تأجيل جلسة مجلس الوزراء اللبناني تفاديا لتفجيره بعد فشل التوصل إلى حل بشأن المحقق العدلي
وهج 24 : بعد 16 عاما على الصراع الذي نشأ حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بين الثنائي الشيعي ووزراء 14 آذار/مارس وأسفر عن استقالة الوزراء الشيعة وإقفال مجلس النواب، عاد المشهد السياسي هو ذاته ولكن حول قضية تفجير مرفأ بيروت التي رفض حزب الله بداية أي تحقيق دولي بشأنها، داعيا إلى الاكتفاء بالتحقيق المحلي اللبناني قبل أن تبدأ الاتهامات كلما تقدم التحقيق في المجلس العدلي مرورا بإقالة القاضي فادي الصوان أولا بذريعة الارتياب المشروع وصولا إلى المطالبة بـ”قبع” القاضي طارق البيطار بذريعة الاستهداف السياسي خدمة لأجندات خارجية ضد المقاومة.
ولأن مجلس الوزراء سيكون أمام امتحان كبير وأمام مفترق طرق: إما تطيير البيطار أو تفجير الحكومة، ولأنه لم يتم التوصل إلى صيغة حل يرضى بها الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل الذي لن يقبل بأقل من إقالة المحقق العدلي أو الطلب من مجلس القضاء الأعلى استبداله، فقد تم إلغاء جلسة مجلس الوزراء لمزيد من الاتصالات على خط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري من دون تحديد موعد جديد. وجاء في بيان لمكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية: “بعد التشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تقرر تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم”.
وكان وزير العدل هنري خوري تمسك بوجهة نظره القائلة بأنه لا يمكن للسلطة التنفيذية التدخل في عمل القضاء انطلاقا من مبدأ فصل السلطات، وأي تغيير للمحقق العدلي هو شأن مجلس القضاء الأعلى الذي اكتمل عقده. وهذا ما رد به على زميله الشيعي وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى الذي قدم مطالعة قانونية طالب فيها باسم الرئيس بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بتغيير القاضي البيطار تحت طائلة الانسحاب من الحكومة.
وسبق تأجيل مجلس الوزراء، ضخ إعلامي كثيف في الإعلام القريب من الثنائي الشيعي ضد التحقيق العدلي واستنسابيته واتهامات طالت القاضي البيطار بالتسييس. وتحت عنوان “لبنان لا يحتمل ديتليف ميليس آخر”، في إشارة إلى المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وجهت صحيفة “الأخبار” اتهامات إلى الفريق الخصم بأنه “لا يتعلم من دروس التاريخ”، وذكرت أن “الفريق نفسه ينشط من جديد، وبكل عدته الداخلية القديمة أو المستجدة، ومعه الفريق الخارجي من أمريكا وبريطانيا وفرنسا (وألمانيا المنضمة بتورط خبيث وخطير أيضا)، وكذلك السعودية والإمارات العربية المتحدة وآخرين”.
وقالت “انطلق هؤلاء في رحلتهم الجديدة بالمطالبة أيضا بتحقيق دولي في جريمة انفجار المرفأ. لكنهم واجهوا صعوبة بفعل موازين القوى. ولأنهم هذه المرة لم يملكوا الوقت الكافي لبرمجة الأهداف بطريقة مختلفة، وكانوا في عجلة من أمرهم بغية تحويل النتائج الشعبية لحراك تشرين 2019 ومن ثم تفجير المرفأ إلى وقائع للإمساك بكامل مفاصل الدولة، أضافوا إلى جدول أعمالهم بند الإنهاك الجماعي للبنانيين، من خلال حفنة من التجار واللصوص والمرتهنين الذين لا يزالون في مواقعهم الرئيسية في قطاعات الأمن والمال وحتى القضاء. لا هدف لكل هؤلاء سوى ضرب المقاومة وحزب الله”. ووصل الأمر بالصحيفة إلى حد اتهام البيطار باستقبال السفيرة الأمريكية دوروثي شيا في منزله وكذلك دبلوماسيين أوروبيين.
وأثارت تهديدات نصر الله امتعاض قوى سياسية محلية، وأطل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد اجتماع طارئ لـ”تكتل الجمهورية القوية” ليرفض الابتزاز. وقال “أي ابتزاز إضافي تخضع له رئاستا الجمهورية والحكومة بخصوص تحقيقات جريمة المرفأ هو بمثابة مسمار إضافي وربما أخير في نعش ما تبقى من دولة لبنانية وهو ضربة معنوية كبيرة للمؤسسة القضائية التي ما زال الرأي العام الداخلي والخارجي يعول ولو على جزء منها لقيام دولة الحق والحرية والقانون بعد طول انتظار”. وأكد أن “المطلوب اليوم من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة مجتمعة أن يتحملوا مسؤولياتهم في رفض الإذعان لترهيب حزب الله، وأما إذا أوقفوا التحقيقات بملف المرفأ خضوعا لهذا الترهيب فعليهم الاستقالة فورا”. وختم جعجع: “في ما يتعلق بالتهديد باللجوء إلى أساليب أخرى لمحاولة قبع القاضي بيطار فإنني أدعو الشعب اللبناني الحر ليكون مستعدا لإقفال عام شامل سلمي في حال حاول الفريق الآخر استعمال وسائل أخرى لفرض إرادته بالقوة”.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قال تعليقا على التهديدات: “نرفض ترهيب القاضي اللبناني ونعتبر أن إرهاب حزب الله يقوض سيادة لبنان”، مشيرا إلى أن “الحزب مهتم بمصالحه وإيران أكثر من مصلحة لبنان”.
كذلك فإن الناطق باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لفت إلى ضرورة “أن ينتهي التحقيق القضائي بأسرع وقت، ووجوب أن يكون مستقلا وشفافا وذات صدقية، وأن يستمر من دون أي تدخل في الإجراء القضائي على أن يحاكم المسؤولون عن الانفجار”.
المصدر : القدس العربي