نبوءة ترامب وتراتيل الهذر
بقلم : عبد القادر جعيم …..
بسم الله الرحمن الرحيم
” أليس الصبح بقريب ” .
بعيدآ عن تكرار ما قيل ويقال والذي إستوفى حقه لدرجة الإشباع بعقولنا بل والشبع منها ، حول الإطار العام الذي حدده ترامب لخطته للسلام بالشرق الأوسط ، بحل مشكلة وصفها هو بنفسه سابقآ بإحدى تصريحاته التحضيرية قبل طرحه للخطة تلك ، بالقضية المعقدة منذ ٣٠٠٠ عام ،
ليخرج علينا فجر يومنا هذا ، معلنآ البدء بتنفيذ أول مراحل رؤيته المباركة بتسارع يفقد توازننا كالسحر العظيم ، وكأنه فعل خارق للعادة التي إعتادت قوانين الإستيعاب لعقولنا إستدراكها ، أو حتى إيجاد مفردات لغوية لوصف ما سيحدث ، وكل ذلك
بسبب الهذيان الذي أصاب تحليلاتنا لها لكثرة الغموض والهذر وكحل ليلها ، فأقلها بل وأهمها هو القبول رغم وجود تضارب جوهري بين بنود الخطة وتصريحات أطرافها ولاعبيها الأساسيين لبندها الأول الجوهري الذي تتفرع منه بقية المعطيات والنتائج .
فكيف هي باقي البنود ؟!!! ، وماذا سيحدث .
– فلو بدأنا من نقطة ما صرحت به ” فصائل المقاومة” كما جاء بلسان حال من خط رد حركة حماس الموجة للرئيس ترامب بأنه رد نتاج مشاورات مكثفة وليست منفرده به هي كحركة ، فقد كان المحتوى بخلاصه ” نعم ، ولكن ” ، أي سنفهم بأن هناك نعم على بنود منها وقف إطلاق النار ، وتحرير الأسرى من الجانبين ، وهو بالطبع ما أريد لنا رغمآ عنا وهو الحلم للوصول إليه كإنجاز عظيم ، لبشاعة ما أرتكب ، وأي حرف يتفوه به بغير ذلك فهو بزاوية الشك طبعآ ، وهو أصبح كذلك فعلآ ، فصناعة مجزرة مفتعلة من أطراف عده ، وأقول ( صناعة ) ، يستوجب على الجميع التنازل لوقفها ، وغير ذلك الرأي غير مبرر بكل المقاييس ، وهذا بالفعل ما توجه له الجميع ، فالهولوكوست مثلآ إن (صح التشبيه ) إستوجب حل وضعي من فاعل ذو سطوة لمفعول به ” شعب شتات بلا أرض ” على حساب شعب وأرض آخر بل ومستقبل منطقة بأسرها ، وأتهم من يقف بالضد لهذا المخطط بمعاداة السامية لاحقآ ، فهل نحن على أعتاب إتهامات مجهزة مسبقآ إن تم رفض الحل الوحيد للمقتلة ، وهي نبوءة ترامب لا غيرها
، وهو ما قاله الرجل ولسنا نحن ، إما القبول ، أو أبواب جهنم وبئس المصير للمنطقة ، حيث أخذنا هذا للقبول مع بعض التعديلات التي طرحت بضيق حال وإفتقار لمساحات نقاش أو حلول فضفاضه لنا أكثر عدلآ ، فحماس أوقعت الحجر بالبئر ، وعلينا إخراجه .
فجاءت بنود الخطة الترامبية والتي نشرت عناوينها العريضه وأبقيت على تنفيذ التفاصيل حيث تقاس وتحدد مساراتها حسب مجريات الأحداث لاحقآ !
وإن رجعنا للبند الأساس ، والخطوة الأولى للخطة وهو وقف القتال والأسرى ، فجاءت الموافقة بنعم لنلحظ بالساعات القادمة التجهيزات على عجل لنفيذها بسرعة تفوق توقعات البعض ، رغم – ولكن – التي تركت لاحقآ ، والتي جاءت من ” طرفي النزاع” ونقصد حماس وحكومة الإحتلال ، على باقي عناوين الخطة وهي الأهم كحل ، وهذا يشي لنا بإحتمالين تفاوضيين أو إستسلام لا إحتمال رابع لهم ، إما توافق ، أو خدعة ومماطلة لاحقآ ، أو رحيل .
