هل تتأثر العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا في ظل الاحداث الاخيرة؟
شبكة الشرق الأوسط نيوز : اكدت التجارب التاريخية ان عندما تسقط حكومة، تنتشر الفوضى في البلد خاصة في سوريا التي سقطت حكومتها بيد الجماعات الارهابية والتدخل الاجنبي واضح تماما، من الصعب يستطيع الشعب ان يقرر مصيرة ويختار من هو اصلح لمنافع البلد .
وكالة مهر للأنباء، وداد زاده بغلاني: شهدت الساحة السورية خلال الايام الاخيرة احداثا لن يتصورها احداً، حيث نجحت الجماعات الارهابية خلال اقل من اسبوعين لانهاء حكومة آل الأسد على سوريا التي استمرت 54 عاماً .
ومع سقوط دمشق، أصبحت كافة المراكز الحكومية والعسكرية تحت سيطرة الإرهابيين، ووعد رئيس الوزراء السوري بإجراء انتخابات حرة لتحديد الدستور والحاكم المستقبلي لسوريا بناءً على قرار مجلس الأمن رقم 2254.
لكن اكدت التجارب التاريخية ان عندما تسقط حكومة، تنتشر الفوضى في البلد خاصة في سوريا التي سقطت حكومتها بيد الجماعات الارهابية والتدخل الاجنبي واضح تماما، من الصعب يستطيع الشعب ان يقرر مصيرة ويختار من هو اصلح لمنافع البلد . في هذا التقرير نريد نسلط الضوء على تاثير هذه الاحداث في العلاقات الاقتصادية بين ايران وسوريا.
في عهد بشار الاسد وخاصة بعد تدمير داعش خطط المسؤولین الاقتصاديين بين البلدين خارطة الطريق لتنمية الصادرات إلى سوريا ومن أجل زيادة حجم التجارة إلى سوريا، تم تنفيذ إجراءات وتخطيط منتظم، ومن أهم هذه البرامج عقد مؤتمرات إعلامية لتوضيح وتشجيع الناشطين الاقتصاديين على تعزيز الأعمال التجارية في البلدين ومحاولة إحياء التجارة الدولية والمحلية، ان من المفترض ان تكون سوريا فرصة جيدة لاقتصاد البلاد.
ان إيران لديها مركزان تجاريان في سوريا، أحدهما يديره القطاع الخاص والآخر تديره غرفة التجارة المشتركة بين إيران وسوريا، وكانت الشركات الهندسية والفنية الإيرانية تنفذ مشاريع متنوعة في هذا البلد في القطاعين العام والخاص. كما تم تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع سوريا منذ عام 2011، وبعد تنفيذ هذه الاتفاقية كان الطرفان يأملان في أن تشمل اتفاقية التجارة الحرة جميع السلع التي يتم تبادلها بين البلدين، لأن هذه الاتفاقية استثنت 88 سلعة. وفي ديسمبر 2023، تم عقد اللجنة المشتركة العليا بين البلدين في طهران، وتم الاتفاق على أن تشمل هذه الاتفاقية السلع الـ 88 المستثناة، وبالفعل كان يتم تبادل جميع السلع بتعرفة صفرية، والهدف من كل هذه الإجراءات هو زيادة حجم التجارة بين البلدين وتحقيق الأهداف المحددة.
ونظراً للوضع الذي تعيشه سوريا بسبب العقوبات والمشاكل الاقتصادية ومواجهة الارهاب والتدخل الاجنبي في البلاد وأيضاً القرار الذي أصدرته الحكومة السورية في السنوات الماضية بحظر استيراد البضائع من تركيا، فإن ذلك جعل المنتجات والخدمات الإيرانية قادرة على التصدير إلى مستوى عال من المنافسة للتنافس مع المنتجات الأجنبية المماثلة. وصادرات ايران الى سوريا تشمل: الأدوية والمعدات الطبية والصناعات ومعدات البنية التحتية للصناعات الزراعية والحيوانية والغذائية.
