«فيتو مفترض» على سؤال معقد في الأردن: هل يتمكن «حضن الإخوان» من «اصطياد» مقعد مسيحي؟

شبكة الشرق الأوسط نيوز : لسبب أو لآخر وطوال الوقت، يحاجج الإسلاميون في الأردن خلال نقاشاتهم الانتخابية التحضيرية، ويحاجج غيرهم أيضاً بـ “فيتو” يتضمن محظورين أساسيين بالنسبة لحراكات التيار الإسلامي الانتخابية.
المحظور الأول يتمثل في أن لا تسمح أحزاب الوسط لحزب جبهة العمل الإسلامي بالحصول على المرتبة الأولى في عدد المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية العامة.
والمحظور الآخر، وقد برز النقاش فيه قبل يومين فقط على نحو علني، يتعلق بصعوبة هضم وقبول فكرة اصطياد الإسلاميين عبر أصواتهم في المجتمع لمقعد برلماني كامل الدسم يجلس عليه مرشح شريك لهم باسم المسيحيين الأردنيين حصراً.
في المحظور الأول، نقاشات من كل الأصناف، وسباق تنافسي حاد على 41 مقعداً خصصت لقوائم الأحزاب، نصفها على الأقل للنساء والشباب، و3 منها للأقليات.
الأوراق مختلطة تماماً في حمى التنافس على مقاعد القوائم العامة. والسياسي المشتبك مع التفاصيل مروان الفاعوري، يقدر في تقييم ثنائي برفقة “القدس العربي” أن ظاهرة التسمين والتغذية طالت بعض التعبيرات الحزبية، متأملاً أنه من الصعب إدارة انتخابات تتميز بأعلى معاير النزاهة بناء على منطق استهداف أو تحجيم التيار الإسلامي.
في كل حال، يضم الفاعوري صوته للقائلين بضرورة مراقبة جزئيات التدخل في العملية الانتخابية لاحقاً، لأن المصداقية خصوصاً في الجزء المتعلق فيها بمجمل مسار التحديث الحزبي قيد الاختبار.
وفي الواقع، لا يظهر الإسلاميون ميلاً لاحتكار مرتبة الصف الأول في القوائم العامة، لا بل يقبلون بانتخابات نزيهة ومنصفة وعادلة، ويميل بعضهم إلى قبول المرتبة الثانية بدلاً من الأولى في القوائم العامة.
وهو أمر من الصعب لمرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي إنجازه أو الوصول إليه بدون إظهار القدرة على إعلان شراكات تستهدف مقاعد الحصص النسبية “الكوتات”، والأقليات.
من هنا يمكن القول ببروز الجدل سياسي الطابع، الذي رافق مع عطلة نهاية الأسبوع في البلاد حادثة توقيف أو اعتقال المرشح المسيحي الوحيد في قوائم الحركة الإسلامية بعدما أقرت قيادات بالحركة بأن واحدة من أضعف جبهاتها هي تلك المتعلقة بوجود شركاء حقيقيين وعلناً من ” لأشقاء المسيحيين”.
السلطات الأمنية اعتقلت المرشح عن المقعد المسيحي، جهاد مدانات، وهو عملياً يمثل المساحة اليتيمة التي يتجرأ فيها سياسي مسيحي على إعلان شراكة مسجلة في الوثائق مع حزب جبهة العمل الإسلامي، ما يتيح له عملياً فرصة كبيرة للفوز بمقعد برلماني ولو تحت بند الامتياز اليتيم، إذا ما أكمل طبعاً مسيرته الانتخابية.
وما حصل مع المرشح “مدانات” لافت للنظر، لأن التيار الإسلامي اعتبر في بيان له، مساء السبت، أن توقيف مرشحه المسيحي في الشارع العام خطوة باتجاه حرمانه من المشاركة المرتاحة بالانتخابات، لا بل جزء في مسلسل الاستهداف والمضايقة الذي تحدث عنه علناً الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي وائل السقا، في رسالة شهيرة وجهها لرئيس الحكومة بشر الخصاونة.
سبق للإسلاميين أن قالوا إن السلطات احتجزت مرشحهم البارز عن مدينة العقبة خالد الجهني، وأفرجت عنه فقط عندما انتهت فترة الحصول على وثيقة عدم المحكومية اللازمة للتسجيل كمرشح لدى الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات.
الجهني نفسه، اتهم الترتيب بالاستهداف لمنعه من الترشح ثم تعهد بإكمال المسيرة والموقف قبل أن يظهر نشطاً خلال يومي السبت والأحد في تسليط الضوء على واقعة توقيف المرشح المسيحي “مدانات”.
طبعاً، قالت السلطات الأمنية إن توقيف المرشح لا علاقة له بالانتخابات، وإن المسالة تتعلق بطلبات قضائية في نزاع مالي مسجلة ضد الموقوف الذي احترزت عليه دورية أمنية.
لاحقاً وعبر المنصات، سأل عشرات المعلقين: كيف يتم توقيف مرشح انتخابي بناء على طلب قضائي مالي وقد أخرج للتو وثيقة عدم المحكومية من سلطات القضاء؟
الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات أصبغت بتصريح مقتضب إطاراً شرعياً على “مدانات” المرشح، عندما أعلنت أن كل من نشر اسمه كمرشح رسمي حصل بالضرورة على وثيقة عدم المحكومية.
بعض الاجتهادات اعتبرت أن الحصول على عدم محكومية لا يعني خلو السجل من مطالبات قضائية قد لا تكون حسمت بعد.
لكن على نافذة إلكترونية تحاورية تديرها “القدس العربي”، أوضح القطب البرلماني والقانوني والسياسي صالح العرموطي، المسألة عندما طرح استفساراً عن كيفية قبول ترشيح “مدانات” دون تدقيق قيوده؟
ما شرحه العرموطي أن القضايا في الحالة الأخيرة تتعلق بذمم مالية لأحد أقارب المرشح وغيره.
لذا، هي ليست قضائية جزائية، حيث إن شروط الترشيح متوفرة في “مدانات”، وأحدها أن لا يكون محكوماً بالحبس مدة تزيد على سنة بقضايا غير سياسية.
ما قاله العرموطي إن رفيقه المرشح المسيحي “مدانات” في قوائم التيار الإسلامي غير محكوم، والأمر يتعلق بذمم مالية فقط، لذا هو مرشح شرعي بالمعنى القانوني رغم توقيفه.
لكن الأهم في المحصلة السياسية، هو أن تمكين الإسلاميين في الانتخابات من إظهار قدرتهم على دعم مرشحين مسيحيين حاجز يقرأ بحساسية ومن غالبية الأطراف.
وهو حاجز تحت الاختبار الآن ضمن سلسلة احتكاكات ومواجهات مع مرشحي التيار الإسلامي تحديداً، من الصنف الذي يمكن الاستغناء عنه أو الصنف الذي يقدم خدمات دعائية انتخابية مجاناً للمرشحين الإسلاميين.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.