إن لم يتم التصدي للعربدة الإسرائيلية فالقادم أسوأ

محي الدين غنيم  ….

 

تعيش منطقتنا العربية اليوم على وقع عربدة إسرائيلية متواصلة، لم تعد تقتصر على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل تمددت لتطال دولًا عربية ذات سيادة، في سابقة خطيرة تؤكد أن الكيان المحتل بات يتعامل مع المنطقة وكأنها ساحة مفتوحة أمام طائراته وصواريخه، دون أي اعتبار للقوانين الدولية أو للشرعية الأممية.

الضربات الإسرائيلية الأخيرة حملت رسائل بالغة الخطورة:

في قطر: محاولة استهداف قيادات حركة حماس المتواجدين هناك، وهو انتهاك صارخ لسيادة دولة خليجية، ورسالة وقحة بأن “إسرائيل” لا ترى في أي بلد عربي خطوطًا حمراء.

في سوريا: تواصل الاعتداءات على مواقع داخل الأراضي السورية، في إطار سياسة ممنهجة لإضعاف الدولة السورية واستنزافها عسكريًا وأمنيًا.

في غزة: العدوان المستمر، الذي يطحن المدنيين ويستهدف البنى التحتية ويترك القطاع يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة، يعكس رغبة إسرائيلية في كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

في اليمن: امتدت يد إسرائيل العسكرية لتستهدف مواقع الحوثيين، في رسالة مفادها أن الكيان بات لاعبًا مباشرًا في صراعات المنطقة، مدفوعًا بغرور القوة وغياب الردع.

هذه الضربات المتزامنة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن المشهد الإقليمي والدولي؛ فهي تؤكد أن “إسرائيل” تسعى لإعادة رسم قواعد الاشتباك في المنطقة على طريقتها، عبر فرض الهيمنة بالقوة، وتوجيه رسالة مفادها أنها قادرة على الوصول إلى أي مكان، وضرب أي طرف، متى شاءت وكيفما شاءت.

لكن السؤال الأخطر: ماذا لو استمر هذا الصمت العربي والدولي؟
إن لم يتم التصدي لهذه العربدة الإسرائيلية، فإن القادم سيكون أسوأ بكثير؛ إذ ستتجرأ تل أبيب على توسيع نطاق عملياتها، وربما تستهدف عواصم عربية أخرى، وتواصل تهديد الأمن القومي العربي برمته. فالتاريخ يخبرنا أن هذا الكيان لا يعرف التوقف إلا إذا وُوجه بردع حقيقي، وأن من يترك له المجال سيكتشف لاحقًا أنه الخاسر الأكبر.

إن المرحلة الراهنة تستدعي موقفًا عربيًا موحدًا، يتجاوز بيانات الإدانة، نحو إجراءات عملية تضع حدًا للغطرسة الإسرائيلية. وإلا فإننا سنصحو غدًا على مشهد أكثر خطورة، قد يعصف بما تبقى من استقرار المنطقة.

فإسرائيل لا تختبر فقط قوة العرب، بل تختبر صبرهم وكرامتهم. وإذا لم يتحرك العرب اليوم، فلن يكون أمامهم غدًا إلا مواجهة نتائج أكثر قسوة وأشد خطورة.

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا