فادي السمردلي يكتب: نواب القائمة العامة الحزبية في البرلمان اختبار للتمثيل وكفاءة الأحزاب
بقلم فادي زواد السمردلي …
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
أدّى تخصيص إحدى وأربعين مقعدًا برلمانيًّا للأحزاب خلال الانتخابات الماضية إلى فتح بابٍ واسع أمام الأحزاب السياسية لإثبات حضورها في الحياة النيابية الأردنية وتعزيز دورها في صنع القرار فالفوز بالمقاعد المخصّصة للقائمة العامة الحزبية في مجلس النواب الأردني ليس مجرد حدث انتخابي أو إنجاز حزبي، بل هو اختبار حقيقي لقدرة أعضاء الأحزاب على ترجمة التمثيل الشعبي إلى مسؤولية وطنية ملموسة فمن يحصل على هذه المقاعد يجب أن يدرك أن دوره يتجاوز الطموحات الحزبية الضيقة، وأن المجتمع الأردني يراقب عن كثب مدى التزامه بمبادئ التشاركية والمصلحة الوطنية العليا.
إن نجاح أي حزب في القائمة العامة يعني أن لديه فرصة لإثبات أنه يستحق هذا التمثيل، لا أن يستغله كوسيلة لتعزيز النفوذ أو فرض الأجندات الحزبية على حساب الآخرين.
الأردن في هذه المرحلة بحاجة إلى برلمان يمثل كل ألوان الطيف السياسي، ويعكس التنوع الفكري والاجتماعي للمواطنين فلا يجوز لأي حزب أو عضو حزبي أن يختزل الوطنية في شعارات أو شعور بالامتياز، أو أن يمارس الإقصاء بحجج واهية لا سند لها قانونيًا أو قضائيًا فالوطنية الحقيقية تتطلب مشاركة الآخرين، والاعتراف بأن الاختلاف جزء من البناء السياسي، وأن أي محاولة لاستبعاد المنافسين أو الطامحين في العمل السياسي تقوض مصداقية العملية الديمقراطية وتضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات.
على أعضاء الأحزاب الذين نجحوا في القائمة العامة أن يفهموا أن المقاعد التي حصلوا عليها ليست مكافأة، بل أمانة والأمانة تعني الالتزام بالشفافية والمساءلة، وتعني العمل على تطوير برامج سياسية حقيقية تلبي احتياجات المواطنين بدل الانغماس في الصراعات الحزبية الداخلية أو الانقسامات العقيمة فالقيم الأساسية التي يجب أن تحكم عملهم هي التشاركية، احترام الآخر، وإعطاء الفرصة لكل صوت ووجهة نظر أن تكون ممثلة في البرلمان.
التحدي الأكبر أمام هؤلاء النواب يكمن في تجاوز منطق المكاسب الضيقة والتفكير في المصلحة الوطنية العليا فالأردن أكبر من أي حزب، وأكبر من أي شخصية، وأكبر من أي طموح سياسي لحظي فالنجاح في الانتخابات لا يبرر ممارسة الإقصاء أو احتكار الوطنية، بل يفرض عليهم واجبًا إضافيًا، وهو تعزيز الديمقراطية وتوسيع مساحة الحوار السياسي والتمثيل الفعلي لكل المواطنين، وليس فقط للذين يقاربونهم فكريًا أو حزبياً.
إن رفض الآخر أو استبعاده بحجج مختلفة، دون أن تكون هذه الحجج مؤيدة بأدلة قانونية، يمثل تهديدًا مباشرًا لمبدأ العدالة السياسية، ويخلق بيئة من الاحتكاك والصراع غير المنتج وعلى أعضاء الأحزاب أن يثبتوا عمليًا أنهم قادرون على قيادة التغيير بطريقة ناضجة، تحترم القانون وتحتكم إلى القضاء عند الضرورة، وتضع المصلحة العامة فوق أي اعتبارات ضيقة فالتمثيل النيابي الحقيقي يتطلب الشجاعة لمواجهة الضغوط الحزبية والاهتمام بالمصلحة الوطنية العليا، وليس مجرد تنفيذ أجندات حزبية ضيقة أو تكرار ممارسات الإقصاء التقليدية التي تضر بالمشهد السياسي.
في نهاية المطاف، المسؤولية الملقاة على عاتق أعضاء الأحزاب الفائزين بالقائمة العامة واضحة وجلية في إثبات جدارتهم أمام المواطنين والمجتمع الأردني ككل، وتحويل المقاعد التي حصلوا عليها إلى منصة للتشاركية الحقيقية، وليس مجرد أداة للنفوذ الحزبي أو السيطرة على الآخرين فالأردن أكبر من الجميع، والديمقراطية الأردنية لا تتحقق إلا عندما يصبح الحوار، المشاركة، والعدالة هي القيم الأساسية التي تحكم عمل النواب فالفائزون اليوم يجب أن يثبتوا أن اختيارهم لم يكن عبثًا، وأنهم بالفعل يستحقون أن يمثلوا الشعب بكل أمانة ومسؤولية وطنية.
الكاتب من الأردن