كما انه رأينا حسب الاحصائيات ان في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023، كانت قيمة صادرات إيران إلى سوريا 90 مليون دولار، لكن هذا الرقم انخفض إلى 78 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2024. وفي الوقت نفسه، فإن هدف إيران لصادرات تصل إلى 500 مليون دولار إلى سوريا هذا العام أصبح عملياً غير قابل للتحقيق، وكل شيء بشأن سوريا ما زال غامضاً. لقد شهدت سوريا في الأسابيع الأخيرة تغييرات ملحوظة، وهذه الأحداث تسببت في عدم تحقق ما كنا نتوقعه في هذا البلد. لكن كما رأينا حسب الاحصائيات لماذا لم يصل حجم التجارة بين البلدين الى المستوى المتوقع بين البلدين قبل سيطرة الجماعات الارهابية على سوريا واسقاط الحكومة السورية؟
* الطرق: احد الاسباب الرئيسة لانخفاص التصدير بين البلدين يرجع الى طريق نقل المكونات من ايران الى سوريا، الطريق البري أحد طرق التجارة، ليس لإيران حدود برية مع سوريا، لكن كان لديها الإمكانية الجغرافية للدخول إلى هذا البلد من طريقين، العراق وتركيا، وللأسف، عند حدود القائم بين العراق وسوريا، بسبب القصف العنيف من قبل الولايات المتحدة في السنوات الماضية، عمليا لن يكن قابل للاستخدام.
احد الاسباب الرئيسة لانخفاص التصدير بين البلدين يرجع الى طريق نقل المكونات من ايران الى سوريا
وهناك طريق آخر للتجارة البرية مع سوريا، وهو الحدود التركية ومنطقة حلب وإدلب، ومن ثم الدخول إلى سوق الشامات عبر القناة السورية، ولم تكن تجارة السلع ممكنة في الأشهر القليلة الماضية بسبب تواجد الجماعات الارهابية في هذه المناطق؛ ولذلك فإن الطريق الوحيد الذي يمكن أن تدخل عبره البضائع هو إقليم كردستان العراق، ولأن هذا الطريق له حدود مشتركة مع كردستان السورية، لم يكن من الممكن ممارسة سيادة الحكومة السورية في ذلك الوقت لذلك تنقطع جميع إمكانيات التصدير على الرغم من الاتصالات والمناقشات المشتركة التي كانت موجودة عن الطريق البري.
والطريق التجاري آخر بين إيران وسوريا كان يتعلق بالطريق البحري عبر الطريق البحر الأبيض المتوسط وعبر مضيق باب المندب، وموانئ اللاذقية لكن لعدم إمكان تصدير جميع البضائع عن طريق البحر، لأن معظم البضائع قابلة للتلف، لم يكن من الممكن تصدير الكثير من البضائع ماعدى تصدير السلع طويلة العمر مثل الفولاذ والحديد ومواد البناء.
السوريون لم يتخذوا أي خطوة لتنفيذ التزاماتهم تجاه التجارة مع ايران
وهناك طريقة أخرى لتجارة البضائع مع سوريا وهي القطاع الجوي، وفي هذا القطاع لم يكن هناك سوى مطاري دمشق وحلب، ومن هذا الطريق فقط يتم تصدير البضائع التي كانت ذات قيمة عالية . وهذا ما جعل حصة إيران في السوق السورية ليست كما كان متوقعاً. وفي مجال تصدير الخدمات الفنية والهندسية، بما في ذلك مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء ومشاريع البناء وتصنيع سيارات سايبا، كان لدينا مصانع إنتاج، ولكن بسبب عدم وجود طرق اتصال، لم نتمكن من تحقيق نجاح كبير في هذا المجال.
* التزامات السوريين: السوريون لم يتخذوا أي خطوة لتنفيذ التزاماتهم تجاه التجارة مع ايران. من الإجراءات التي كان من المفترض القيام بها بهذا الخصوص، إنشاء فرع للبنوك الإيرانية في سوريا، علما أن الإجراءات المتعلقة بهذا الأمر قام بإنجازها المركزي الإيراني، لكن الجانب السوري لن يلتزم بالتزاماته، أن إنشاء هذا الفرع البنكي ضروري للتبادلات المالية بين البلدين، والتداول بالدولار في سوريا ينطوي على مخاطرة كبيرة.
وفي النهاية في ظل التوترات في سوريا والغموض التي يحيط بهذا البلد ستكون ايضا العلاقات الاقتصادية الايرانية السورية في وضع غير واضح حتى يحقق الشعب السوري مصيره بيده دون ضغط الجماعات الارهابية لفرض حكمهم و تدخل اجنبي من الولايات المتحدة و تركيا و الكيان الصهيوني لعرقلة امور البلاد. كما ان العلاقات السياسية تؤثر سلبياً ام ايجابياً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
المصدر : وكالات
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.