فادي السمردلي يكتب: الشخوص العبثية تأثيرها مدمر

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

تظهر الشخوص العبثية في أي منظومة كعناصر مزعجة، بل غالبًا مدمرة، تتسلل بين أطر العمل الرسمية وغير الرسمية، دون أن تقدم قيمة حقيقية أو تسهم في تحقيق أي أهداف بعيدة المدى فهؤلاء الأشخاص ليسوا بالضرورة عديمي الخبرة أو الجدارة، بل قد يكونون على العكس ذوي قدرة عالية على المناورة والتمويه، مما يجعل التعرف على أثرهم السلبي تحديًا كبيرًا فجوهر العبث لديهم يكمن في أنهم يعملون لصالح مصالح ضيقة أو نفوذ شخصي على حساب الصالح العام، ويُبهرون من حولهم بالخطابات الرنانة أو التظاهر بالانشغال بما يبدو مهماً، بينما ينهكون المجهود الجماعي أو يعرقلونه بشكل ممنهج.

أهداف الشخوص العبثية غالبًا واضحة لمن يملك رؤية دقيقة، السيطرة على مساحات القرار الرمزية، تحويل الانتباه عن قصورهم عبر خلق أزمات مفتعلة، ضمان استمرار التبعية من الآخرين من خلال فرض قواعد غير مكتوبة، واستثمار الفرص المتاحة لخدمة مصالحهم الخاصة سواء كانت مالية، سياسية، أو اجتماعية وفي كثير من الأحيان، فإن هدفهم الوحيد هو البقاء في موقع القوة أو النفوذ، حتى لو على حساب تحطيم أداء الجهود المشتركة أو تعطيل أي مشروع يهدف إلى تحسين الواقع فهذه الأهداف، وإن بدت صغيرة على مستوى كل فرد، تتجمع لتخلق تأثيرًا كبيرًا على الصورة العامة للمنظومة فالثقة تهتز، روح العمل الجماعي تتلاشى، فتصبح البيئة الداخلية مشحونة بالصراعات والتوترات، بينما ينجح هؤلاء العبثيون في الترويج عن الكفاءة وهم على العكس تمامًا.

الضرر الذي يلحق بالصورة العامة كبير ومتعدد الأبعاد فعلى المستوى الداخلي، يتراجع الالتزام والإبداع، وتنتشر ثقافة “النجاة الشخصية” بدل التركيز على الأداء والجودة والموظفون أو العاملون الصادقون يصبحون إما محبطين أو مُجبرين على الانسحاب،مما يؤدي إلى فقدان الموارد البشرية الكفؤة وعلى المستوى الخارجي، تتأثر السمعة العامة فالجمهور أو المتعاملون يرون منظومة عاجزة أو مشتتة، وتتصاعد المخاوف من فساد أو سوء إدارة، حتى لو كانت الجهود الفعلية كبيرة فهذه السمعة المتدهورة بدورها تؤثر على الدعم العام، سواء كان ماليًا أو معنويًا، وتخلق دورة مستمرة من الإحباط والشك.

تجاوز هذه المعضلة يتطلب مقاربة حازمة وجذرية، لا تقتصر على التوبيخ أو النقد الأخلاقي والخطوة الأولى هي تصميم قواعد واضحة للمساءلة، بحيث يُقاس الأداء بشكل موضوعي، ويرتبط بالنتائج الفعلية وليس بالمظاهر أو الخطابات البراقة ثانيًا، تقليص تركيز السلطة في أي جزء من المنظومة يقلل من قدرة الفرد العبثي على تعطيل كل العمليات أو الاستفادة من الفراغات ويجب أيضًا تعزيز ثقافة مؤسسية تشجع الشفافية والإفصاح، مع حماية صريحة للمنتقدين عن أي ممارسات ضارة ومكافأة صريحة لمن يسهمون في الإصلاح الحقيقي.

جانب آخر مهم هو التكنولوجيا وأدوات الرصد فجمع البيانات وتحليلها بطريقة دقيقة يقلل من مجال التلاعب ويكشف أي انحراف عن الأداء المتوقع وكذلك، اختيار القيادات والمشرفين يجب أن يقوم على معايير مهنية دقيقة، بعيدة عن الولاءات الشخصية أو المحسوبية، لضمان أن المواقع الحساسة لا تصبح أدوات للعبث وأخيرًا، التدخلات القانونية والإدارية لا بد أن تكون موجودة كخط دفاع أخير من إعادة هيكلة، وتغيير قيادات، إلى إجراءات قضائية صارمة ضد من ثبت تورطهم في تعطيل الجهود عمدًا.

في النهاية، الشخوص العبثية ليست مجرد ظاهرة سطحية يمكن تجاهلها، بل تهديد مستتر يضعف أي محاولة للتطوير أو الإصلاح والبقاء صامتين أمامهم يعني السماح لهم بالتحكم في المسار العام وتحويل أي جهود جدية إلى مجرد تمثيل فمواجهة هذا التحدي تتطلب مزيجًا من الحزم المؤسسي، الشفافية المفتوحة، والمساءلة المستمرة، بالإضافة إلى إرادة اجتماعية حقيقية تطالب بالجدية والكفاءة بدل المجاملات أو الارتجال فقط وحين تتضافر هذه العناصر يمكن استعادة الفاعلية والصورة الإيجابية، وخلق بيئة تتوقف فيها ثقافة العبث عن التسلل إلى كل زاوية.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا