فادي السمردلي يكتب: الهجوم خير وسيلة للدفاع شعار المنافقين عند لحظة السقوط

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

في عالمٍ يعجّ بالادّعاء والمظاهر، بات كثيرون يتقنون فنّ التمثيل أكثر من إتقانهم لفنّ الصدق فيبتسمون أمام الجماعة، ويغمدون خناجرهم خلف الكواليس، يرفعون الشعارات الصاخبة عن الولاء والمبدأ، لكنهم أول من يبيع تلك الشعارات عند أول اختبار حقيقي وهنا يظهر الوجه الحقيقي لما يُسمّى “الهجوم خير وسيلة للدفاع” ليس بمعناه العسكري أو التكتيكي الشريف، بل بمعناه الملتوي الذي يتقنه كل من سقط قناعه وافتُضح عجزه فحين تضيق المساحة أمام الكاذب، وحين تبدأ الحقائق في التسرب إلى العلن، يلجأ إلى الهجوم المسعور، إلى الصراخ والتشويه، إلى الافتراء على الآخرين فقط ليصرف الأنظار عن هشاشته فهو لا يدافع عن موقف، بل يحاول الدفاع عن صورته المتهالكة، عن بقايا هيبته التي سقطت مع أول مواجهة حقيقية.

تأمل أولئك الذين عاشوا طويلاً خلف الأقنعة، يتحدثون عن المصلحة العامة بينما في السر يعبدون مصالحهم الخاصة، يلوّحون بشعارات الانتماء والوفاء، لكن حين تحترق السفينة، يكونون أول من يقفز منها حاملين الغنيمة فهؤلاء لا يعرفون معنى الدفاع النبيل عن قضية، بل يعرفون فقط كيف يهاجمون ليتستروا على خيانتهم فالهجوم هنا ليس شجاعة، بل جبن مغلف بالضجيج فمن خان جماعته مرة، سيخونها ألف مرة، ومن باع موقفه مقابل مصلحة، لن يشتريه ضميره مهما ندم أو تظاهر بالتوبة فالحقيقة لا تموت، مهما غُطّيت بأكوام من الأكاذيب، ومهما صاح الخائن ليقنع الناس أنه كان مظلومًا فالزمن كفيل بكشف كل متسلق وكل متقن لفنّ الازدواجية.

الذين يسارعون للهجوم حين يشعرون بانكشافهم، يدركون في أعماقهم أن لا شيء يحميهم سوى الضوضاء فيصنعون أعداء وهميين، يختلقون الروايات، يهاجمون المخلصين، لأنهم يعلمون أن الهجوم قد يربك الساحة مؤقتًا، لكنه لا يغير ميزان الحق فهم مثل الذي يشعل النار في بيت غيره لينجو بنفسه، لكنه ينسى أن الدخان سيخنقه هو أولاً فكم من خائنٍ اختبأ خلف لافتات المبدأ، وكم من انتهازي لبس عباءة الصدق ليرتكب أبشع أشكال الغدر! فالهجوم عند هؤلاء هو وسيلة بائسة للهروب من مواجهة الذات، لأنهم لا يملكون شجاعة الاعتراف ولا قدرة الإصلاح.

ومن يتظاهر أنه مع الجماعة، بينما في السر ينسج خيوط مصلحته، سيأتي يومٌ تتفكك فيه تلك الخيوط وتلتف حول عنقه فالأقنعة لا تدوم، والتاريخ لا يرحم، والمجتمع لا ينسى فقد يصفق البعض مؤقتًا للمنافق الماهر في خطابه، لكن حين تسقط الكلمات وتبقى الأفعال، يُمحى التصفيق ويُسمع فقط صدى الخيانة فالمنبوذ لا يُقصى لأن الآخرين ظالمون، بل لأن فعله نفسه لفظه من دائرة الشرف.

نعم، الهجوم قد يكون وسيلة للدفاع، لكنه دفاع الجبناء، دفاع من لا يملك الحجة أمّا من يعرف الحق، فلا يحتاج للهجوم، يكفيه الثبات والصمت الواثق لأن الحقيقة، مهما حاولوا اغتيالها بالصراخ، تبقى راسخة كالصخر، لا تهزّها العواصف، ولا يبددها النعيق ومن خان جماعته، وخذل مبادئه، وتاجر بالشعارات التي “لا تُغني من جوع”، سيبقى خائنًا مهما حاول غسل يديه من العار، لأن الخيانة لا تُمحى بالبيانات، ولا تُغفر بالصراخ، بل تُطبع في الذاكرة كوصمة لا تزول وفي النهاية، سيبقى من هاجم ليُخفي عاره مكشوفًا أمام الجميع، لأن الزمن، كما قيل، لا يُبقي سرًّا في صدور المنافقين.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا