مكانة الرسول الأعظم ﷺ في وجدان اليمنيين: نوروهدى نصرووفاءولاءواقتداء خالد لاينتهي
بقلم: طوفان الجنيد …..
مقدمة:
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، الرسول الأكرم، النبي الخاتم، الصراط الأقوم، والفضل الأتم ﷺ في جميع شؤونه وأحواله. للرسول الأمين، النور المبين، والذكر الحكيم، القائد العظيم والمرشد الحكيم، منزلة خاصة وقداسة تامة في قلوبنا، وعشق أبدي، وولاء سرمدي، وإيمان وجودي، وتعظيم وتوقير دائم دون سائر العالمين.
تربطنا به هوية إيمانية صادقة متجذرة عبر التاريخ، الماضي والحاضر والمستقبل، بفضل الله، ونعتز بهذه الولاء والانتماء جيلًا بعد جيل.
1- الجذور التاريخية العميقة: اليمنيون والرسول الأعظم ﷺ:
يُذكر التاريخ الإسلامي أن النبي ﷺ أرسل إلى اليمن رسالة محمّدية مع وصيه، مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، يدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم الدين الحنيف. وقد وصل الأمر إلى قبائل همدان، فآمنت وصدقت لمجرد الرسالة وصاحبها، تلتها قبائل مذحج وحمير والإشاعرة وغيرهم. ثم أرسل ﷺ الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن لدعوة باقي اليمنيين في المناطق الوسطى، فاستجاب الناس بسرعة، ففرح النبي ﷺ بهذا النبأ دعاءً لهم بقوله: “إني لا أجد نفس الرحمن تأتي من اليمن إلا الإيمان يمان والحكمة يمانية”.
كما أرسلت القبائل اليمنية وفوداً إلى المدينة المنورة لمقابلة النبي ﷺ وإعلان إسلامهم، مثل وفد الأشاعريين ووفد حمير، واستقبلهم النبي ﷺ بكل ترحاب وأكرمهم، وكانت له معهم أحاديث وأوصاف أثنى فيها على إيمانهم وصدقهم.
ويؤكد التاريخ أن ارتباط اليمنيين بالنبي ﷺ يمتد إلى ما قبل الهجرة، فقد ذكر المؤرخون أن الملك تبع اليماني ذهب إلى مكة، وكسا الكعبة المشرفة، وصنع لها بابًا مفتوحًا، ووضع أموالًا لخدمتها، ووصل إلى المنطقة التي أصبحت فيما بعد المدينة المنورة، واستقر فيها أجداد الأنصار: القبيلتان اليمانيتان الأوس والخزرج، ليبقيا هناك رابطين ومستقرين حتى جاء النبي ﷺ مهاجرًا.
هؤلاء الأنصار اليمنيون استجابوا بكل رغبة، ورفعوا راية الإسلام، وآووا الرسول ﷺ، وجعلوا من وجودهم نواة صلبة لمجتمع إسلامي متين. وقد وثّق التاريخ هذا الوفاء في نصوص خالدة، منها ما كتب على قطعة من النحاس بماء الذهب:
“شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم، فلو مُدَّ عمري إلى عمره، لكُنت نصيراً له وابن عم، وجالدت بالسيف أعداءه، وفرّجت عن صدره كل غم.”
هذا التاريخ يعكس الشرف الكبير والفضل العظيم للأنصار اليمنيين الأوائل، ويؤكد العلاقة الخاصة بين اليمن والنبي ﷺ منذ القدم، قبل وبعد الهجرة.
الأحاديث النبوية الشريفة عن اليمن وأهله تشكل رأس مال روحي وتاريخي لليمنيين، ومنها:
“أتاكم أهل اليمن، هم أرقّ أفئدةً وألين قلوباً، الإيمان يمان، والحكمة يمانية” (صحيح البخاري)
“اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا” (صحيح البخاري)
2- المظاهر الثقافية والاجتماعية:
الانتساب الشريف: العديد من القبائل والأسر اليمنية تنتسب إلى النبي ﷺ (الهاشميون، الأشراف، وآل البيت) عبر ذرية الإمام علي وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما، مثل الحضرميين والرسي وغيرهم.
وتمتاز هذه الأسر بمكانة اجتماعية كبيرة واحترام بالغ، وتمثل حافظة للهوية الإسلامية الأصيلة.
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف: في المساجد والمنازل والجبال، ينبض قلب اليمن بالفرح والابتهاج بمولد النبي ﷺ، تُنشد الموالد، وتُوزع الحلوى، وتُزين الأشجار والسيارات، ليعكس حب اليمنيين للنبي ﷺ ويعزز هويتهم الإيمانية.
التسمية باسم “محمد ﷺ”: أكثر الأسماء انتشارًا بين الذكور في اليمن، تكريمًا للنبي ﷺ، مع انتشار أسماء مشتقة مثل أحمد ومحمود، دلالة على ارتباط روحي عميق.
الأهازيج والتحية اليومية: يتغنى اليمنيون باسم النبي ﷺ في كل أعمالهم وحياتهم اليومية، بالأغاريد والأهازيج المحلية، ليظل الحبيب ﷺ حاضرًا في كل نبضة قلب وجزءًا لا يتجزأ من هويتهم الإيمانية.
التصوف والزهد: عمّق الحب للنبي ﷺ في النفوس، وجعله جزءًا أساسيًا من التجربة الروحية واليومية، بحيث يغدو الحب للنبي ﷺ عنصرًا جوهريًا في الهوية الفردية والجماعية.
الشعور بالفخر والانتماء: اليمنيون يفتخرون بأسلافهم من أوائل المؤمنين وأنهم جزء من الدولة الإسلامية الأولى، وهو تاريخ يضفي شرعية دينية وتاريخية ويجعل محبة النبي ﷺ جزءًا من الهوية الجماعية العميقة.
الخلاصة:
مكانة النبي ﷺ في قلوب اليمنيين هي نور هداية خالد، نصر أبدي، وولاء لا ينتهي. إنها مزيج من:
الهوية التاريخية المستمدة من إيمان الأجداد الأوائل،الثناء النبوي المخصص لليمن وأهله،الممارسات الثقافية اليومية التي تجسد حب النبي ﷺ في كل مناسبة، وكل لحظة من حياة الفرد والجماعة،
والانتماء التاريخي العميق الذي جعل اليمنيين جزءًا من نواة المجتمع الإسلامي منذ عهد الأنصار.
حب اليمنيين للنبي ﷺ قائم على الوفاء، الولاء، الفخر، والانتماء، وإيمان راسخ لا يتزعزع، ويجعل منزلته في قلوبهم منزلة لا تضاهى ولا تنتهي، كما تؤكد الروايات التاريخية والروحية.
الكاتب من اليمن