إيران ليست دولة شعارات

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …. 

 

بفضل حنكة القيادة الإيرانية والدبلوماسية الإيرانية وخبرة وكفاءة مفاوضيها تبقى الحقيقة تقول بأن السياسة هي فن التفكير في الطريق أو السليم الذي يوصل إلى تحقيق المصالح والحصول على الفوائد، وهذا النوع من السياسة رأيته في السياسة الأميركية حيث كل جديد يصل البيت الأبيض له تفكيره وطريقته في تسيير بلد إسم الولايات المتحدة الأميريكية، أقول هذا وخاصة في زيارة عميد الدبلوماسية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان إلى لبنان أمس واليوم ولقاءاته فيها وألتي توجت في اللقاءات الهامة مع مسؤولي الفصائل الفلسطينية وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وأوصل رسائل مهمه أن إيران لا تترك شركائها في محور المقاومة ووضعهم في تفاصيل عودة العلاقات الدبلوماسية الإيرانية السعودية.
وعودة إلى حنكة الدبلوماسية الإيرانية في المنطقة والأقليم والعالم وخاصة فيما يتعلق بالعقوبات الدولية المفروضة على إيران من قبل الإدارة الأميركية وخاصة في ملف النفط فإنه بوصول بايدن للبيت الأبيض قام بتدمير حصار ترامب على النفط الإيراني وأسهم في إنهاء سياسة تصفير التصدير من جهة وإيران لم تعد بحاجة إلى الوصول إلى إتفاق نووي جديد من جهة ثانية، وهذا يعني أن الرئيس بايدن سار عكس إتجاه ترامب في عقوباته ضد النفط الإيراني، وحينما رفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب شعار الضغط الأقصى كسياسة أميركية في مواجهة إيران وقت أنسحاب الولايات المتحدة من الأتفاق النووي لعام 2015، أعلن أن الهدف هو إيصال إيران إلى نقطة صفر تصدير النفط ، ولم يعمر طويلاً وإذا بكل المؤشرات والتقارير للجهات المتخصصة في سوق الطاقة تطل لتعلن مضاعفة إيران إنتاجها وتصدير النفط في عهد إدارة جو بايدن، ووفقاً لبيانات صادرة عن البنك المركزي الإيراني مؤخراً إرتفعت صادرات النفط في البلاد محققة ( 38723 ) مليون دولار أميركي في 2021، وهو عام مجيء جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، في حين حققت ( 21043 ) مليوناً دولار في عام 2020، و (29016 ) مليوناً دولار في عام 2019، و (60735 ) مليوناً دولارعام 2018، ويبقى القول بأن مضاعفة إنتاج وتصدير النفط الإيراني خلال عهد بايدن مع إستمرار العقوبات الأميركية المفروضة على إيران هو اليوم يثير تساؤلات حول أسباب إرتفاع حجم الإنتاج والتصدير على رغم العقوبات، ولا سيما خلال إدارة بايدن، لتلقي الضوء على فاعلية النظام الأميركي ومدى تحقيقه بنجاح، فضلاً عن تفاهمات الولايات المتحدة وإيران الأخيرة، وهل كانت إدارة بايدن تتغاضى عن تصدير إيران في ظل الحاجة الأميركية إلى زيادة الإنتاج في السوق العالمية وخفض الأسعار ..؟ أي هل عوض تهريب إيران النفط ما أتخذته منظمة ” أوبك ” من قرارات في شأن خفض الإنتاج لذا تغاضت الولايات المتحدة الأمريكية عن التهريب ..؟ ويقال اليوم بأن إنخفاض الإنتاج من السعودية والأعضاء في منظمة أوبك، منذ تنفيذ خفض الإنتاج للمرة الأولى في تشرين ثاني/ نوفمبر 2022 عوض حتى الآن من خلال زيادة الإنتاج من الدول الأخرى المنتجة، وكانت إمدادات النفط العالمية في حزيران/ جون الماضي أقل بمقدار 70 ألف برميل في اليوم فقط عن مستويات تشرين أول/أكتوبر 2022 قبل بدء الجولة الأولى من خفض أوبك مباشرة، في حين زادت إيران إنتاجها إلى (530) ألف برميل في اليوم خلال الفترة نفسها، لتصل إلى أعلى مستوى منذ خمس سنوات، ويقال اليوم أيضاً بأن إنتاج إيران من النفط إرتفع إلى ( 3 ) ملايين برميل يومياً في تموز /جولي الماضي في أعلى