المستوطنون لا يعرفون معنى العيد: مجزرة بحق 450 شجرة في بلدة ترمسعيا بالقرب من رام الله
الشرق الأوسط نيوز : لم ينتظر المزارع الفلسطيني طلال جبارة، الذي يحمل الجنسية الأمريكية وابن بلدة ترمسعيا شمال مدينة رام الله، انتهاء أيام العيد كي يذهب إلى مزرعته الجديدة من أجل ريها بالماء ورعايتها، حيث خصص صبيحة ثالث أيام العيد لزيارة المزرعة الصغيرة التي تضم 200 شجرة.
وبمجرد أن وصل المزرعة، التي تقع في منطقة السهل بين أراضي بلدة ترمسعيا والمغير شمال شرق مدينة رام الله، حتى انفطر قلبه من هول المنظر الذي شاهده.
لقد جاءت جماعات المستوطنين المتطرفين، مساء البارحة، بحسب تقديراته الأولية، (ثاني أيام عيد الأضحى) وقطعوا الأشجار الصغيرة، ودمروا الأسيجة الشائكة المحيطة بالمزرعة، وكذلك براميل الماء والمغاسل والحمام الصغير.
إلى جانب مزرعة جبارة، الذي قدم من الولايات المتحدة الأمريكية عام 2000، وقرر البقاء في البلدة التي يشتهر أهلها بالسفر والعمل، دمر المستوطنون المتطرفون مزرعة محمد السويكي، حيث اقتلعوا وكسروا 250 شجرة أيضا.
وبحسب منسق جمعية المزارعين الفلسطينيين الخيرية محمد علوان، فإن عددا من مستوطني مستوطنة “عادي عاد”، المقامة على أراضي بلدتي ترمسعيا والمغير، اقتحموا “منطقة السهل”، واقتلعوا 200 شجرة وشتلة زيتون تعود للمواطن طلال جبارة من ترمسعيا، و250 شجرة برقوق ودراق وعنب ولوزيات تعود للمواطن محمد السويكي.
وأضاف علوان أن هذا ليس الاعتداء الأول على المنطقة، إذ قام المستوطنون قبل عدة أيام بإحراق مركبة في ترمسعيا، واعتدوا على امرأة مسنة وأبنائها، بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وقال جبارة، الذي يبلغ من العمر 74 عاما، في حديث مع “القدس العربي”: لقد قلبوا كياني، شيء ما أشعرني أنه علي العودة للمزرعة من أجل السقاية ورغبة في الاطمئنان عليها، ولا سيما أن المستوطنين لا يُؤمن غدرهم.
وشدد جبارة: “المستوطنون لا يعرفون العيد، إنهم يستغلونه بمزيد من الهجمات علينا”.
ومنذ أكثر من 22 عاما، عندما قرر جبارة أن يعود من حياة الغربة في الولايات المتحدة الأمريكية والعودة للأرض والتراب والزراعة، وهو يناضل من أجل البقاء في المكان.
جبارة له من الأبناء تسعة، جلهم في أمريكا، حيث يعيش هو وزوجته من ثمر الأرض التي يزرعها.
وليس هذا الاعتداء الأول الذي تعرض له جبارة، حيث تعرّض في سنوات ماضية إلى اعتداءات منظمة عندما كسر المستوطنون “سيارة الماغنوم” خاصته.
ويؤكد جبارة أنه يملك ما يقرب من 50 دونما من الأراضي في البلدة ومحيطها، وهو عمل على شراء الأراضي، ومن ثم استصلاحها والاعتناء بها، حيث تعتبر المزارعة التي تم استهدافها فجر اليوم جديدة بدأ العمل عليها منذ عامين تقريبا.
ويؤكد المزارع نضال ربيع أن الخال أبو ابراهيم (يقصد طلال جبارة) جاء صباحا ليسقيها من عرقه، ويعيّد عليها، لأن العيد لم ينته، والشجرة هي الرحم بالنسبة للمزارع الفلسطيني، هي البنت والأم والعمة والخالة”. وأضاف ربيع، وهو مزارع من البلدة ترك أمريكا أيضا وعاد إلى الأرض، أن جبارة وجد المجزرة، أكثر من 200 غرسة زيتون وتخريب لتنكات المياه، ولم يكتفوا بذلك، بل قطعوا السياج لمزرعة أبو سمير السويكي، جار أبو إبراهيم، وعاثوا فسادا حيث قطعوا شجرة الدراق والبرقوق والتين واللوز والدوالي (العنب).
وأضاف ربيع: “كما هو الحال دوما، سنزرعها من جديد، ولن نترك الأرض أبدا”.
