زمن النفاق… حين أصبح المال والفساد تاجاً والصدق جريمة

محي الدين غنيم  ….

 

نعيش اليوم في زمن غريب، زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وتبدّلت فيه القيم حتى بات الصادق منبوذاً، والأمين مهمشاً، والعادل يُحارب وكأنه عدو المجتمع!
صار النفاق سلماً للترقي، والكذب جسراً للوصول، والولاء للجاهل طريقاً إلى النفوذ. أما من يقول كلمة الحق، فهو مغضوب عليه، محارب من كل اتجاه، وكأن الصدق أصبح خطيئة لا تُغتفر!

أصبحنا نرى المنافقين يصفقون للمسؤول الفاسد، ويتزلفون للجاهل صاحب المال، يمدحونه كأنه منقذ البشرية، بينما في الحقيقة هو لا يرى أبعد من مصالحه الضيقة. وفي المقابل، يُقصى صاحب الضمير، ويُهمّش المخلص، لأن زمن الغابة لا يحتمل من يملك قلباً نقيّاً أو فكراً مستنيراً.

في هذه الغابة البشرية، أصبحت الوحوش أكثر رحمة من البشر، لأن الحيوان يهاجم ليأكل، أما الإنسان المنافق فيبتسم ليغدر، ويصافح ليطعن، ويعد ليخون.
ما أقسى أن ترى النفاق يُكافأ، والحق يُعاقب، والباطل يُزغرد له الناس وكأنه نصر مبين!

لقد ضاعت الأخلاق بين دهاليز المصالح، وتاهت القيم بين ألسنة المتلونين.
ولكن رغم هذا الظلام، سيبقى هناك من يرفض النفاق، من يتمسك بالصدق ولو خسر العالم، لأن الكرامة لا تُشترى، والضمير لا يُباع، والحق وإن غُيّب يوماً سيعود يوماً ليعلو فوق كل الباطل.

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا