البابا فرنسيس يشدّد خلال لقائه ميقاتي على وقف نزيف الهجرة الكبير من لبنان

وهج 24 : أعرب البابا فرنسيس “عن قلقه من نزيف الهجرة الكبير لدى كل الطوائف في لبنان”، داعياً إلى “أن يكون للإنسان في لبنان، كما في كل دول العالم، ما يحفظ حريته وكرامته واستقلاليته”، مشدداً على “استعادة لبنان دوره كنموذج للحوار والتلاقي بين الشرق والغرب، وعلى تعاون جميع اللبنانيين من أجل انقاذ وطنهم، وطن الرسالة”.

وجاء موقف البابا إثر استقباله في الفاتيكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الذي شرح توجهات الحكومة اللبنانية حيال التحديات التي تواجه لبنان، وكشف أنه “لمس ارتياحاً بابوياً لما نقوم من جهد في المحافظة على الأمن والاستقرار في لبنان ومعالجة الصعوبات الهائلة التي يمرّ بها لبنان، وتشجيعاً على الاستمرار في التزام الخيارات الوطنية التي يجمع عليها اللبنانيون، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين لبنان والعالم”.

ولفت ميقاتي إلى “أن المسيحيين في لبنان بقدر ما يشعرون بالأمان بقدر ما ينعكس ذلك على جميع المسيحيين في الشرق”.

ودام اللقاء في مكتب البابا حوالى نصف ساعة خرج بعده الرئيس ميقاتي ليدلي بتصريح جاء فيه: “سعدت اليوم بلقاء قداسة البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، ونقلت اليه محبة اللبنانيين الخاصة له من كل الطوائف وتقديرهم وامتنانهم على الاهتمام الذي يوليه لهم ولوطنهم من خلال المتابعة الدائمة والحرص على أن يبقى لبنان وطن الدور والرسالة. كذلك نقلت إلى قداسته تحيات فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكدت دعوة فخامته لقداسة البابا لزيارة لبنان قريباً، لإن جميع اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة وينظرون إليها بوصفها أملاً جديداً لهم، على غرار الزيارات السابقة التي قام بها عدد من البابوات وأر برزها زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني صاحب الشعار الشهير” لبنان أكبر من وطن، إنه رسالة”.

رئيس الحكومة دعاه لزيارة بيروت: شعور المسيحيين اللبنانيين بالأمان ينعكس على مسيحيي الشرق

وقال “لقد حمّلني البابا  فرنسيس محبته الكبيرة إلى اللبنانيين وتعاطفه معهم في هذه الظروف العصيبة التي يعيشونها، مجدداً ثقته بأن اللبنانيين قادرون على تجاوز المحنة، ومشدداً على أهمية استمرار الدور الذي يقوم به اللبنانيون وتفاعلهم مع محيطهم العربي، ما يبقي لبنان بلداً ريادياً وذا فرادة. وأكد قداسته أنه سيبذل كل جهده في كل المحافل الدولية لمساعدة لبنان على عبور المرحلة الصعبة التي يعيشها وإعادة السلام والاستقرار إليه، ولكي ينعم اللبنانيون بالعيش الكريم. كذلك تناول البحث الأوضاع العامة في المنطقة والتطورات التي تحصل فيها، وكان تأكيد متبادل على أهمية تفعيل العلاقات الاسلامية – المسيحية، وثمّنت عالياً وثيقة الأخوة الإنسانية التي كان وقعها قداسة البابا وسماحة شيخ الأزهر أحمد الطيب في اللقاء التاريخي الذي كانا عقداه في الإمارات العربية المتحدة عام ٢٠١٦، تتويجاً لجهود مشتركة قاما بها منذ أعوام، لنشر ثقافة الحوار والتعايش بين أتباع الرسالات السماوية”.

