فادي السمردلي يكتب: حياد القيادة الحزبية في الاستحقاقات الداخلية معركة ضد الانحراف لا ضد الأعضاء

بقلم فادي زواد السمردلي. ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

إن أهم ما في العملية الانتخابية داخل الأحزاب هو أن تلتزم القيادة بالحياد التام، لأن جميع الأعضاء في الأصل أبناء الحزب، ولا فرق بين عضو وآخر إلا بمقدار العمل والاجتهاد والتفاني في خدمة التنظيم فهذه القاعدة البسيطة لو تم احترامها ستوفر على الأحزاب كثيراً من الانقسامات والشكوك والطعون التي عادة ما تشوه أي استحقاق داخلي لإن القيادة الحزبية عندما تتدخل بالانتخابات الداخلية كطرف منحاز، تفقد فوراً قدرتها على ضبط المسار وتتحول إلى عامل توتر بدلاً من أن تكون ضامناً للعدالة ومن هنا تأتي أهمية أن ينأى القادة بأنفسهم عن كل أشكال التحيز، سواء عبر التأثير على القواعد، أو من خلال توجيه الموارد والإعلام الداخلي، أو عبر التحكم في آليات الترشيح والتصويت.

الإدارة السليمة للعملية الانتخابية تبدأ من تأسيس لجنة مستقلة ومحايدة، تُمنح صلاحيات مطلقة للإشراف على كل مراحل الانتخابات، وتُمنع القيادة من التدخل في قراراتها فهذه اللجنة يجب أن تكون مرجعاً وحيداً في فض النزاعات الداخلية، وأن تعمل على ضمان تطبيق اللوائح بالتساوي على الجميع فإذا كان الحزب مؤسسة سياسية حقيقية، فإن استقلال هذه اللجنة يعكس نضجاً تنظيمياً يمنح القواعد ثقة في أن أصواتهم هي الفيصل، لا أهواء القادة أما إذا بقيت القيادة تمسك بالخيوط كلها وتتحكم في التفاصيل الصغيرة، فذلك لا يعني سوى أن الديمقراطية الداخلية مجرد واجهة شكلية.

الحياد المطلوب من القادة لا يقتصر على منع تدخلهم المباشر، بل يتجاوز ذلك إلى ضبط بيئة الانتخابات ومنع أي تجاوز من الأطراف المتنافسة فشراء الولاءات بالمال، أو توزيع المناصب والوعود، أو ممارسة الترهيب المعنوي والتنظيمي، كلها أشكال فساد يجب أن يقف القادة في مواجهتها لا أن يغضوا الطرف عنها أو يستثمروها لصالح تيارهم وإن لم تُفرض قواعد رادعة على مثل هذه الممارسات، فإن النتيجة الحتمية ستكون انقسام الحزب وفقدان ثقة أعضائه.

كذلك، فإن من واجب القيادة أن تضمن المساواة في الوصول إلى المنابر الإعلامية للحزب، سواء كانت نشرات أو مواقع إلكترونية أو قنوات تواصل داخلية فلا يجوز أن تُسخّر هذه المنابر لخدمة طرف بعينه على حساب الآخرين، لأن ذلك ينسف مبدأ العدالة من جذوره لإن القائد المحايد هو الذي يفتح كل المنابر للجميع وفق قواعد واضحة، ويضع ضوابط للحملات الانتخابية تضمن التنافس النزيه وتحمي الأعضاء من حملات التشويه والتضليل.

ولا يكتمل الحياد إلا بقبول القيادة للنتائج مهما كانت مؤلمة فالتلاعب بالنتائج، أو الطعن المستمر بعد إعلانها، أو السعي إلى إعادة صياغة اللوائح بما يخدم الخاسرين، كلها أفعال تهدم الشرعية وتقود إلى تفكك الحزب وعلى القادة أن يثبتوا أنهم فوق المعركة الانتخابية، وأنهم ملتزمون بقرار القاعدة التنظيمية حتى لو لم يتوافق مع مصالحهم أو حساباتهم فالقيادة التي تفشل في احترام نتائج صناديق الحزب، لن تُقنع الرأي العام يوماً بأنها تحترم نتائج صناديق الشعب.

إن جوهر الحياد في الانتخابات الداخلية ليس تفصيلاً إجرائياً، بل هو المعيار الحقيقي لمدى التزام الحزب بالديمقراطية التي ينادي بها خارج أسواره فإذا مارس القادة الحياد بصرامة، فإنهم يؤسسون لثقافة تنظيمية تقوم على المساواة وتكافؤ الفرص، وتجعل الحزب مدرسة حقيقية لإنتاج قيادات شرعية ومؤهلة أما إذا سمحوا لأنفسهم بالتدخل والتلاعب، فلن يحصدوا إلا الفوضى والانشقاقات وفقدان الثقة وبذلك، فإن حياد القيادة ليس خياراً ثانوياً، بل هو صمام الأمان الذي يحفظ وحدة الحزب ويصون مصداقيته أمام أعضائه وأمام المجتمع على السواء.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا