“غزة تشتعل من الداخل… إعدامات بلا محاكمات تهدد ما تبقى من القضية!”
محي الدين غنيم …..
في الوقت الذي لا تزال فيه غزة تلملم جراحها من ويلات العدوان الصهيوني، تتفجر من داخلها أزمة أخلاقية وإنسانية لا تقل خطورة عما جرى من الخارج. إعدامات ميدانية دون محاكمات، ودماء تُسفك بأيدي أبناء الوطن الواحد، في مشهد مؤلم يُعيد إلى الأذهان فوضى الغاب حيث يغيب القانون وتُغتال العدالة.
إن ما يجري اليوم في غزة يهدد النسيج الوطني والمقاومة ذاتها، ويمنح العدو الصهيوني الذريعة التي طالما بحث عنها لتشويه صورة النضال الفلسطيني وتقديمه للعالم على أنه صراع بين فصائل متناحرة لا بين شعب يقاوم الاحتلال. فحين تُنفذ أحكام الإعدام بلا محاكمة عادلة، فإننا نفتح الباب واسعاً أمام الفوضى والانتقام، ونغلقه أمام العدل والإنصاف.
القانون ليس رفاهية في زمن الحرب، بل هو صمام الأمان الذي يحفظ كرامة الإنسان ويصون شرف المقاومة. أما تجاوز القانون فهو انتحار أخلاقي وسياسي، ومَن يُعدم دون محاكمة اليوم قد يُعدم ضمير الوطن غداً.
على كل صوت حر في غزة أن يقول كلمته، فالصمت في مثل هذه المواقف جريمة. المطلوب اليوم وقفة شجاعة تُعيد الاعتبار للعدالة، وتمنع تحويل سلاح المقاومة إلى أداة تصفية داخلية.
غزة التي قاومت الاحتلال لعقود لا تستحق أن تُجلد بسوط أبنائها، ولا أن تُدفن تحت ركام القهر مرتين: مرة بنيران العدو، ومرة بأيدي من يفترض أنهم حماة الدم والعرض.
الكاتب من الأردن