بوركينا فاسو: انقلابات وتدهور أمني في الساحل ومعارضة للوجود الفرنسي- (صور وفيديو)
شبكة الشرق الأوسط نيوز : كشف الانقلاب العسكري في جمهورية بوركينا فاسو، عن أمرين أولهما أن منطقة الساحل تشهد من خلال الأوضاع المتدهورة في مالي والتشاد وبوركينا فاسو، انهيارا أمنيا وسياسيا بالغ الخطورة، متأثرة باتساع نشاط المجموعات الجهادية المسلحة فيها، والثاني أن معارضة الوجود الفرنسي في الساحل أصبحت تتسع بشكل كبير.
فقد جاء الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو بعد أن تمكنت المجموعات الجهادية المسلحة من تطويق عدة مدن بوركينابية، ومن تنفيذ عمليات أفشلت الخطط الأمنية والعسكرية لنظام بوركينا فاسو التي ينشغل الجيش فيها بالسياسة عن جبهات القتال.
وتشهد المناطق الشمالية في بوركينا فاسو منذ أيام، سلسلة متواصلة من هجمات المجموعات الجهادية المسلحة التي استهدفت كلها قوافل خاصة بتموين السكان تحرسها وحدات من القوات الخاصة؛ وأسفرت هذه الهجمات، حسب أرقام أولية نشرها الجيش، عن مقتل عشرات الأشخاص وخسائر مادية كبيرة، وعن نهب محتويات القوافل من مواد غذائية وتموينية أساسية.
وأظهر تواصل الهجمات ونجاح العمليات المسلحة وضعف مقاومة الجيش البوركينابي، فشل نظام العقيد دامبيا، ومهّد الطريق أمام قلب نظامه قبل يومين؛ وهو ما حدث تماما لسلفه روش كابوري الذي أطيح به في يناير الماضي بنفس الحجج والأسباب.
وأكد النقيب إبراهيم تراوري حاكم بوركينا فاسو الجديد (36 سنة) في أول تصريح له لإذاعة “أوميغا” المحلية “أنه من أجل فهم مشكلة بوركينا فاسو يجب الذهاب إلى الأرياف والقرى”، متحدثا عن “أن الجنود لا يتوفرون على الحد الأدنى من الوسائل”، ولا الظروف، حيث “اختفت في القرى كل أوراق الأشجار والأعشاب، لأن الجنود يأكلونها”.
وأشار تراوري إلى أنه “حاول تنبيه الرئيس داميبا، ولكن بلا جدوى”، كما انتقد “الثراء الفاحش لبعض القادة العسكريين، في الوقت الذي يعيش فيه الجنود وضعية مزرية”، حسب قوله.
وبعث رئيس بوركينا فاسو الجديد برسائل طمأنة داخلية وإقليمية، حيث دعا السكان إلى الهدوء، مشيرا إلى أن “لديه ورفاقه خططا لقيادة البلد إلى وضع آمن”، ويعرفون “الشركاء” الذين يريدون “العمل معهم”.
وحث تراوري المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” على عدم القلق، لأن الأمر “قد لا يحتاج إلى 12 شهرا، حتى”، مؤكدا أن “المدنيين هم من سيختارون رئيسهم”، لأن “هدفنا ليس السلطة، وإنما إخراج السكان من هذا البؤس وانعدام الأمن”.
ويتهم رئيس المجلس العسكري الجديد، فرنسا بإيواء الرئيس الانتقالي السابق العقيد دامبيا وبمساعدته في تنظيم هجوم مضاد مستخدما فلول أنصاره الذين لم تتضح لهم الصورة والذين يظنون بأن دامبيا ما زال على رأس السلطة.
ويوجد لدى فرنسا حضور عسكري في بوركينا فاسو عبر قوة “سابر”، وهي وحدة من القوات الخاصة تدرب القوات البوركينابية، وتتمركز في منطقة “كامبوينسين” على بعد حوالي 30 كلم من العاصمة واغادوغو.