فأما إن كان توافق ، فهل ما طرحته حماس من قضايا لاحقة جوهرية كسلاحها ومصير مقاتليها ، وصورة حكم القطاع الفلسطينية المستقبلية ودورها به ، وجميعها التي لقت رفض نتنياهو الجذري المسبق عليها ، هو تنازل من الإحتلال بصمته عنها الآن والترويج لتنفيذ الخطوة الأولى ، أم أنها من منطلق لنأخذ أولآ ما لنا ولكل حادث حديث وهو الخديعة والفخ ، أم توافق مسبق مبطن برسائل من تحت الطاولة محتواها قبول حماس بتسليم حكمها وسلاحها وخروج قياداتها لاحقآ من المشهد العام ، أم توافق ببقائها مسالمه وتكريس الإنقسام الفلسطيني لاحقآ وفصل غزة والضفة ، وإجهاض حل الدولتين .
وهنا نراقب تصريحات ثلاث لقيادات الحركة ليلة أمس ولن ننظر لتصريحات الإحتلال لأنها محصورة بعناية بمشهد واحد كما يرى صاحب البيت الأبيض ( وهو إنجاز سريع للخطوة الأولى ) ، فتصريحات حماس إنشقت بمحاور ثلاث ، أحدها نطق بها موسى ابو مرزوق عقلانية متوازنة نوعآ ما ، وأخرى قيادات ميدانية قسامية وغيرها بغزة تدعوا للرفض والقتال ، وثالثها رسالة الحركة لترامب والتي جاءت عبر الوسطاء لقيادات حماس السياسيين ممن يقطنون بالخارج ، وجميعها متضاربة .
والغريب بالأمر هو تجاوز ترامب كل ذلك التضارب المهم من الطرفين ” الإسرائيلي ” والحمساوي لخطته ليعلن البدء بتنفيذ المرحلة الأولى بسرور ، وهنا ندخل مدخل واحد يعيدنا لنقطة مفهومها إنتهاز الفرصة على عجل ، وهذا أقرب لمفهوم نتنياهو وهو لنأخذ ما لنا أولآ ولكل حادث حديث بصيغة غير مرنة تحمل بعض الأعطيات السعيدة لشعب مرهق ، وصل به الحال ليرى الطعام والمسكن والدواء أعطية للأسف ، وهذا بالطبع لم يغيب عن بال قيادات الحركة أو الوسطاء ، إذآ فما التوافق الذي وصلوا إليه جميع الأطراف ، أم نحن كما قلنا سابقآ ننأى بأنفسنا بأن نكون محل شكوك غير بشرية إن تسبب مجرد تفكيرنا بتأخير أي إنجاز على الأرض يوقف المجازر ، إن لم ننجر المضي قدمآ لإتخاذ الخطوة الأولى تلك أو الثناء عليها ، لندخل بعدها بترتيلات غير مفهومة من تفصيلات عبثية ومد وجزر متوقع ، كما عهدتم بالصهاينة .
وحينها لا أوراق ضغط على الإحتلال ، بل ستتفرد كل دولة من أطراف النزاع بحل قضاياها الإستراتيجية التي تصب لصالحها وهذا حقها المشروع ، والسبب دخول الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة بالتاريخ لأتون الصراع كطرف وليس كوسيط كما مثلت طيلة الفترة الماضية ، وعليها سترتسم ملامح حل القضية الفلسطينية وبعض قضايا المنطقة الهامة الأخرى المصيرية ، وهنا وبهذه النقطة تحديدآ ، والتي متوقع بأن تكون ملامحها أكثر وضوحآ لاحقآ وعن القريب العاجل ، نحو إما مماطلة أخرى قادمة من جلسات مفاوضات هنا وهناك ، أو صدام آخر مفتعل يأخذنا لتنازلات أكبر مستقبلآ ، أو الإثنان معآ ، أي مفاوضات تحت نيران صراعات عسكرية وإقتصادية طاحنة للدول العظمى كما نتلمس الحشد والتعبئة لها ، لتصبح القضية الفلسطينية بالمرتبات الأخيرة من الإهتمام مرة أخرى بنصف الطريق على أحسن تقدير ، ويستوجب على الجميع بهذه الساعات المصيرية بذل الجهد لمحاولة إكتساب أكبر قدر ممكن من الإنجازات الأخرى بشكل موازي للهدف الرئيسي المنشود بوقف المحرقة الفلسطينية المفتعلة ، وعلى حماس تسليم الملف كاملا الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والوسطاء من الأشقاء والأصدقاء ، فهي غير مؤهلة لإدارة تلك الأزمة المصيرية للمنطقة ، هذا من منظور حسن الظن بها ، وأنها إستدركت خطأ زعزعتها لوتد الخيمة الجامعة ، وهو ما نرجوا إن إستدركت ..
* فلا شك عند البعض في أن لا حل وضعي عادل وأقول عادل ، لقضية ال ٣٠٠٠ عام ، ستحل من صاحب الصفقات التجارية القرنية ، أو المحتل المتطرف آيديلوجيآ حتى النخاع .
والصبح قريب …