الاحتلال والعدالة الاجتماعية لا يلتقيان على الأرض الفلسطينية المحتلة

بقلم: د. تيسير فتوح حجّه  ….

الأمين العام لحركة عدالة
في كل المجتمعات التي تبحث عن الاستقرار، تشكّل العدالة الاجتماعية الركن الأساسي لبناء دولة تحترم إنسانها وتؤمن بحقه في الحياة والحرية والكرامة. لكن على الأرض الفلسطينية المحتلة، يصبح الحديث عن العدالة الاجتماعية نوعاً من الترف الفكري، لأنّ الاحتلال الإسرائيلي قائم أساساً على نقيضها تماماً. فالاحتلال لا يسمح بتوازن، ولا يترك مساحة لحقوق، ولا يعترف بمفاهيم العدالة إلا بالقدر الذي يخدم منظومة القمع والسيطرة.
الاحتلال… بنية قائمة على الظلم
الاحتلال لم يكن يوماً حدثاً عابراً، بل هو منظومة قهر سياسية واقتصادية وأمنية.
هو الذي يقيّد حركة الإنسان الفلسطيني، ويمنع عنه مصادر رزقه، ويحوّل أرضه إلى ساحة عسكرية، وسمائه إلى مجال للمراقبة، وحقوقه إلى “تصاريح” تتحكم بها عقلية استعمارية لا تؤمن بالمساواة بين البشر.
كيف يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية في ظل:
مصادرة الأراضي يومياً؟
حواجز تقطع أوصال المدن والقرى؟
اعتقالات عشوائية تطال الشباب والأطفال والنساء؟
تمييز عنصري ممنهج في كل تفاصيل الحياة؟
اقتصاد خاضع بالكامل لسطوة الاحتلال؟
هذه ليست بيئة عدالة… هذه بيئة قهر وتجريد من الإنسانية.
العدالة الاجتماعية تبدأ من الإنسان
ومن هنا، تأتي رؤية حركة عدالة التي أتشرف بقيادتها:
العدالة الحقيقية لا تنفصل عن تحرير الإنسان الفلسطيني من منظومة الاحتلال.
فلا عدالة منقوصة، ولا مساواة تحت فوهات البنادق، ولا تنمية في ظل الجدران والمستوطنات.
موقف حركة عدالة واضح وثابت:
لا يمكن بناء مجتمع فلسطيني عادل دون إزالة الجذر الأساسي لانعدام العدالة… أي الاحتلال نفسه.
المقاومة الشعبية والمدنية… أدوات لاستعادة الحق
من حق الشعوب – وفق القانون الدولي – أن تدافع عن كرامتها وحقوقها.
والشعب الفلسطيني مارس ولا يزال يمارس أشكالاً متعددة من النضال العادل:
نضال شعبي سلمي.
مواجهات جماهيرية ضد الاستيطان.
تحرك قانوني دولي لإثبات الحق ومحاسبة الجناة.
خطاب وطني موحد يرفض التطبيع مع الظلم.
هذه الأدوات ليست فقط مقاومة، بل هي محاولة لاستعادة العدالة المسلوبة.
نحو رؤية فلسطينية موحدة للعدالة
العدالة الاجتماعية في فلسطين تحتاج إلى:
تعزيز الوحدة الوطنية.
حماية الفئات الفقيرة والمهمشة من تبعات الحصار والواقع الاقتصادي الصعب.
رفض الفساد الداخلي بكل أشكاله.
تعزيز الشفافية والمحاسبة.
بناء مؤسسات قوية قادرة على خدمة المواطن.
لكن كل ذلك سيظل ناقصاً ومعلّقاً إن لم يتم إنهاء الاحتلال، لأنه العائق الأكبر أمام أي مشروع عدالة أو إصلاح.
خاتمة
الاحتلال والعدالة لا يلتقيان، لأنّ أحدهما يقوم على القمع والآخر يقوم على تحرير الإنسان.
وفي فلسطين، يظلّ النضال من أجل العدالة الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من النضال ضد الاحتلال نفسه.
فلا عدالة بلا حرية، ولا مساواة بلا كرامة، ولا مستقبل بلا إنهاء هذا الظلم التاريخي.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا