تأييدًا لما طرحه العين ” فاضل باشا الحمود ” ودفاعًا عن الموقف الأردني الثابت تجاه فلسطين وغزة
محي الدين غنيم ….
من يقرأ ما خطّه العين فاضل باشا الحمود في مقاله “لا شيء يوجب الشكر” يدرك تمامًا أن الكلمات قد قالت ما عجزت عنه كثير من الأصوات ؛ قالها الرجل بضميرٍ وطنيٍّ صادق، وبلغةٍ تليق بالأردن العظيم وقيادته الهاشمية الأصيلة التي لم تتاجر يومًا بالقضية الفلسطينية، ولم ترفع الشعارات الزائفة، بل كانت دائمًا تعمل بصمت وتقدّم بالفعل.
نعم، لا شيء يوجب الشكر لأن ما قام به الأردن ليس منّةً ولا تفضّلاً، بل واجبٌ قومي وإنساني وأخلاقي تجاه أهلنا في غزة الذين يتعرضون لأبشع مأساة عرفتها الإنسانية الحديثة.
فمن لا يرى الجسر الجوي الأردني الذي لم ينقطع، ومن لا يسمع أزيز طائرات نسور سلاح الجو الملكي التي تخترق الخطر لتلقي الدواء والغذاء، ومن يتغافل عن مستشفياتنا الميدانية التي أجرت آلاف العمليات تحت القصف، ومن يتجاهل جهود جلالة الملك عبدالله الثاني الذي حمل القضية على كتفيه في كل محفلٍ دولي، فهو إما جاهل بالحقيقة أو متعمّد في طمسها.
لقد صدق فاضل باشا حين قال إن الأردن لم ينتظر الشكر من أحد، لأن من يقود هذه الدولة هو الهاشمي الذي ورث المجد من أجداده، وجعل من الموقف لا من الخطاب عنوانًا دائمًا لسياسته.
جلالة الملك عبدالله الثاني، لم يكن يومًا متفرجًا على مأساة غزة، بل كان في الصفوف الأولى سياسيًا وإنسانيًا؛ جال العواصم وواجه الغطرسة الدولية، حتى أعاد الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية إلى واجهة القرار الدولي، في وقتٍ كانت فيه كثير من الأنظمة تتوارى خلف البيانات الجوفاء.
ولم يكن الملك وحده؛ فقد كانت جلالة الملكة رانيا العبدالله تُسمِع العالم صوت الأمهات الثكالى في غزة، وتنقل للعالم بشاعة العدوان، وتحتضن الأطفال المرضى وتفتح لهم أبواب المستشفيات الأردنية، لتقول للعالم: هذه هي الإنسانية الهاشمية.
وكان ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني هناك على الأرض، يشرف على إيصال المساعدات بنفسه، بينما الأميرة سلمى تحلّق في السماء تحمل الدواء والغذاء في زمنٍ صمتت فيه ضمائر كثيرة.
من يقلّل من دور الأردن في غزة، إما لم يقرأ التاريخ أو تعمّد إنكار الحقيقة.
فالأردن لم يكن يومًا جزءًا من لعبة المزايدات، ولم يتحدث باسم المقاومة وهو في المكاتب المكيفة، بل قاوم بإنسانيته، بثباته، وبوصايته على القدس، تلك الوصاية التي لم تكن شعارًا بل فعلًا ميدانيًا وسياسيًا لا ينقطع.
ومن هنا نقولها بصوتٍ عالٍ:
كفى تشكيكًا وكفى مزايدات!
فالأردن لم يقدّم لغزة البيانات، بل قدّم الدماء، لم يرسل الشعارات، بل أرسل الطائرات، لم يكتفِ بالتصريحات، بل بنى المستشفيات، فتح المعابر، وتحمل مسؤولية أكبر من حجمه الجغرافي لأنها مسؤولية تليق بعِظَم تاريخه وقيادته.
نعم، نحن مع ما قاله فاضل باشا الحمود، لأن الأردن لا يُقاس بما يقول، بل بما يفعل، ولا يحتاج إلى شهادة من أحدٍ ليُثبت صدقه، فالميدان يشهد له، والسماء تشهد له، وغزة نفسها تعرف من كان معها في السراء والضراء.
ولمن حاولوا المزايدة أو التشكيك، نقول: الأردن لا يرفع صوته ليُسمَع، بل يعمل ليُرى أثره.
ومن أراد أن يعرف معنى العروبة الحقيقية، فليقرأ أفعال الهاشميين، لا بيانات من باعوا المبدأ بثمن السياسة.
الكاتب من الأردن