فادي السمردلي يكتب: في علم النفس، الصدمة الحادة باكتشافك بأن خيارك الأقل سوءًا هو الأسوأ على الإطلاق
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
تعد تجربة اتخاذ القرار من أصعب التجارب التي يمر بها الإنسان، خاصة عندما يواجه خيارات جميعها تبدو غير مثالية أو سيئة إلى حد ما ففي هذه اللحظات، يميل العقل البشري إلى اختيار ما يبدو “الأقل سوءًا” في محاولة لتجنب الأضرار الأكبر، معتقدًا أنه بذلك يتخذ القرار الأكثر أمانًا ومع ذلك، تشير الدراسات النفسية إلى أن هذه الاستراتيجية قد تكون مضللة، إذ كثيرًا ما ينتهي الأمر بالصدمة عندما يكتشف الشخص أن اختياره، الذي اعتقد أنه الأقل سوءًا، هو فعليًا الأسوأ بين كل البدائل المتاحة.
علم النفس المعرفي يوضح أن الدماغ يسعى دائمًا لتقليل شعور الخسارة أو الندم، مما يجعل تقييم البدائل أقل موضوعية وأكثر تأثرًا بالعواطف والضغط النفسي وعند مواجهة الخيارات المعقدة أو المتعددة، يزداد احتمال اتخاذ القرار الخاطئ، مما يؤدي إلى شعور بالذهول والإحباط والصدمة عند إدراك النتائج الحقيقية هذه الصدمة ليست مجرد شعور عابر، بل تعكس تفاعلًا معقدًا بين الإدراك، التوقعات، العواطف، والتجارب السابقة، حيث أن كل هذه العوامل تشوه تقديرنا لما يبدو “الأقل سوءًا”.
تظهر هذه الظاهرة في مواقف الحياة اليومية، سواء في القرارات المهنية أو الشخصية أو حتى البسيطة مثل شراء منتج أو اختيار مسار معين وعلى سبيل المثال، قد يختار الشخص حلاً سريعًا لتجنب المواجهة أو الخسارة، ليكتشف لاحقًا أن هذا الحل أدى إلى نتائج أسوأ بكثير مما توقع ففي علم النفس التطبيقي، يطلق الباحثون على هذا ما يُعرف بـ “مفارقة القرار”، التي تشرح كيف أن رغبتنا في تجنب الأسوأ يمكن أن تقودنا مباشرة إلى الأسوأ نفسه.
الدرس المهم هنا هو أن اتخاذ القرار لا يقتصر على مقارنة الخيارات من الناحية المنطقية فحسب، بل يتطلب أيضًا وعيًا بكيفية تأثير المشاعر والضغط النفسي والتحيزات المعرفية على اختياراتنا فالفهم العميق لهذه العوامل يمكن أن يقلل من احتمالية الوقوع في الصدمة الناتجة عن اكتشاف أن ما اعتبرناه الخيار الأقل سوءًا هو فعليًا الأسوأ.وبذلك تصبح تجربة اختيار السيئ لتجنب الأسوأ نافذة لفهم كيفية عمل العقل البشري، وكيف يمكن للخبرة والوعي النفسي أن يوجها الإنسان نحو قرارات أفضل، حتى في أصعب المواقف.
إلى أولئك الذين كان خيارهم الأسوأ على الإطلاق لا تغضبوا ،لا تحزنوا، ولا تثقلوا أنفسكم بالندم ارمِ تلك الخيارات بعيدًا كما لو لم تكن موجودة أبدًا، فهي لا تستحق أن تُذكر أو أن تُعيق طريقكم فتعلموا منها بسرعة، ثم تابعوا السير بعزم نحو خيارات أفضل، بثقة وعقل صافٍ، لأن ما مضى قد انتهى، وما هو قادم يستحق كل اهتمامكم.
الكاتب من الأردن