**(ثورة 21 من سبتمبر – سفينة نجاة الأمة)**
✍️ عبد الإله عبد القادر الجنيد
_______
لم يكن المستعمر البريطاني القديم ليمنح دولةَ فلسطين بوعد (بلفور) المشؤوم للعصابات اليهودية التي جلبها من أصقاع الأرض شفقةً ورحمةً بهم.
ولم تكن الأرض قد ضاقت على قطعان اليهود الذين وصفهم عبد العزيز بن سعود زورًا وبهتانًا “باليهود المساكين” حتى يجلبهم إلى أرض فلسطين.
وإنما تلاقت أهواء وأطماع المستعمر البريطاني، ومن بعده الأمريكي، مع الحلم اليهودي بأرض الميعاد ووهم إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
فسعوا بكل جهد ينفذون مخططًا صهيونيًا لعينًا، يرمي إلى إحكام السيطرة والهيمنة على بلدان الأمة العربية والإسلامية، والتحكم في موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ونهب خيراتها وثرواتها، واستعباد شعوبها إلى أبد الآبدين.
وما فلسطين السليبة إلا نقطة انطلاق الكيان الغاصب لبسط سيطرته الكاملة على المنطقة بأسرها.
وبينما كانت الأمة تقابل هذا المخطط اللعين بالاستسلام والانبطاح، كان الإمام الخميني قدس الله سره الشريف يهيئ الأمة لمواجهة العدو المحتل الغاصب.
ولذلك اعتبر اسرائيل “غدة سرطانية خبيثة” زرعها الغرب الكافر في جسد الأمة، يجب استئصالها كي لا تنتشر في جسد الأمة كانتشار السرطان.
وفي الوقت الذي كان الشيطان الصهيو-أمريكي يحاول إعادة تشكيل المنطقة لإنتاج الشرق الأوسط الجديد، كانت المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين تواجه تلك المخططات بكل ما أوتيت من قوة، وتفشل كل مشاريع الهيمنة وتفكيك الأمة.
ومن المعلوم أن اليمن كانت على رأس أولويات الفرعون الصهيو-أمريكي.
وإذا بحكام العمالة والانبطاح في صنعاء ينصاعون لكل مطالب العدو المتربص بالأمة، بتفكيك قواتها المسلحة، بما أسموه (إعادة هيكلة الجيش) وتدمير ترسانة أسلحتها الصاروخية التي تمثل خطرًا عليه وعلى غدته السرطانية اللعينة.
كان إضعاف اليمن من شأنه تسهيل السيطرة الكاملة على اليمن والتحكم بمضيق باب المندب والممرات المائية من أجل أمن كيانه الإسرائيلي الغاصب.
وكان العدو الأمريكي في أوج طغيانه يتحكم في قرارات اليمن ومصير شعب بأكمله.
وفي الشمال كانت صعدة اليمن تشهد مخاضًا جديدًا لمسار قرآني، يمضي على خطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وستكون له الغلبة والنصر والتمكين بإذن الله رب العالمين، وسفينة النجاة لليمن الميمون وللأمة الإسلامية جمعاء.
وذلك أنه مسار يحمل هم الأمة وقضاياها، وفي مقدمها فلسطين قضية الأمة المركزية التي تحيطها مؤامرات الأعداء وخذلان الإخوة في الدين والوطن.
ولم يكن القائد الشهيد المؤسس السيد الحسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بمنأى عن الأحداث التي تعصف بالأمة وما صار إليه حالها.
لا سيما وقد تمكن الغرب الكافر بقيادة الشيطان الأمريكي من تهجين الأمة للقبول بالغدة السرطانية كواقع لا مفر للأمة منه ويأتي التطبيع كخيار وحيد، واعتباره شرطي المنطقة والسيد المتحكم فيها.
فأطلق صرخته المدوية من جبال مران، وأعاد بالثقافة القرآنية توجيه بوصلة العداء للكيان الخبيث.
وهنالك أدرك الشيطان الصهيو-أمريكي مدى خطورة المشروع الإلهي ومسيرته القرآنية بقيادة أعلام الهدى سلام الله عليهم أجمعين.
وما لبث أن أعلن الحرب على أنصار الله المستمدين قوتهم ونصرهم من الله سبحانه وتعالى.
فأوعز العدو الصهيو-أمريكي للنظام الحاكم في صنعاء آنذاك المتمثل (بعفاش ومحسن) وأدواته من قوى النفاق والعمالة والارتزاق بمواجهة مسيرة الله في الأرض.
بيد أنها مسيرة ربانية قرآنية محمدية علوية حسينية مباركة، تحظى بالدعم والتأييد والإمداد والعون والنصر الإلهي والتمكين في الأرض.
فلم يتمكن أعداؤها من النيل منها في كل حروبهم عليها.
وعلى الرغم من خمسة حروب شنها النظام الحاكم في صنعاء بغطاء ودعم صهيو-أمريكي وإقليمي وآخرها الحرب السادسة التي شنها النظام السعودي الظالم عليها.