والتقط نضال بدوره مجموعة من الصور التي توثق طبيعة الاستهداف للمزرعتين، وتظهر بدورها جانبا من الدمار الذي لحق بالأشجار على اختلاف أنواعها حيث تتنوع بين القطع وتدمير الجدران و”بقر” خزانات المياه وهدم الأسيجة.
وأظهر المشهد المياه التي تم إهدارها من خزانات بيضاء ضخمة كان أبو جبارة ملأها من أجل سقاية أشجاره.
وبحسب منظمة المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة” (بتسيلم)، فإن سكّان بلدة ترمسعيا يعانون من هجمات متكرّرة يشنّها عليهم المستوطنون ويعتدون خلالها عليهم وعلى ممتلكاتهم.
وأكدت المنظمة أن هذا النوع من الهجمات هو أداة إضافيّة يستخدمها المستوطنون لكي يستولوا على أراضٍ فلسطينيّة في أنحاء الضفة الغربيّة، وضمن هذه السّياسة توفّر دولة الاحتلال للمستوطنين الحماية العسكريّة أثناء الهجمات، بل وأحياناً يشارك الجنود أنفسهم فيها ولاحقاً توفّر لهُم الحماية من المساءلة والمحاسبة عبر جهاز إنفاذ القانون.
وبحسب وحدة نظم المعلومات الجغرافية في مركز أبحاث الأراضي، فإن بلدة ترمسعيا تقع إلى الشمال الشرقي لمدينة رام الله تحديداً على مسافة 25 كم عن المدينة، حيث يبلغ عدد سكانها المقيمين بالبلدة حالياً قرابة 2464 نسمة حتى عام 2017م، ويتوزعون على عائلتين رئيسيتين هما: عواد وجبارة بالإضافة إلى عائلات صغيرة من أصل لاجئ هم: شلبي، كوك، حزماوي. وتبلغ المساحة الإجمالية للبلدة 18,139 دونم منها 1,350 دونماً عبارة عن مسطح بناء البلدة. وتم تصنيف أراضيها إلى مناطق B والبالغة مساحتها (11,218) دونماً، بينما مناطق C تبلغ مساحتها (6,921) دونماً. كما صادر الاحتلال مساحات واسعة لصالح الاستيطان، حيث نهبت المستعمرات الإسرائيلية من أراضي القرية مساحة (1,023) دونماً، لصالح مستعمرة “شيلو”، والتي تأسست عام 1978م وصادرت من الأراضي الفلسطينية 706 دونماً، ويقطنها 1,810 مستعمراً. ومستعمرة “متسبيه راحيل” التي تأسست عام 1992م وصادرت 317 دونماً. كما أقام الاحتلال على أراضيها جزءاً من الطريق الالتفافي رقم (60) والذي نهب 12.5 دونماً.
يذكر أن “الإدارة المدنية الاحتلالية قامت عام 2018 بالعمل شرعنة البؤرة الاستيطانية “عادي عاد”، المقامة على أراضي القرى الفلسطينية ترمسعيا، المغير، جالود وقريوت، الواقعة جنوب شرق مدينة نابلس، وأقيمت عام 1998على مقربة من مستوطنة “شيلو”.
يذكر أن اعتداءات المستوطنين لم تتوقف على مدى أيام العيد الأضحى المبارك.
قمع في الخليل
وفي سياق متصل، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي وقفة منددة بالاستيلاء على أراضي المواطنين في بلدة بني نعيم شرق مدينة الخليل.
وذكر شهود عيان بأن جنود الاحتلال اعتدوا بالضرب على المواطنين ونشطاء ضد الاستيطان، وأطلقوا قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ونكلوا بالشبان، وقاموا بإبعادهم بالقوة من المكان، كما اعتدوا على الطواقم الصحفية ومنعوها من التغطية بحجة أن المنطقة عسكرية مغلقة.
ونوهت المصادر إلى أن ملكية الأراضي المستهدفة بالاستيلاء تعود لعائلة المناصرة، وتقع في منطقة الحمرا وتبلغ مساحتها أكثر من 40 دونما.
وشارك في الوقفة، التي رفعت فيها الأعلام الفلسطينية، أصحاب الأراضي ومزارعون ونشطاء ضد الاستيطان.
يشار إلى أن مستوطني مستوطنة “بني حيفر” المقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم شرق الخليل، أقدموا في الأيام الأخيرة على تسييج أراض وإقامة كرفان استيطاني فوق الأراضي المستهدفة تمهيدا للاستيلاء عليها.
المصدر : القدس العربي
