تزامناً مع زيارة بايدن لبيت لحم.. الفلسطينيون: ماذا ننتظر ممن أخفى قاتل أبو عاقلة؟

بقلمجاكي خوري ….

 

كانت القيادة الفلسطينية ترى في كل زيارة لرئيس أمريكي إلى الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين فسحة أمل، خاصة للذين كانت لهم وقفة استراحة في رام الله أو في بيت لحم. ولا يهم الرأي العام الفلسطيني ما إذا كان الأمر يتعلق برئيس من الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، فكل زيارة كهذه رمزت إلى مدخل لتحريك العملية السياسية حتى لو كانت محدودة الحجم. زيارة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، استثنائية، خاصة زيارة رئيس له تجربة غنية في الساحة السياسية.

 ظهرت الأمور بصورة مختلفة في بداية ولاية بايدن. وسارع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى تهنئة الرئيس الأمريكي عند توليه منصبه وبشر باستئناف العلاقات مع الإدارة الأمريكية بعد أربع سنوات من القطيعة. المحادثات المباشرة مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حظيت بالثناء في البداية. “لم أسمع في أي يوم وزير خارجية أمريكي تحدث معنا بهذه الصورة”، وصف ذلك مصدر فلسطيني رفيع. تلقت رام الله إشارات في حينه من جانب الحزب الديمقراطي بشأن تغيير كبير يلوح في الأفق وتصريحات حول التزامات بالدفع نحو حل الدولتين، الأمر الذي سمع في أكثر من مناسبة. ولكن كلما مرت الأسابيع والأشهر تلاشت الآمال.

في محادثات مغلقة أجريت مؤخراً، عبرت مصادر فلسطينية عن خيبة أمل من عدم استجابة الإدارة الأمريكية لمحاولات إعادة العلاقات إلى فترة ما قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، والدفع بخطوات تبني الثقة. أمل الفلسطينيون بفتح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس وفتح مكاتب م.ت.ف في واشنطن، ومساعدات اقتصادية مباشرة. وحتى الآن لم يحدث شيء من ذلك.

نتائج تقرير التحقيق في موت الصحافية شيرين أبو عاقلة، التي نشرت قبل نحو أسبوعين، ورفض الإدارة الأمريكية إعطاء تصريح ملزم بشأن ظروف موتها، اعتُبر ضربة أخرى. “إذا لم ينجحوا في تقديم رد مناسب بشأن قضية تتعلق بمواطنة أمريكية، فكيف نأمل منهم خطوة سياسية مهمة؟”، شرح موظف فلسطيني رفيع. وأشار أيضاً إلى اختيار أقوال بايدن أثناء هبوطه في مطار بن غوريون هذا الأسبوع: “عندما يعلن الرئيس الأمريكي بأنه صهيوني فما الذي يمكن أن نأمله”، لخص أقواله.

من المتوقع استقبال بايدن اليوم في بيت لحم بالابتسام، حتى لو كانت رسمية جداً. يتوقع أن يكون لقاؤه مع عباس قصيراً جداً، وسيصدر الاثنان في ختامه تصريحات. حتى مساء أمس، لم ينجح الطرفان في التوصل إلى تفاهمات بخصوص صيغة هذه التصريحات. رفض الطرف الفلسطيني أمس تأييد التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، لا سيما السعودية، بدون أي مقابل سياسي لذلك. ورفضوا الاكتفاء بالتسهيلات الاقتصادية أو التسهيلات المحددة. لذلك، يتوقع أن يسمع من الطرفين تصريحات منفصلة.

التصريحات التي أطلقها بايدن بشأن الاستعداد لحل الدولتين اعتبرها الجانب الفلسطيني غير ملزمة وتدل على عدم رغبة حقيقية في الدفع بعملية سياسية، وأدركت رام الله بأن الإدارة الحالية اختارت مواصلة السير في المسار الذي بدأه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مسار بقي فيه الفلسطينيون في الخلف. وأكدت السلطة الفلسطينية مؤخراً غياب تطرق الرئيس الأمريكي لحدود 1967.

       احتجاج محدود

ظهر الشعور بخيبة الأمل أيضاً في تغطية زيارة بايدن في وسائل الإعلام الفلسطينية. كبار الشخصيات في السلطة تم إعطاؤهم تعليمات بعدم الرد وعدم تضخيم الزيارة. في رام الله وفي بيت لحم تظهر صور أبو عاقلة التي تم تعليقها في كل زاوية أكثر من ظهور الأعلام الأمريكية. “العدالة لشيرين” كشعار للنشطاء الاجتماعيين هو القضية الرئيسية للزيارة، وربما أن الموضوع الذي يمكن للفلسطينيين فيه أن يحققوا تغييراً. أول أمس وأمس أجريت اعتصامات احتجاجية، وضمن ذلك في شرقي القدس وبيت لحم ورام الله. جرت المظاهرات بمصادقة وإشراف. وأجهزة الأمن الفلسطينية لم يسمحوا للاحتجاج بالانزلاق إلى أعمال عنف أو بإجرائها قريباً من الأماكن التي سيزورها الرئيس الأمريكي.

قالت مصادر في الإدارة الأمريكية مؤخراً بأنها تدرك انتقاد الفلسطينيين، لكنها أوضحت بأن هامش العمل السياسي الذي يقف أمام الإدارة الآن محدود جداً. في محادثات مع شخصيات فلسطينية ومع دبلوماسيين عرب، قالوا في الإدارة الأمريكية بأنه يجب على الطرفين إظهار الاستعداد لدفع عملية سياسية كشرط لدفع مثل هذه العملية. وأن عدم استقرار الحكم في إسرائيل وضعف السلطة الفلسطينية لا يسمحان بالدفع بخطوة مهمة. ربما تتغير الصورة بعد انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة، وبعد تشكيل حكومة مستقرة في إسرائيل. على السلطة الفلسطينية الآن الانتظار.

ثمة دعوات في الضفة الغربية وقطاع غزة لإجراء الانتخابات، ولكن قوبلت بشكل بارد من قبل الإدارة الأمريكية وأوروبا. تخشى الإدارة الأمريكية أن تكون خطوة تؤدي إلى فوز حماس وتحطيم السلطة الفلسطينية. “مصادر أمريكية رفيعة أوضحت تفضيل تعزيز السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة على أمل إجراء انتخابات في مرحلة لاحقة، دون الالتزام بموعد زمني”، قال مصدر فلسطيني رفيع هذا الأسبوع. في رام الله يبدو أنهم سيكتفون بتغيير المناصب في الحكومة الحالية.

بقلمجاكي خوري

 هآرتس 15/7/2022

قد يعجبك ايضا