غير أن مسيرة الله كانت تزداد وهجًا وقوةً وانتشارًا مع عدوان المعتدين، حتى تحقق لها النصر المبين.
وفي ثورة فبراير، كان أنصار الله أحد المكونات اليمنية المشاركة في الثورة التي أفشلتها القوى الحاكمة بالدعم والتدخل المباشر للفرعون الصهيو-أمريكي.
وحينها سلمت قيادها للدول العشر، وأضحى السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي لليمن والمتحكم في كل صغيرة وكبيرة.
فأطلق المجاميع الإرهابية التابعة له والمؤتمرة بأمره والمنفذة للأجندة الأمريكية في بلادنا باغتيالاتها وجرائمها، التي ظن الأمريكي أنه سيرهب ويرعب أبناء الشعب اليمني العظيم.
وحينئذٍ، كان السيد القائد المولى عبد الملك بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه وحفظه الله وأعز به الأمة والدين يدرك خطورة المشهد، لا سيما وقد تمكن العدو الأمريكي من السيطرة على ثورة الشباب السلمية.
بيد أن أنصار الله بقيادتهم الربانية الحكيمة ثبتوا في الساحات، وقرروا مواصلة الدرب والاستمرار في المسار الثوري حتى تحقيق الاستقلال والنصر الكامل، وإعادة اليمن من الحضن الأمريكي الصهيوني إلى الحضن الإسلامي العربي الحق.
ولما كان الشعب اليمني العظيم تواقًا للحرية والاستقلال، ويرغب في ثورة حقيقية تخرج اليمن من واقعها المرير إلى يمن حر كريم عزيز، يأبى الخضوع والخنوع والارتهان لقوى الشر والهيمنة في العالم والمنطقة،
هناك أيقن الشعب اليمني بقبائله الشرفاء ومختلف أطيافه وفئاته أن قائد الثورة السيد عبد الملك سلام الله عليه هو مخلص الأمة وأملها وقائدها الحق الذي سينقذهم من مستنقع الهوان والمذلة ويوصلهم إلى بر الأمان والعزة والمجد والنصر والسؤدد.
فأعلنت القبائل ولاءها والتفافها حول القيادة الحكيمة، وهبطت إلى الساحات والميادين سيولاً هادرة، فكانوا كالطوفان العظيم.
وفي ليلة 21 من سبتمبر من العام 2014م، دخلت القوى الثورية والقبائل الأبية بمساندة اللجان الشعبية، وتوجت بالنصر الإلهي المؤيد من الله سبحانه وتعالى.
وحينئذٍ تم إعلان انتصار ثورة 21 من سبتمبر المجيدة، ثورة شعبية يمنية المنشأ قرآنية المنهج لا شرقية ولا غربية طاهرة نقية غير مرتهنة لقوى الهيمنة والاستكبار وقوى العمالة والارتزاق وأدوات الشيطان الأمريكي المحلية والإقليمية.
فلما كانت كذلك، كانت القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة، وأولوية اليمن في الانتصار لها كخيار مبدئي إيماني إسلامي ديني قرآني إخوي شريف.
كما كان إعادة بناء الجيش وقواته المسلحة، وتطوير قدراته وترسانة أسلحته المختلفة، وتوجيه أبناء الشعب اليمني للإنتاج والاكتفاء الزراعي، من أهم الأهداف الثورية والأولويات اللازمة والملحة؛ لبناء أمة قوية قادرة على مواجهة مخاطر الأعداء، وتقديم الإسناد والدعم للمقاومة الفلسطينية، وهذا ما تحقق فعلاً وما نشهده اليوم واقعًا ملموسًا بفضل الله.
وفي الوقت الذي تقبع فيه الأمة صاغرة خاضعة لأعدائها، وقوى النفاق والعمالة والارتزاق في المحافظات الجنوبية المحتلة ويرتمون في أحضان الكيان الصهيوني الغاصب، ويلهثون وراء التطبيع جهارًا نهارًا خيانة للأمة والدين.
فإن يمن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر يواجه قوى الطغيان العالمي بقيادة الشيطان الأمريكي، وهو يقدم الإسناد والدعم لغزة وفلسطين.
فها هو يستهدف عمق الكيان الغاصب، بالصواريخ والمسيرات ويطبق الحصار عليه في البحار والمحيطات، رغم التضحيات الجسيمة وقوافل الشهداء في سبيل الله ونصرة للمستضعفين، في معركة الجهاد المقدس والفتح الموعود على طريق القدس ويقارع عدو الأمة الصهيوني بكل شموخ وإباء وثبات وإيمان راسخ بعدالة قضيتهم رسوخ الجبال الرواسي.
من أجل ذلك، اعتبر شرفاء الأمة وكل أحرار العالم أن اليمن بقيادته الثورية المباركة سفينة نجاة الأمة بأسرها، يمضي في طريق النصر الموعود من الله سبحانه وتعالى، وذلك وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، والعاقبة للمتقين.
**والحمد لله رب العالمين.**
======
*اللهُ أَكْبَرُ*
*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*
*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*
*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*
*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*
الكاتب من اليمن