فادي السمردلي يكتب: حين يُكافئ الجهلاء والأغبياء تنهار المنظومة من الداخل
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
وجود الجهلاء والأغبياء داخل أي منظومة لا يعتبر مجرد خلل عابر يمكن تجاوزه بسهولة في حال وجودهم ، بل هو وباء صامت ينهش أساس المؤسسة من الداخل، يجعل كل خطواتها مرتعًا للفوضى والارتجال والرداءة والمشكلة الكبرى لا تكمن فقط في الجهل ذاته، بل فيما يحدث عندما يُترك الجاهل دون محاسبة على تصرفاته، وحين يحاول تغطية أخطائه بتغيير النتائج أو تزييف المخرجات ففي هذه الحالة، يتحول النظام إلى مسرح للعبث، حيث لا أحد يعرف من المسؤول الحقيقي عن فشل المشاريع، ويصبح الخطأ سياسة مستترة، متاحة لكل من يفتقد الوعي أو المعرفة فالأغبياء الذين لا يعرفون الأنظمة والتعليمات يدخلون في التنفيذ وهم يظنون أن الحماس والإرادة يعوضان عن نقص الفهم، ثم يكتشفون متأخرين أن كل خطوة اتخذوها خاطئة، وأن النتائج النهائية التي تُحسب على الجميع تحمل بصماتهم الخفية بدلاً من محاسبتهم على سوء التطبيق، يُحاسَب النظام نفسه أو النتائج، وكأن الخطأ هبط من السماء بلا فاعل، وهذا يشجع على تكرار الأخطاء ويغرس ثقافة الانفلات المهني.
أما غياب الالتزام بمعايير الأداء فهو السم الذي يخلط السم بالدواء، فحين لا تكون هناك قواعد واضحة لقياس الجودة أو التقييم، يتحول الأداء إلى خيار شخصي لكل فرد، وتصبح المخرجات متقلبة لا يمكن التنبؤ بها فالجودة والإتقان يتحولان إلى رفاهية لا يمكن الوصول إليها، والنتيجة النهائية غالبًا ما تكون كارثية وكل هذا يحدث في صمت، بينما يزداد الجهل قوة، ويكبر تأثيره، لأن من يُفترض أن يقود ويراقب لا يقوم بمحاسبة الجاهل على جهله، بل يتسامح مع الأخطاء في مرحلة التنفيذ، فقط ليُحاسَب الجميع لاحقًا على النتائج، وكأن المسألة مجرد لعبة رقمية يمكن تعديل أرقامها لإخفاء العجز.
الخطورة الحقيقية تظهر عندما يبدأ البعض بتغيير النتائج أو تحريفها لتغطية فشل التنفيذ فهذه الممارسة ليست مجرد خداع، بل انتهاك مباشر لروح النظام، وتحويل المؤسسة إلى مسرح للتهرب والازدواجية في المعايير فحين تُصبح تغطية الأخطاء جزءًا من السلوك الطبيعي، تنهار الثقة بين الموظفين، ويتلاشى الإحساس بالمسؤولية، ويصبح كل شيء قابلاً للتلاعب فالذكاء والكفاءة لم تعدا محركين للمنظومة، بل أضحى الانتماء الأعمى والقدرة على التملص من المحاسبة هما المعياران الرئيسيان للنجاح، وهذه بيئة مثالية للفوضى والهدر المستمر.
في ضوء كل ما سبق، يصبح واضحًا أن القيادة في هذه الحالة ليست مجرد وظيفة، بل مسؤولية جسيمة فمن يجب أن يقود المنظومات هم أولئك الذين يتمتعون بوعي حاد، معرفة دقيقة بالأنظمة، وقدرة على محاسبة كل من يخرج عن المسار، سواء من الجهل أو من سوء النية فالقيادة الحقيقية تعني وضع كل عقل في مكانه الصحيح، ومعاقبة كل تصرف غير مسؤول، وإزالة أي تأثير للجهل أو التهاون قبل أن يتضاعف الضرر فالقائد الحقيقي لا يخشى مواجهة الأغبياء، ولا يكتفي بتغيير النتائج لتجميل الأخطاء، بل يسعى لإعادة النظام إلى مساره، ويحول المؤسسة إلى مكان يتحرك فيه كل موظف ضمن قواعد واضحة وشفافة، حيث تُقاس النتائج بالجهد والمهارة، وليس بالمكائد أو التخفي وراء القراءات والأرقام المزيفة.
وجود الأغبياء بلا محاسبة وبالتوازي مع تغطية الأخطاء يخلق بيئة مرضية على المدى الطويل ضعف الإنتاجية، انهيار الثقة الداخلية، وتدني مستوى المخرجات بشكل مستمر فهذه ليست مجرد مشكلة تشغيلية، بل أزمة وجودية لأي منظومة ترغب في البقاء والاستمرار فالحل يبدأ بوعي القيادة، بحزمها، وبدقتها في تطبيق الأنظمة دون استثناء، وبتأكيد أن الجهل غير المراقب لا يمكن أن يكون سياسة، وأن الكفاءة والشفافية هما المعيار الحقيقي لأي نجاح مستدام.
الكاتب من الأردن