الفنان خالد بدوي يستحضر فلسطين في المهرجان الدولي للعود في تطوان

شبكة الشرق الأوسط نيوز : ألهب جنبات مسرح إسبانيول في تطوان في افتتاح الدورة 25 من المهرجان الدولي للعود، وهو يستعيد فلسطين من خلال عزفه لأغنية «زهرة المدائن» التي أبدعت في أدائها الفنانة الأسطورية فيروز.
خالد البدوي حمل معه الجمهور إلى حقبة ذهبية من الإبداع العربي في مجال الغناء، كما حمل معه الجمهور ليطل على فلسطين وقضيتها العادلة، خاصة في ظل حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني في غزة.
مشاركة هذا الفنان في المهرجان الدولي للعود، ليست الأولى، بل سبقتها مشاركات أخرى في هذه التظاهرة الفنية التي يترقبها عشاق آلة العود في المغرب وباقي البلدان العربية، وعن ذلك قال خالد البدوي لـ «القدس العربي»: «كانت لي مشاركات سابقة في هذا المهرجان، أولاها بصحبة الموسيقار الراحل سعيد الشرايبي رحمه الله».
وتابع متحدثًا لـ «القدس العربي» عن مشاركته الأخيرة في الدورة 25 ليؤكد «فوجِئت شخصيا بمدى تعلق الجمهور المغربي والعربي والأجنبي الحاضر في هذه الدورة الفضية بسحر العود كما توهجت تجلياته عبر كل الفنانين المشاركين في المهرجان، ولكَم سُرِرت غاية السرور بالتجاوب الوجداني بين مشاركتي بصحبة موسيقيين أصفياء والجمهور الرائع الذي أبان عن ذوق رفيع».
العود، هذه الآلة التي بمجرد النظر إليها تعيد إلى متأملها الذكريات الجميلة حتى وإن كان مجرد مُتلقٍ لا يفقه في أصول العزف عليها، هي ساحرة ورغم ذلك يقول البعض إنها تعاني من المنافسة غير المتكافئة، وتحاول مقاومة «الزمن الموسيقي الحداثي».
لذلك، سألنا الفنان خالد البدوي عن صمود وبقاء هذه الآلة الموسيقية في حلتها الأصيلة دون أن تصلها رياح التغيير لا في الشكل ولا في الإبداع، فأجاب: «يحق القول بهذا الخصوص أن الزبد يذهب جُفاءً وأن ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
وتابع موضحا «للعود تجليات إبداعية رفيعة بدأت في صيغتها الحالية ببين الرافدين والشام، وتألقت في الأندلس، وصاحبت التطور الموسيقي الهارموني طوال القرون الوسطى كموجة المينستريين حتى يومنا هذا» وواصل الفنان توضيحاته بالإشارة إلى أنه من «الثابت تاريخيا أن 90 في المئة من الألحان التي أطربت الأجيال منذ أواخر القرن 19 إلى عهد قريب لُحِّنت بواسطة آلة العود» إذن، يقول البدوي «سيبقى العود آلة محورية في ابتداع أجمل الميلوديات، وهذا في حد ذاته شرط من شروط الخلود».
هذا الوفاء للعود، هو جزء من الوفاء الذي يكنّه خالد البدوي للموسيقى بشكل عام، وجزء أيضا من نبضه خاصة عندما يتعلق الأمر بأحد أساتذته الموسيقار المغربي الراحل سعيد الشرايبي، الذي يعتبر أحد مريديه.
وتابع قائلا: «تشرفت بالتتلمذ على يد الأستاذ سعيد الشرايبي من خلال الاحتكاك به في إطار تجربة رباعي عود الحمراء التي أسسها الراحل وكنت أحد أعضائها والتي استمرت منذ سنة 2002 إلى آخر عرض قبل وفاته، حيث خلق الفنان الشرايبي لآلة العود أسرة على غرار أسرة آلة الكمان، وقد ابتكر عودين جديدين وهما عود سوبرانو وعود باص لتكتمل الأسرة إلى جانب العود الطينور والعود الألطو، وأبدع ألحانا وقطعا موسيقية خاصة بهذا الرباعي، وتم تسجيلها سنة 2003 في ألبوم تحت عنوان (مفتاح غرناطة) الجزء الثاني».
الحديث عن قامات شامخة في مجال العزف على العود والإبداع به، يعيد السؤال المقلق والمؤرق: هل ما زال هناك مكان لآلة العود بصيغة عزفها القديمة والأصيلة، أم أن الأمر يتطلب بعض التغييرات لمواكبة هذا الكم الكبير من المستجدات التكنولوجية والرقمية؟
جازما قال البدوي: «كلاّ، كل التجارب الإبداعية الجديدة التي عزفت العود تثبت أن الآلة ليست فقط قابلة للتجانس مع الأذواق الجديدة، بل إنها تستطيع أن تعبر معاقل الجاز وكلاّالفيزيون» وحتى موسيقى الذكاء الاصطناعي بيُسر وأريحية». إذن، يخلص الفنان إلى أن آلة العود باستطاعتها «أن تتماوج بتجانس رهيف مع مستجدات التكنولوجيات الرقمية على شرط أن تحتفظ بصبغتها الوترية الأصلية».
من ثمار هذا الولع والعشق، يقول البدوي، إن مؤلفاته «بكل تواضع غزيرة سنة بعد سنة، وفي هذا المضمار يمكن أن أحيلكم على بعض من أعمالي ومنها تلحيني لمجموعة من القطع الموسيقية والغنائية من بينها: قصيدة الموعد للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وموشح (حبكم مزق فؤادي) من الشعر الأندلسي القديم، وقصيدة (مغرب المجد) للشاعر الكبير إسماعيل زويريق، وإن حق لي بكل تواضع الافتخار بعمل من الأعمال التي كُتِب لي إبداعها، سأحيلكم على (ملحمة الأمل) من أشعار إسماعيل زويريق والتي شارك في أدائها أكثر من 150 موسيقيا ومغنيا عن بعد من أساتذة وتلاميذ، لأن هذا العمل أنجِز خلال فترة الحجر الصحي الناتج عن فترة كوفيد 19».

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا