متى كنا خير أمة أخرجت للناس يا أمة العار؟

محي الدين غنيم   …

 

غزة تنزف منذ سنوات، وأهلها يرزحون تحت حصار خانق وحرب إبادة متواصلة، لا ماء ولا دواء ولا مأوى، جوع يفتك بأطفالها وصواريخ تمزق بيوت الفقراء فوق رؤوسهم، فيما العالم يتفرج بصمت. لكن الأقسى والأشد مرارة أن العرب والمسلمين، الذين طالما صدّعونا بخطابات الشهامة والنخوة، يقفون عاجزين، صامتين، متخاذلين، وكأن غزة لا تعنيهم، وكأن دماء أهلها لا تجري في عروقهم.

لقد اعتدنا أن نسمع عبر التاريخ خطبًا رنانة عن “المروءة العربية” و”النجدة الإسلامية” و”النخوة التي تهب لنصرة المظلوم”، لكن الواقع كشف زيف هذه الادعاءات. فما جدوى الكلمات إذا لم تتحول إلى أفعال؟ وما معنى الأخوة والدين والعروبة إذا تُركت غزة وحيدة تواجه أعتى آلة قتل وعدوان في التاريخ الحديث؟

أي شهامة تلك التي يتغنى بها البعض فيما المعابر مغلقة في وجوه الجرحى، والمستشفيات بلا دواء، واليتامى بلا مأوى؟ وأي نخوة تلك التي يدّعونها وهم يبررون صمتهم بحجج واهية؟

إن معاناة أهل غزة ليست فقط امتحانًا لضمير الإنسانية، بل هي فضيحة كبرى للعرب والمسلمين الذين اختاروا العجز والتخاذل، وسمحوا لأنفسهم أن يصبحوا شهود زور على جريمة كبرى تُرتكب بحق إخوتهم ليل نهار.

لقد كنّا نرفع شعار: “كنتم خير أمة أخرجت للناس”، لكن الواقع المؤلم يجعلنا نتساءل: متى كنا كذلك؟ أين الخير ونحن نخذل بعضنا؟ أين الريادة ونحن نركع للهيمنة ونصمت عن الظلم؟ الحقيقة المُرّة أننا تحولنا إلى أمة عار، أمة لا تحركها الدماء ولا تستفزها المآسي، أمة فقدت إحساسها وكرامتها.

إن غزة ستبقى تقاوم، وأهلها سيظلون صامدين، يكتبون بدمائهم ملحمة عز لا يفهمها المتخاذلون. وستبقى وصمة العار تطارد كل من صمت وتخاذل، وكل من باع كرامته وترك فلسطين وحدها.

فغزة لا تحتاج شعاراتنا الكاذبة، ولا بياناتنا الفارغة، بل تحتاج إلى فعل صادق ونخوة حقيقية، نخوة تترجم على الأرض لا في الخطب والقصائد.

فإلى متى نبقى أمة عار، ونخدع أنفسنا أننا خير أمة أخرجت للناس؟

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا