فادي السمردلي يكتب: فشل التحديث السياسي أزمة أحزاب لا أزمة قوانين

بقلم: فادي زواد السمردلي  …..

#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال

👈 هذا المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه مع أشخاص أو وقائع هو محض صدفة غير مقصودة. 👉

في قلب كل مشروع تحديث سياسي يكمن امتحان صعب لمدى قوة المؤسسات السياسية وقدرتها على تحويل الوعود إلى واقع فالمتابع للمشهد يكتشف بوضوح أن بعض الأحزاب ما زالت مجرّد منصّات شعارات، تتحدث عن الإصلاح والتطوير، لكنها تتعثر عند أول اختبار للتنفيذ.

وهنا تبرز الحقيقة الأساسية الأزمة ليست أزمة قوانين فالتشريعات وُضعت، والأبواب القانونية فُتحت أمام العمل الحزبي، وتم توفير مساحات يمكن للأحزاب من خلالها بناء حضور سياسي حقيقي، وإشراك الشباب والمرأة، وتطوير برامج قادرة على المنافسة. الإطار القانوني جاهز والفرصة متاحة، لكن من الواضح أن كثيراً من الأحزاب لم تستثمر هذه الفرصة بعد فالقوانين فتحت الطريق، بينما بقيت بعض الأحزاب واقفة عند البدايات، تردّد الكلام نفسه دون خطوة عملية للأمام.

المواطن اليوم لم يعد يثق بالخطابات ولا ينتظر المزيد من العبارات المنمّقة فالتحديث السياسي بالنسبة له ليس ورقة إصلاح تُنشر، ولا قانوناً يُعدّل، بل نتائج تُلمس في الخدمات والفرص الحقيقية والشفافية والتغيير الفعلي في إدارة الشأن العام وحين يرى أن الأحزاب لا تقدّم إلا الكلام، فإن الفجوة بينه وبينها تتسع وينحسر الأمل.

الأسوأ من ذلك أن الأحزاب التي تفشل في إنجاز دورها لا تعترف بمسؤوليتها، بل تلقي اللوم على الظروف أو على قصور البيئة، متجاهلة أن الأزمة في جوهرها تكمن في ضعف برامجها وفي محدودية أدائها الداخلي وفي غياب القيادات المؤهلة على أرض الواقع وهكذا يتحوّل مشروع التحديث السياسي إلى مشهد متعثر، حسن النوايا، لكن خالي الأثر.

نجاح التحديث السياسي لن يقاس بالنصوص ولا بالتصريحات، بل بما يلمسه المواطن في يومه مكافحة فساد تُرى نتائجها، خدمات تتحسن، شفافية تُطبّق، ومصلحة عامة تُقدّم على الحسابات الشخصية والحزبية وهذا لن يتحقق ما لم تتحوّل الأحزاب إلى كيانات برامجية منتجة، تمتلك القدرة على المبادرة والتنفيذ، وتلتزم بمبدأ المحاسبة قبل ترديد الشعارات.

المطلوب اليوم ثورة داخلية داخل الأحزاب مراجعة شاملة للبرامج، تغيير الوجوه غير القادرة على الإنجاز، ووضع آليات رقابية حقيقية تعيد الثقة بين المواطن والحياة السياسية فلا يمكن انتظار إصلاح من أحزاب مشغولة بصراعات داخلية على المناصب والمكاسب، أو عاجزة عن التواصل الجاد مع المجتمع.

في النهاية، سيظل التحديث السياسي حلماً مؤجلاً إذا بقيت الأحزاب أسيرة الكلام فالتغيير لن يتحقق إلا بحزب يفعل لا يبرّر، يلتزم لا يتراجع، ويسعى لتحقيق نتائج لا لالتقاط الصور حزب يضع المواطن أولاً، ويحوّل كل خطة وكل قانون إلى واقع.

أما إذا بقيت الأحزاب على حالها، فستبقى شعارات التحديث صدى فارغاً، وستظل أحلام الإصلاح مقيّدة بالفشل قبل أن تبدأ.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا