الرئيس اللبناني يرعى تسوية حول المحقق العدلي وترقب لإطلالة نصر الله مساء الاثنين

وهج 24 : في وقت لا تزال الأجواء مشحونة بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة، وفيما لا يزال الثنائي الشيعي يوجه الاتهامات إلى حزب القوات اللبنانية بالوقوف وراء إطلاق النار مضيفا شرط محاسبة المرتكبين إلى شرط إقالة المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار للعودة إلى مجلس الوزراء، بدا أن ثمة تسوية يسعى إليها رئيس الجمهورية ميشال عون لإرضاء الثنائي الشيعي تسحب فتيل التوتر وتحاول حفظ ماء الوجه للجميع انطلاقا من مبدأ فصل السلطات.

وفي هذا الإطار، يجتمع مجلس القضاء الأعلى يوم الثلاثاء المقبل مع القاضي البيطار، للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق، بعد اجتماع ضم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه حيث جرى البحث في الأحداث الأمنية التي حصلت في الطيونة وضرورة الإسراع في التحقيقات الجارية لكشف الملابسات الكاملة لما حصل وإحالة المتسببين بهذه الأحداث على القضاء المختص. وشدد ميقاتي على أن “الملف الكامل  لما حصل هو في عهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص”. كما أكد أن “الحكومة حريصة على عدم التدخل  في أي ملف يخص القضاء، وأن على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسبا من إجراءات”.

ويتزامن عقد الاجتماع القضائي مع بدء العقد العادي لمجلس النواب وما يعنيه من عودة للحصانات النيابية مع أن أوساطا قضائية لديها اجتهاد بأن بدء العقد العادي لا يوقف الملاحقة التي بدأت بحق النواب، ويأتي هذا الاجتماع بعد اطلالة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الاثنين ينتظر أن يواصل فيها لغة التهديد والوعيد والدعوة إلى المحاسبة بعد أحداث الطيونة.

إلى ذلك، برز تطور على علاقة بهذه الأحداث التي يتم فيها تحميل القوات اللبنانية المسؤولية عن إطلاق النار، إذ انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر كيف تصدى الجيش اللبناني للمتظاهرين بعد لجوئهم إلى التخريب وتحطيم السيارات والممتلكات العامة وترهيب المواطنين. ويظهر الفيديو المتداول جنديا من الجيش اللبناني يطلق النار بعد احتدام الاشكال في اتجاه أحد المتظاهرين ويرديه أرضا، وقد احتل هذا الفيديو التراند في لبنان على موقع “تويتر” تحت عنوان #كذبة_الكمين ما دفع بقيادة الجيش إلى إصدار بيان جاء فيه “انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر عسكريا يُطلق النار باتجاه المتظاهرين خلال المواجهات التي اندلعت قبل يومين في منطقة الطيونة. يهمُ قيادة الجيش أن توضح أن العسكري مُطلق النار يخضع للتحقيق باشراف القضاء المختص”.

اما البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي التزم الصمت منذ الخميس الفائت، فخرج الاحد بموقف لافت يرفض فيه التهديد وفبركة الاتهامات والتسويات والتشكيك بالقضاء. وقال “وفر لنا النظام الديموقراطي وسائل سلمية للتعبير عن الرأي قبولا أو رفضا، تأييدا أو معارضة، وبالتالي لا يجوز لأي طرف أن يلجأ إلى التهديد والعنف، وإقامة حواجز حزبية أو عشائرية على الطرق العامة، لينال مبتغاه بالقوة. إن المس بالسلم الوطني وبحسن الجوار الأخوي مرفوض أيا يكن مصدره. نرفض أن نعود إلى الاتهامات الاعتباطية، والتجييش الطائفي، والإعلام الفتنوي. نرفض أن نعود إلى الشعارات الجاهزة، ومحاولات العزل، وتسويات الترضية. نرفض أن نعود إلى اختلاق الملفات ضد هذا الفريق أو ذاك، واختيار أناس أكباش محرقة، وإحلال الانتقام مكان العدالة”.

واضاف “نذرنا أنفسنا من أجل تعزيز روح المحبة والشراكة بين جميع اللبنانيين، وندعو جميع الأفرقاء إلى التلاقي لقطع دابر الفتنة. ونؤيد ما جاء في كلمة فخامة رئيس الجمهورية حين أعلن أنه يرفض التهديد والوعيد، وأخذ لبنان رهينة، وأكد تمسكه بالتحقيق العدلي، وحذر من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء”. وتابع: “فلنحتكم في خلافاتنا إلى القانون والقضاء، ونمحضهما ثقتنا، ولنحرر القضاء من التدخل السياسي، والطائفي والحزبي ولنحترم استقلاليته وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، ولندعه يصوب ما وجب تصويبه بطرقه القضائية. ما من أحد أعلى من القضاء والقانون. وحدهما كفيلان بتأمين حقوق جميع المواطنين، فالقانون شامل والقضاء شامل. إن الثقة في القضاء هي معيار ثقة العالم بدولة لبنان. والتشكيك المتصاعد بالقضاء منذ فترة لم ينل من القضاء فحسب، بل من سمعة لبنان أيضا، إذ أجفل الدول المانحة والشركات التي كانت تنوي الاستثمار في المشاريع التي يتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. إن هذه الحرب الممنهجة على جميع مؤسسات الدولة تدفعنا إلى التساؤل: ماذا يريد البعض بعد من لبنان ومن شعب لبنان؟ ألا يكفي الانهيار المالي والاقتصادي؟ ألا تكفي رؤية اللبنانيين، جميع اللبنانيين، أذلاء ومقهورين ومشتتين ومهجرين ومهاجرين؟”.

وأبدى البطريرك دعمه الجيش بقوله “ندعم دور الجيش في الحفاظ على الأمن القومي، وقد نجح في الأيام الأخيرة في حصر مناطق الاشتباك، ومنع توسع الاعتداء على الأحياء السكنية الآمنة. لقد أظهر الجيش اللبناني أن القوة الشرعية، بما تمثل من أمن، هي أقوى من أي قوة أخرى مع كل ما تمثل من إخلال بالأمن. وفي هذا الإطار، إن الحكومات موجودة لمواجهة الأحداث. فمجلس الوزراء الذي أصبح مع دستور الطائف مركز السلطة الإجرائية يجدر به أن يجتمع ويؤكد سلطة الدولة ويتخذ القرارات الوطنية اللازمة، ويجدر بكل وزير احترام هذه السلطة، وممارسة مسؤوليتهم باسم الشعب اللبناني لا باسم نافذين. لا يجوز الاستقواء بعضنا على بعض لأن الاستقواء ليس قوة، ولأن القوة لا تخيف المؤمنين بلبنان. لا يوجد ضعيف في لبنان، فكلنا أقوياء بإرادة الصمود والدفاع عن النفس، وعن أمننا وكرامتنا وخصوصيتنا. كلنا أقوياء بحقنا في الوجود الحر وبولائنا للوطن من دون إشراك”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا