*فادي السمردلي يكتب: السياسة في ضيعةالضايعة وجودةأبو خميس نموذج للأنتهازية*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال*
مسلسل ضيعة ضايعة، ذلك العمل الكوميدي السوري الشهير، يأخذنا إلى قرية خيالية منعزلة تُدعى “أم الطنافس الفوقا”، حيث يعيش القرويون حياة بسيطة مليئة بالمواقف الطريفة التي تخفي وراءها رسائل اجتماعية وإنسانية عميقة ففي هذا العمل المميز، تظهر شخصيات متنوعة مثل “جودة أبو خميس” و”أسعد خرشوف”، اللذين يعكسان بشكل ساخر ومباشر أنماطًا من السلوك الإنساني يمكن أن نجدها في أي مجتمع.
جودة أبو خميس، الشخصية المحورية الماكرة، تمثل النمط الانتهازي الذي يضع مصلحته فوق كل اعتبار إنه الرجل الذي يستغل بساطة صديقه “أسعد” وطيبته ونقاء سريرته لتحقيق مكاسبه الشخصية، دون أي اعتبار للقيم وفي كل مرة، يقع “أسعد” ضحية لهذه الحيل، مما يخلق مواقف كوميدية ساخرة تحمل في طياتها إسقاطات على الواقع فهذه الشخصية ليست مجرد خيال درامي، بل هي نموذج واقعي يمكن إسقاطه على العديد من القادة أو المسؤولين في الهيئات والمنظمات، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو اجتماعية.
إذا نظرنا إلى واقعنا، نجد أن “جودة” يجسد صورة القائد الانتهازي الذي يستغل ثقة أتباعه لتحقيق أجنداته الخاصة، متجاهلًا مصلحة المجموعة التي يقودها فأسلوبه القائم على المناورات والتلاعب غالبًا ما يُنتج صراعات داخلية ويضعف الكيان الذي ينتمي إليه ومن ناحية أخرى، نجد أن شخصية “أسعد خرشوف”، الطيب الذي يسعى لتحقيق العدالة والتغيير بحسن نية، تمثل شريحة من الأعضاء في الهيئات والمنظمات، الذين يمنحون ثقتهم لقادة يبدون واعدين، لكنهم في النهاية يدفعون ثمن تلك الثقة.
إسقاط “ضيعة ضايعة” على الواقع مما يجعل “ضيعة ضايعة” عملًا عابرًا للزمان والمكان مجسدا مواقف نعيشها في الواقع ففي الهيئات والمنظمات، نجد أن هناك قيادات مثل “جودة أبو خميس” تقدم وعودًا براقة، وتحترف الخطابات الشعبوية لجذب الأنظار، لكنها في العمق تسعى فقط إلى تحقيق مكاسب شخصية أو تعزيز نفوذها وسلطتها وفي المقابل، هناك أعضاء مثل “أسعد خرشوف”، بسطاء وانقياء القلوب، يمنحون ثقتهم لقادتهم، ويعملون بكل إخلاص وإيمان، لكنهم غالبًا ما ينتهون ضحايا لتلك المناورات.
هذه الالية ليست مرتبطة ببعض الأحزاب السياسية أو المنظمات الكبيرة فقط، بل تمتد لتشمل بعض الجمعيات الصغيرة، الأندية الرياضية، وحتى العلاقات داخل المجتمعات المحلية فنجد قادة يضعون مصالحهم الشخصية فوق المصلحة العامة، ويستغلون ضعف أو بساطة من يثقون بهم، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات الداخلية وإضعاف المنظومات التي يديرونها.
إحدى النقاط التي يبرزها المسلسل بوضوح هي النزاعات الصغيرة التي ينخرط فيها أهل القرية، والتي تشغلهم عن معالجة القضايا الجوهرية التي تمس حياتهم وهذه النزاعات قد تبدو عبثية، لكنها تسلط الضوء على ميل بعض الهيئات أو المنظمات إلى التركيز على التفاصيل السطحية أو الصراعات الداخلية، بدلاً من العمل على تحقيق أهدافها الأساسية.
إذا أسقطنا هذا الأمر على الواقع ، نجد أن بعضوالأحزاب السياسية، على سبيل المثال، قد تنشغل بخلافات داخلية أو مهاترات سياسية، مما يجعلها تفقد تواصلها مع الشارع واحتياجاته الحقيقية وعندما تتحول هذه الكيانات إلى ساحات للصراعات الشخصية والمصالح الضيقة، فإنها تفقد قدرتها على التأثير في المجتمع، وتنعزل عنه بشكل يشبه عزلة “أم الطنافس الفوقا” عن العالم الخارجي.
تركيبة القيادة التي تجمع بين انتهازية “جودة” وطيبة “أسعد” تؤدي إلى مشهد سياسي يفتقر إلى الجدية والمصداقية وفي هذا السياق، يصبح الجمهور، الذي يتابع هذه الصراعات والخلافات، في حالة من الإحباط والسخرية، حيث لا يلمس أي تغيير حقيقي في حياته اليومية تتحول تلك الكيانات إلى نماذج هزلية تفقد قدرتها على إلهام الجمهور أو قيادته نحو التغيير المنشود.
بهذا المعنى، يصبح “ضيعة ضايعة” أكثر من مجرد مسلسل كوميدي إنه عمل يعكس حال بعض المنظمات والهيئات التي تضيع الفرص والموارد في خلق صراعات صغيرة لا تقدم ولا تؤخر تمامًا كما يعيش أهل القرية في عزلة عن واقعهم الحقيقي، قد تجد بعض الأحزاب نفسها معزولة عن تطلعات الشعب واحتياجاته، ما لم تراجع سياساتها وتعيد النظر في طريقة عملها.
على القيادات أن تدرك أن استمرارها في اتباع نهج “جودة أبو خميس” لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والسخط الشعبي فالحل يكمن في أن تتحلى تلك القيادات بالمسؤولية، وأن تعمل على بناء منظومة شفافة تخدم المصلحة العامة.
في النهاية، فإن “ضيعة ضايعة” يقدم دعوة للتغيير، ليس فقط داخل المسلسل، بل في واقعنا إنه تذكير بأن القائد الحقيقي ليس من يبحث عن مكاسب شخصية، بل من يضع مصالح العامة فوق كل اعتبار، ويتبنى سياسات تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الناس ونؤكد هنا بأن لدينا الكثير مثل جودة أبو خميس بأسماء مختلفة فقد يكون باسم محمد أو محمود، جورج أو طوني،أسعد أو مسعود…..الخ وحمى الله الأردن 🇯🇴.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.