فادي السمردلي يكتب: القيادة بين وهم السيطرة وحقيقة الفريق
بقلم فادي زواد السمردلي …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في كرة القدم، المدير الفني ليس مجرد رجل يصرخ من على خط التماس ويشير بيديه كما لو كان يقود حركة مرور عشوائية، بل هو عقل مدبر، يختار لاعبيه ويضع خططه ليحوّل الفريق إلى كتلة واحدة لا تهتز ولكن حين يكون هذا المدير ضعيف الشخصية، متردد الرؤية، يخشى من محيطه، فإنه يختار الطريق الأسهل: لاعبين بلا شخصية، ينفذون الأوامر بحذافيرها وكأنهم آلات، من دون أن يضيفوا روحاً أو إبداعاً وهنا يبدأ الانحدار فالفريق يصبح بلا ملامح، بلا روح، ويخرج من الملعب خاسراً، بينما يقف المدرب أمام الكاميرات متفنناً في الأعذار “الطقس لم يساعدنا، الحظ عاندنا، الحكم لم يكن منصفاً” وهكذا يتحول الضعف إلى مشهد يتكرر حتى يفقد الفريق نفسه.
هذه الصورة الرياضية هي انعكاس صارخ لأي قيادة ضعيفة في مجالات الحياة كافة فالقيادة الضعيفة تخشى الأقوياء من حولها لأنهم يفضحون عجزها، فيفضلوا الضعفاء الذين لا يجرؤون على الاعتراض أو التفكير المستقل فيظنون أن السيطرة على الضعاف تمنحهم مكانة، بينما هي في الحقيقة جدران من ورق تحيط بهم وما إن تهب أول عاصفة حتى ينهار كل شيء إنها أشبه بمن يحاول أن يسد شقوق سفينته بأقمشة بالية، يظنها تنقذه من الغرق، لكنها لا تزيده إلا اقتراباً من القاع.
الفريق هو المرآة الحقيقية للقيادة ، هو الصورة التي يراها الناس فإذا كان الفريق قوياً ومتماسكاً، تلمع صورة القيادة، أما إذا كان ضعيفاً ، فإن هشاشته تكشف القائد مهما حاول التمويه فالقيادة الحقيقية تعرف أن القوة ليست في الطاعة العمياء، بل في صناعة الثقة المتبادلة وبناء شراكة مع ألاقوياء قادرين على المواجهة والابتكار.
في كرة القدم، المدرب الذي يجرؤ على اختيار لاعبين ذوي شخصية، قادرين على اتخاذ القرار تحت الضغط، هو من يصنع فريقاً يحصد البطولات فهؤلاء لا يخافون من مواجهة التحديات، ولا يختبئون خلف التعليمات الجامدة، بل يحولون الخطة إلى واقع نابض بالحياة وعلى النقيض، المدرب الذي يكتفي بالمطيعين فقط، يظن أنه يسيطر على زمام الأمور، لكنه في الحقيقة يقود فريقاً هشاً، ينهار في أول مباراة قوية.
وفي الحياة اليومية، الأمر ليس مختلفاً فالقيادة في مؤسسة، حين يحيط نفسه بأشخاص بلا طموح ولا مبادرة، لا يجني سوى الفشل. أما من يجرؤ على أن يعمل مع أصحاب شخصية قوية ورأي مستقل، فإنه يخلق بيئة عمل متماسكة، قادرة على مواجهة العواصف، وصناعة الإنجازات فالقيادة التي لا تخشى النقد هي التي تثمر تقدماً حقيقياً، أما القيادة التي تبحث عن المصفقين فقط، فهي كمن يفرح بصدى صوته في غرفة فارغة.
الخلاصة أن القيادة ليست بطولة فردية، بل عمل جماعي تُقاس قوته بصلابة الفريق لا بضعف التابعين فمن يظن أن السيطرة على الضعفاء ستمنحه مكانة، سيكتشف في النهاية أن المركب يغرق به وبمن معه أما من يؤمن بأن قوته تأتي من قوة من حوله، فإنه لا يحتاج إلى تبريرات ولا إلى شعارات، لأن النتائج تتحدث عنه فالقيادة في جوهرها انعكاس للفريق، فإذا كان الفريق قوياً، كان القائد جديراً بالمشهد.
الكاتب من الأردن