وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المراهقين بين 13–19 عاماً: قراءة تربوية وأخلاقية
بقلم الدكتورة عبير بني طه ….
مقدمة
تشهد المجتمعات المعاصرة انتشاراً واسعاً لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين فئة المراهقين من عمر 13 إلى 19 عاماً، حيث أصبحت هذه المنصات جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية. ورغم ما توفره من فرص للتعلم والتواصل، إلا أن آثارها النفسية والاجتماعية والأخلاقية تثير قلقاً بالغاً، خاصة في ظل غياب الرقابة الأسرية وضعف المرجعية الدينية والقيمية.
الجانب النفسي والصحي
– اضطرابات نفسية: الاستخدام المفرط يؤدي إلى القلق والاكتئاب نتيجة المقارنات المستمرة مع الآخرين.
– ضعف التركيز والنوم: السهر أمام الشاشات ينعكس سلباً على النمو العقلي والجسدي.
– الإدمان الرقمي: الاعتياد على التواجد المستمر يخلق حالة من الاعتماد النفسي يصعب معها الانفصال عن الهاتف.
الجانب الاجتماعي
– العلاقات السطحية: تتحول الصداقة إلى مجرد تواصل افتراضي يفتقر إلى العمق والالتزام.
– العزلة الأسرية: ينغمس المراهق في عالمه الرقمي مبتعداً عن الحوار الأسري، مما يضعف الروابط العائلية.
– الانفتاح غير المنضبط: الانخراط في صداقات عابرة قد يفتح الباب أمام الانحرافات السلوكية تحت شعار الحرية أو التجربة.
الجانب الأخلاقي والقيمي
– ضعف المرجعية الدينية: الانشغال بالمحتوى الرقمي يبعد المراهق عن التربية الدينية والقيم الإسلامية.
– تطبيع الانحرافات: بعض المنصات تروج لسلوكيات مخالفة للفطرة والدين، مما يخلق حالة من التقبل التدريجي لها.
– إهمال الأهل: غياب الرقابة والتوجيه يجعل الأبناء عرضة للتأثر السلبي، وهنا تبرز مسؤولية الآباء الذين يحتاجون إلى تربية أنفسهم أولاً قبل أن يربوا أبناءهم.
أين نحن يا أمة الإسلام؟
إن السؤال الجوهري ليس فقط عن الأبناء، بل عن الآباء والأمهات الذين تركوا الساحة فارغة أمام هذه المنصات. التربية ليست مجرد أوامر ونواهي، بل هي قدوة ورعاية وحوار مستمر. إذا غاب دور الأسرة، فإن وسائل التواصل ستملأ الفراغ بقيم دخيلة لا تمت لديننا وأخلاقنا بصلة.
الخاتمة
وسائل التواصل الاجتماعي ليست شراً مطلقاً، لكنها تتحول إلى خطر إذا غابت التربية الدينية والقيمية، وإذا أهمل الآباء مسؤولياتهم التربوية. إن إصلاح الأبناء يبدأ من إصلاح الآباء، فالتربية مسؤولية مشتركة وواجب ديني وأخلاقي لا يمكن التنازل عنه.
إننا بحاجة إلى ثورة تربوية داخل الأسرة المسلمة، تعيد الاعتبار للدين والقيم والأخلاق، وتضع الأبناء على طريق الرعاية الحقيقية.
بقلم الدكتورة عبير بني طه
الكاتبة من الأردن