مستوى منذ عام 2018، في حين تتوقع طهران إرتفاعاً جديداً إلى ( 3.5 ) مليون برميل يومياً بنهاية الصيف الحالي، ووفقاً لتصريحات مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية فإن إنتاج إيران من النفط زاد إلى( 600 ) ألف برميل يومياً خلال الأشهر الـ20 الماضية، يعني ذلك من خلال متابعتي لملف العلاقات الإيرانية – الأمريكية بأن الزيادة الإيرانية المعلنة جاءت مع بدء المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما بعد الحرب الروسية ــــــ الأوكرانية وتأثيرها في سوق الطاقة، وفي ظل قرار دول منظمة أوبك الإستمرار في خفض الإنتاج النفطي حتى عام 2024، وهو عكس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد الحفاظ على أسعار الوقود في أميركا لا سيما مع قرب الإنتخابات الرئاسية، ومن ثم فكان توسع الإنتاج في السوق العالمية أمراً مريحاً للولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم يمكن القول إرتفعت صادرات النفط الإيرانية وإنتاجها إلى أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات مع إجراء الولايات المتحدة الأمريكية محادثات نووية معها سواء المعلنة أم السرية أخيراً، ووفقاً لشركة (كبلر ) فإن الصادرات النفطية الإيرانية قد إرتفعت خلال فترة ولاية بايدن، إذ تجاوزت صادرات الخام الإيراني ( 1.5 ) مليون برميل يومياً في حزيران/ ماي الماضي، وهو أعلى معدل شهري منذ عام 2018، الذي بلغ نحو ( 2.5 ) مليون برميل يومياً في 2018، قبل أنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الإتفاق النووي، ويقال اليوم بأن صادرات النفط الخام الإيرانية زادت إلى أكثر من مليوني برميل يومياً، وتبقى تعد الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني، إذ تستورد بمعدل (1.5 ) مليون برميل يومياً، ومن ثم فإن النفط الإيراني يذهب إلى بكين عبر الشراء والتهريب بطرق عدة، كما أنه ونظراً إلى خبرة وكفاءة وحنكة إيران في التعامل مع العقوبات والحظر عبر تطوير أساليب التهريب، لا يمكن بدقة تحديد بيانات النفط الإيراني المصدر، لأسباب واضحة تتعلق بالعقوبات الأميركية، إذ يعاد تصنيف معظم صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الصين على أنها خام من دول أخرى، ويتم ذلك من طريق تزوير وثائق لإخفاء مصدر شحنة النفط الإيراني، وأحياناً تعمل الناقلات الإيرانية إيقاف إشاراتها حتى يصعب تتبعها، وفي حين تعمل إيران على تعزيز إنتاج وصادرات النفط الخام على رغم العقوبات الأميركية التي تستهدف على وجه التحديد قطاع الطاقة، لا يبدو أن نظام الولايات المتحدة الأمريكية نجح في تطبيق سياسة (صفر ) تصدير النفط، في المقابل تتكشف المتغيرات التي تؤكد عدم جدوى إحياء الإتفاق النووي مع إيران، بخاصة إذا وصلت إلى مستويات إنتاج يومي ( 3.5 ) مليون برميل بحسب ما تتوقع، فقبل إعادة فرض العقوبات الأميركية كانت إيران تنتج ( 3.8 ) مليون برميل، ومن ثم فلن يكون هناك أهمية للوصول إلى إتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية لرفع العقوبات، وتبقى الحقيقة بأن إيران لم تحقق هذا من فراغ لكن يبقى المفاوض الإيراني دائما صبوراً ومحنكاً ويتبع سياسة النفس الطويل في مفاوضاته حيث لا يكل ولا يمل حتى يحقق لبلده الشيئ المطلوب منه تحقيقه أو الوصول إلية، والخلاصة أن إيران دولة محورية في المنطقة ودولة أفعال لا أقوال وزيارة عميد الدبلوماسية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لثلاثة عواصم عربية خلال الأيام الماضية تؤكد ذلك.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
لبنان – بيروت 2023/9/1

قد يعجبك ايضا