الفريق أول البرهان وتداعي الاقتصاد
د.الطيب النقر ….
ما أشبه اليوم بالأمس
بقية من فوضى يردعها الحزم ، وفضل من اضطراب يزيله من لا يضعون أنفسهم موضع السخرية والاستخفاف ، وتعود بعدها الأمور إلى نصابها ، تعود مواقف الصراحة التي لا تحتمل شكاً ولا تأويلاً ، فحكومتنا المشبل تبتغي أن يتعافى اقتصادنا من كل علة ودنف ، وتسلك إلى تحقيق هذه المعافاة سبلها الواضحة التي يراها الناس جميعاً ، فلن تنقض الهتافات آمالها ، أو تبدد الاحتجاجات أمانيها ، سوف يحملنا سادتنا أيها الأكارم على ما لا نحب ، ويأخذونا بما لا نرضى ، حتى تعود قيثارة الاقتصاد تجود بأعذب الألحان ، اذن من خمود العقل ، وبلادة الضمير ، أن نخذل من ليس لهم سوابق في إزهاق الحرية ، وقتل الأحرار ، بل يجب أن نريهم جمال الصبر والجلد ، وكمال الثقة والاطمئنان ، وألا نسعى وراء شعارات لاذعة ممضة مفلولة الحد ، مقطوعة الرجاء ، ينفق فيها الجهد ، ويضاع فيها الوقت ، ويضحى فيها بالمهج ، بل يجب أن ندنو من أصحاب البراهين القاطعة ، والأدلة الناصعة ، ونتحفهم بإذعان فيه الإباء كل الإباء ، وخضوع فيه العزة كل العزة ، لتمضي هذه السنوات العجاف وتكون حياتنا بعدها حافلة بالرفاهية ، مترعة بالدعة والأمان .
لقد بلغ الجهد بخصوم الإنقاذ أقصاه ، وانتهى بهم الإعياء إلى غاية دونها خرط القتاد ، فالمعارضة التي تصور الإنقاذ دائماً بأنها أذاقت هذا الشعب أصنافاً من الذل ، وأخضعته لضروب من الخسف ، تنازع من أحالوا حياتنا القاحلة إلى جنان وارفة الظلال سدة الحكم ، تسفه أحلامهم ، وتسعى لوأد شأفة ما تبقى منها ، وهم من نعرف في لين الجانب ، ورهافة الحس ، لقد تعلقت أفئدة هذا الشعب الرافل في حلل النعيم بهذه الناجمة لأنه لم يشهد في حكمها الممتد حيفاً أو شططًا ، ويكفي أنهم أجلوا عنا غمرة العذاب التي كنا نكابدها في عهد الديمقراطية الثالثة ، إن الحقيقة التي لا يرقأ إليها شك ، والواقع الذي لا تسومه مبالغة ، أن الإنقاذ قمينة بالهيام الخالص ، والثناء الجميل ، وما أحراها بالإعجاب والإكبار ، وهي التي لم نشهد قط في سيرتها اعوجاجًا ، أو في سياستها انحرافًا ، أو في فهمها التواء ، أو في شيعتها شبهة من فساد ، إن مناقب الإنقاذ محاضرات يكثر فيها الكلام ، ومناظرات يعلو فيها الجدل ، بين أشتات يصلون مجدها التليد بالعهود الزاهية التي طبق فيها عدل الساسة آفاق الدنيا ، وبين مستنكر لهذه المقارنة من أساسها ، فقد تهالكت عليها جموع هذا الشعب لأنها لم تجد في حقبتها بأسًا أو شدة ، أو ظلمًا أو حدة ، فبعد كل هذه السيرة العطرة ، والشيم النبيلة ، تستحق منا الإنقاذ هذا الجور والعنت.
الطيب النقر
الكاتب من السودان