وأضاف ميقاتي “لقد طمأنت قداسة البابا والمسؤولين في الكرسي الرسولي الذين التقيتهم أن لبنان سيبقى ملتقى للحضارات والثقافات المتعددة، وأن التعايش الإسلامي والمسيحي فيه قيمة كبرى يحرص اللبنانيون، إلى أي طائفة انتموا، على حمايتها وتعزيزها لأنها أثبتت أنها قادرة، على رغم ما تعرّض له لبنان في تاريخه القديم والحديث، على إعادة إنتاج الصيغ التوافقية التي نهضت بلبنان من الكبوات التي مني بها. وهذه القيمة باتت نموذجاً يحتذى لمعالجة ما تعرّض له الوجود المسيحي من خضات في عدد من الدول العربية. كما شددت على أن الحرب التي كادت أن تقضي على عيشنا المشترك علّمتنا كيف نحمي هذه الميزة الفريدة، وأننا نجاهد اليوم للحفاظ عليها  رغم التحديات والمخاطر، لأن فيها ضمانة لمستقبل اللبنانيين من دون تمييز، وضرورة أيضا لمحيطهم العربي، وإرادة طوعية لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة. فالتجربة اللبنانية ليست فقط للداخل اللبناني، بل هي من خلال صيغتها المتجددة، النموذج الذي يمكن للعالم العربي الإفادة منه لأنه حاجة للمجتمعات التي تتميّز بالتنوع والتعدد”.

وتابع رئيس الحكومة اللبنانية “لقد سمعت من المسؤولين في الكرسي الرسولي كلاماً مشجعاً حول أهمية المحافظة على الوفاق الوطني بين اللبنانيين وضرورة توفير كل مقومات النجاح له، لان به خلاص اللبنانيين وقدرتهم على المحافظة على وطنهم واحداً موحداً تسوده الالفة والمحبة والتعاون بين كل مكوّناته لتنمو اكثر فاكثر ثقافة الحوار والتسامح  بين المسلمين والمسيحيين الذين يؤمنون بالله الواحد الاحد الذي لا شريك له، وينبذون بقوة الضغينة وعدم التسامح والقهر والتعصب بكل أشكالها وتحت كل سماء”.

وختم “خرجت من هذا اللقاء مع قداسة البابا فرنسيس بارتياح تام خصوصاً وأنه على إطلاع كامل على الأوضاع اللبنانية والظروف التي نعيشها، ويشدّد على ضرورة تعاضد كل الإرادات للحفاظ على الرسالة اللبنانية ووقف نزيف الهجرة الكبير من كل الطوائف اللبنانية، وهو يعمل على أن يكون للانسان في لبنان، كما في كل دول العالم، ما يحفظ حريته وكرامته واستقلاليته، وهي قيم لن يألو الفاتيكان جهداً في المحافظة عليها .

إننا في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان في أمسّ الحاجة إلى الصلاة ليقي الله وطننا الويلات والشرور، كما أننا في أمسّ الحاجة إلى دعم الاصدقاء على كل الصعد، خصوصاً على الصعد الاقتصادية والاجتماعية”.

بعد ذلك، عقد الرئيس ميقاتي اجتماعاً بأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بياترو باروليني في حضور عضوي الوفد اللبناني وزير العدل هنري خوري ووزير السياحة وليد نصار وسفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن.

وفي خلال الاجتماع، شدّد باروليني على “أن لبنان أساسي للوجود المسيحي في الشرق وهو كان على الدوام مثالاً للعالم حول كيفية تعايش المجتمعات مع بعضها البعض”. ولفت إلى أن “لبنان يحظى باهتمام خاص من الكرسي الرسولي”. وأكد “أن صدقية أي حكومة أن تؤمن التزامات البلد خاصة مع المجتمع الدولي”. وأعرب عن قلقه من الوضع الاجتماعي في لبنان والأوضاع الاقتصادية التي يرزح اللبنانيون تحتها، ونوّه بشجاعة رئيس الحكومة في تحمل المسؤولية الصعبة رغم إدراكه المسبق بخطورتها”.

وقال “إن الفاتيكان سيبذل جهوداً لدعم لبنان في المحافل الدولية”، مشدداً “على ضرورة أن يكون لبنان على أفضل العلاقات مع محيطه العربي والمجتمع الدولي”.

وكان البابا فرنسيس أعلن قبل أشهر “أن إضعاف المكوّن المسيحي في لبنان يهدّد بالقضاء على التوازن الداخلي”، وأكد على “ضرورة أن تحافظ بلاد الأرز على هويتها الفريدة من أجل ضمان شرق أوسط تعددي متسامح ومتنوع، يقدم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه أقلية فحسب”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا