شو دَخَلك ودَخّلَك يا وزير الداخلية!

بقلم العميد المتقاعد هاشم المجالي
…………………..
يا معالي الوزير،
خليني أسألك من الآخر، شو دَخَلك؟ شو دَخّلَك بأفراحنا وأتراحنا، وبِطبخ المنسف اللي بيغلي على الحطب، وبالقهوة السادة اللي بتغلي بدموع الحزانى؟
شو دخلك بقُرانا اللي إذا مات فيها واحد، بتتحول لوليمة على شرف المرحوم، وبأعراسنا اللي بتصير ساحة عرض عسكري بين مين يذبح أكثر ومين يطخ أكثر ومين يزمر أكثر ويسكر شوارع أكثر ؟

يا معالي الوزير، إحنا شعب عنده عادات راسخة زي جبل نبو، وعنده كرامة تِكفي عشرة شعوب. بس عنده كمان عناد وعادة انتقاد ما بتكسره لا مبادرة ولا قرار وزاري. إحنا شعب ممكن يبيع أرضه عشان يعمل جاهة، ويستقرض من البنك عشان يغدي أهل الحارة، ويستلف من جاره عشان يجيب فرقة تغني “مبروك والعادة خالد بن الوليد ”.
يعني إحنا ما بنخاف من الفقر، بنخاف فقط من الحكي! بنخاف من الناس الي بتقول “ما غدّاناش”، “ما سواش”، “عرسه باهت وهايت “، “عزاه خفيف ضعيف “.
حتى صرنا نغذّي الكروش وننسى نسدّد الديون، ونطعم الشبعانين وننسى الجيعانين في بيوتنا اولاد المراحيم أو ذويهم .

بس خليني أقولك شغلة يا معالي الوزير…
إنت نيتك طيبة، ومبادرتك حلوة، والنية الصافية ما حدا بزعل منها إلا من اعتاد أن ينتقد ويعارض الناس وإن لم يجد فإنه سينتقد نفسه ويعارض حاله .
بس يا سيدي، اللي بدّه يوفر مش بحاجة قرار، واللي بدّه يتباهى مش رح يردّ على منشورك ،والله لا يرده وخرجة وخليه يُبذِرّ ويُسرِف ويتخاوى مع الشياطين .
الغني ما بطخ، والفقير ما بيوفر، واللي بيناتهم بيحاول يرضي الكل وبالآخر بيغرق بالديون.

صدقني يا معالي الوزير، مشكلتنا مش في القانون، مشكلتنا في “ الخوف من مصطلح العيب الي صار سلاح بخوف آكثر من طخ العروس”، وفي “قالوا الناس”، وفي “هيك العادات”.
إحنا بنعيش بنُص قرآن وسنة ونُص عرف محدَّث وليس أصيل ، وإذا اختلفوا الإثنين، بنمشي مع العرف المُحدَث وبننسى القرآن والسنة وعرفنا القديم وبنمشي مع البِدَع على العرف . .
يعني لو نفس المبادرة طلعت من سيدنا — الله يطوّل عمره — كان شُفنا الناس بتحكي عنها كأنها وصية لقمان الحكيم لأولاده وشعبه ، وكان اللي بيطخ اليوم بيصير داعية ودكتور وبأطروحة رسالة عنها وناجح دون مناقشتها ا!

بس رغم كل شي، خليك مطمّن،
مبادرتك يا معالي الوزير عملت أثر، يمكن مش زي ما بدك، بس خلت الفقير يحكي: “ما رح أعمل عزيمة، الوزير قال ما في داعي وانا مقتنع بمباردته “، وخلت الغلبان يلاقي حجة محترمة يقولها وهو مرفوع الراس.
يعني بيني وبينك، يمكن “شو دخلك” صارت “الله يجزيك الخير”.

بس بتعرف شو؟
قبل ما نلومك، خلينا نلوم حالنا، ونسأل:
إحنا ليش منركض ورا المظاهر اللي بتأكل عمرنا وبتبلع لقمتنا؟
ليش بنخلي العزاء وليمة، والفرح معركة صوتية، والجاهة بطولة أعداد؟

يا معالي الوزير،
خليك متفرج… مش لأنك مالك دخل،
بل لأننا لازم نصلح حالنا بإيدينا، مش بأوامر وزارية.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا