الأردن بلدٌ شقيق وليست وطنًا بديلًا… علينا احترام حقّ الضيافة

✍️ بقلم: د. تيسير فتوح حجه  …

الأمين العام لحركة عداله
منذ أن اشتدت المِحنة على فلسطين عام 1948، كانت المملكة الأردنية الهاشمية السند والملاذ، فاحتضنت أبناء فلسطين بكل ما تملك من مروءةٍ وعروبةٍ وإنسانية، وشاركتهم الخبز والماء والدم، فصارت العلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني نموذجًا فريدًا في التاريخ العربي الحديث.
لكن هذا الترابط الأخوي لا يجب أن يُفسَّر يومًا على أنه بديل عن الوطن الفلسطيني، أو أن يُستغل لترويج فكرة “الوطن البديل”، تلك الفكرة المسمومة التي حاولت القوى الصهيونية وبعض الدوائر الغربية تسويقها على مدى عقودٍ طويلة، لتصفية القضية الفلسطينية وإذابة الهوية الوطنية في فضاءٍ جغرافيٍّ آخر.
إنّ الأردن بلدٌ شقيق، لا بديلٌ عن فلسطين.
هو شريك في الهمّ والمصير، وليس بديلًا عن الأرض والهوية.
فالوطن الفلسطيني هو الذاكرة والتاريخ والحق المغروس في الوعي الجمعي لشعبٍ لا ينسى، أرضه تمتد من البحر إلى النهر، ومن الزيتونة إلى الصبار، ومن الشهداء إلى
الأمل.
وعلينا نحن الفلسطينيين أن نُدرك أنّ الإقامة في الأردن هي ضيافة كريمة، تستوجب الاحترام والتقدير، لا الاستغلال أو العبث بالتركيبة الوطنية للأردن. فكرامة الضيافة لا تنفصل عن كرامة الضيف، والأردن الذي فتح ذراعيه لا يستحق إلا كل وفاءٍ وإجلال.
إنّ العلاقة بين الشعبين علاقة دمٍ ومصيرٍ وتاريخٍ مشترك، لا يمكن اختزالها في شعارات سياسية آنية، ولا في مشاريع تصفوية تُكتب في غرفٍ مظلمة.
فالأردني لا يقبل أن يُسلب الفلسطيني وطنه، والفلسطيني لا يقبل أن يُزاح الأردني عن هويته أو قراره الوطني.
وهنا تؤكد حركة عدالة موقفها الثابت بأن فلسطين هي الوطن الشرعي والتاريخي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن أي محاولة لتوطين الفلسطينيين في أي بلد عربي تُعدّ جريمة سياسية وأخلاقية بحق القضية الفلسطينية.
وترى الحركة أن العلاقة بين الأردن وفلسطين يجب أن تبقى قائمة على الأخوة والتكامل، لا على الإحلال أو البديل، وأن الحفاظ على الأردن الآمن المستقرّ هو جزء من حماية العمق الوطني الفلسطيني والعربي.
كما تشدد حركة عدالة على ضرورة مواجهة كل الخطابات المشبوهة التي تسعى لضرب العلاقة بين الشعبين، أو تحميل الأردن أعباءً سياسية خارج إرادته، وتدعو إلى تعزيز التعاون بين القيادتين الأردنية والفلسطينية لمواجهة مشاريع التصفية والتطبيع.
الوطن البديل مشروعٌ استعماريٌّ مرفوض، ومَن يروّج له إنما يخون العروبة والإنسانية.
إنه طعنٌ في ظهر القضية، ومحاولة لإلغاء فلسطين من الوجود، وهو ما لن يقبله الأردني قبل الفلسطيني، لأن كليهما يدرك أن سقوط فلسطين يعني سقوط الأردن، وأن بقاء الأردن حصنٌ لبقاء فلسطين.
فلنحافظ على هذه العلاقة الأخوية النادرة، ولنصن حقّ الضيافة كما نصون شرف الانتماء.
ولنؤكد دائمًا أن:
الضيافة لا تعني الاستيطان، والأخوة لا تعني التنازل، وفلسطين لا وطن سواها.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا