحفاظ على مصالح الأردن قيادة وشعبا ومؤسسات بوصلته واضحة ولا تتجاوز دعم صمود الشعب الفلسطيني ودون ذلك ليس أكثر من محاولة للاصطياد في مياه يمكن الاستغناء عنها.
وتداول السياسيون في عمان وعلى نطاق واسع همسات لها علاقة بمقال “يديعوت أحرونوت” والأمير الذي لا ينطق باسم الحكومة الأردنية بكل الأحوال.
ونشر المقال على منبر إسرائيلي في الوقت الذي لا توجد فيه علاقات حقيقية ولا اتصالات بين مؤسسات الدولة الأردنية والجانب الإسرائيلي مع الإصرار على المستوى النخبوي الأردني بأن نوايا ضم القدس والأغوار وشمال البحر الميت والتوسع بالمستوطنات سلوكيات إسرائيلية معادية تماما لأعمق المصالح الأردنية، وبالتالي، أي كلام من شخصيات متقاعدة كما يلمح العبادي وغيره عن السلام الآن يكافئ التطرف الإسرائيلي الذي يستهدف العبث بالمنطقة والأردن خلافا لأنه قد يعبر عن قراءة غير موفقة خارج النص.
وبصرف النظر عن خلفيات مقال يديعوت أحرونوت تترقب جميع الأوساط الأردنية الخطوة التالية في عملية السلام من قبل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
وقد لاحظ السياسيون بأن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وفي سلسلة المشاركات الدولية له على مدار الأيام الخمسة الماضية سجل علنا نفس الأهداف في السلة الإسرائيلية بإصراره على معادلة الثوابت الأردنية والتركيز على أن أمن الإسرائيليين لا يتحقق بدون أمن الشعب الفلسطيني ودولته ذات السيادة.
تلك تأكيدات ملكية أردنية أعقب بعضها المقال الغريب للأمير حسن والذي لم يحظ بتغطية إعلامية موسعة في عمان، مع أن المفكر السياسي البارز عدنان أبو عودة يصر بدوره عندما يتعلق الأمر بمن ينشد السلام وتوقعات ما بعد بايدن، وكما فهمت “القدس العربي” منه مباشرة على أن الرهان المتكثف حول شعار حل الدولتين يضع الطرف العربي في التموقع الخاطئ.
أبو عودة يعتقد بأن الحديث الأمريكي عن حل الدولتين إنشائي ولفظي وليس شرطا أن يتحقق على الأرض أو أن تندفع إدارة بايدن لتطبيقه وتنفيذه.
وحل الدولتين برأي أبو عودة ليس أكثر من شعار أو خطاب يشبه مقولة “الوحدة العربية” التي نعيدها ونكررها دوما وهي غير متحققة، وبالتالي مقاربة المصالح الأردنية العليا في اتجاه واضح وواحد الآن وهو دعم صمود الأهل من الشعب الفلسطيني على الأرض فذلك الخيار الاستراتيجي الوحيد والأساسي أمام الأردن والعرب.
كبتت عمليا الكثير من الاجتهادات المتعلقة بمقالة الأمير الحسن.
لكن التهامس كان كبيرا والحكومة لم تقل كما فعلت في الماضي بأن مضمون مقال الأمير لا يمثلها وإن كانت وزارة الخارجية قد امتنعت فقط عن التعليق.
المصدر : القدس العربي