وهاجم محتجون غاضبون السفارة الفرنسية في عاصمة بوركينا فاسو، وأضرموا النيران في مبنى حراسة تابع للسفارة، احتجاجا على ما قالوا “إنه التدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية لبلادهم”، وهو ما نفته باريس بشدة.
وأظهر مقطع مصور متداول على مواقع التواصل الاجتماعي عددا من المواطنين البوركينابيين ومعهم مشاعل خارج مقر السفارة الفرنسية، وهم يرددون شعارات “لا لفرنسا”، “لتخرج فرنسا”، كما طالب بعض المتظاهرين بالشراكة مع روسيا بديلا عن فرنسا.
ودانت باريس ما وصفته بـ”أعمال العنف” ضد السفارة الفرنسية لدى بوركينا فاسو، داعية “كل الجهات المعنية لضمان أمن السفارة”.
وأضافت الخارجية الفرنسية في بيان يوم السبت: “ندين بأشد العبارات العنف ضد نفوذنا الدبلوماسي في بوركينا فاسو”.
وزادت تأكيدها بأن “أي هجوم على سفارتنا غير مقبول وندعو الجهات المعنية إلى ضمان أمنها وفق الاتفاقيات الدولية”.
وفي تصريح آخر، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر “إن قاعدة فرنسا العسكرية وسفارتها في بوركينا فاسو “لم تستضف أي منهما بول هنري سانداوغو داميبا” الرئيس الانتقالي المطاح به من طرف الجيش.
ونفت آن كلير لوجندر في تصريح لها أي “تورط لفرنسا في الأحداث الجارية منذ يوم أمس في بوركينافاسو”.
هذا وأبقى الانقلابيون الجدد على اسم الحركة الانقلابية السابقة المنفذة في يناير الماضي، وهي “الحركة الوطنية للإنقاذ والإصلاح”، سعيا منهم لطمأنة العالم على أن الذي تغير هو رأس الحركة وليس برنامجها ولا تعهداتها السابقة.
وفي ردود الفعل، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشدة “أي محاولة لتسلم السلطة بقوة السلاح”.
وقال ستيفان دوغاريك المتحدث باسم غوتيريش إن “الأمين العام يدعو جميع المعنيين للامتناع عن أي أعمال عنف والسعي إلى الحوار”.
وأعرب غوتيريش عن “دعمه التام للجهود الإقليمية الهادفة إلى عودة سريعة للنظام الدستوري في البلاد”، مؤكدا أن بوركينا فاسو “تحتاج إلى السلام والاستقرار والوحدة لتتمكن من مكافحة المجموعات الإرهابية والشبكات الإجرامية التي تنشط في عدة مناطق من البلاد”.
ودعت الولايات المتحدة بدورها “جميع الأطراف المعنية إلى عودة الهدوء وضبط النفس”.
كما حذر الاتحاد الأوروبي من أن الانقلاب “يعرض للخطر، كافة الجهود التي بذلت لإعادة النظام الدستوري بحلول 1 يوليو 2024″، ودعا الاتحاد “السلطات الجديدة إلى احترام الاتفاقات السابقة”.
وأعرب الاتحاد الإفريقي عن قلقه العميق إزاء “عودة ظهور التغييرات غير الدستورية للحكم في بوركينا فاسو وعبر القارة الإفريقية”، داعيا “الجيش البوركينابي إلى الابتعاد الفوري والكامل عن أي عمل من أعمال العنف أو التهديد، ضد السكان المدنيين وإلى عدم المساس بالحريات العامة وحقوق الإنسان”.
وحث الاتحاد الإفريقي على “الاحترام الصارم للمواعيد الانتخابية من أجل العودة إلى النظام الدستوري في موعد أقصاه 1 يوليو 2024″، مجددا التأكيد على “استمرار دعمه لشعب بوركينا فاسو من أجل ضمان السلام والاستقرار والتنمية في البلاد”.
واهتمت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، أكثر بالمطالبة باحترام المسار المتفق عليه معها من طرف الرئيس المخلوع العقيد داميبا، والمتمثل في العودة للمسار الدستوري في أجل أقصاه تموز/ يوليو 2024.






المصدر : القدس العربي
