الحرص والدفاع عن الموقع التنظيمي أم عن الفكره وأنت مسؤول… واقعٌ مرير تعيشه التنظيمات الفلسطينية**
بقلم د. تيسير فتوح حجّه …..
الأمين العام لحركة عداله
في اللحظات التي تتعرّض فيها القضية الفلسطينية لأعمق التحديات، تبدو مفارقة موجعة تتكرّر داخل أغلب التنظيمات: صراعٌ محموم على الموقع مقابل تراجع مقلق للدفاع عن الفكرة. وكأن بعض القيادات باتت ترى الكرسي أهم من الرسالة، والحضور أهم من المبدأ، والامتيازات أهم من القيم التي انطلقت من أجلها الحركة الوطنية الفلسطينية.
لقد تحوّلت مواقع المسؤولية عند البعض إلى غايةٍ لا وسيلة؛ منصب يتم التشبّث به حتى لو تآكلت الفكرة، وذبلت الروح، وانقسم الصف. وهنا يبرز السؤال الأخلاقي والسياسي:
هل نحن ندافع عن مشروع وطني، أم عن امتياز شخصي؟
هل نحمي فكرة تحرّرية، أم نحمي موقعًا هشًّا نسميه
قيادة؟
إن الواقع المرير يقول إن التنظيمات الفلسطينية عالقة في دوامة الحفاظ على الشكل بدل الجوهر، وعلى الأسماء بدل الإنجازات. فالاختلاف يتحوّل إلى خصومة، والنقد يُعتبر طعنًا، والصوت الحر يُصنّف تمردًا، وكأن الوطن ملكية خاصة لا مشروعًا جماعيًا.
وهنا تؤكد حركة عداله موقفها الثابت:
أن الدفاع الحقيقي يجب أن يكون عن الفكرة الوطنية، عن مشروع التحرر، عن الإنسان الفلسطيني وكرامته، لا عن مقاعد قيادية مؤقتة. فالموقع بلا فكرة يصبح عبئًا، والفكرة بلا رجال مخلصين تتحول إلى حلم مؤجل.
إن المطلوب اليوم هو الانتقال من عقلية الحراسة على الكرسي إلى عقلية الحماية للفكرة؛ من عقلية الزعامة إلى عقلية الخدمة؛ من لغة الأنا إلى لغة الوطن. فالشعب يستحق قيادة صادقة، والتنظيمات تحتاج مراجعة، والقضية لا تحتمل مزيدًا من النزيف الداخلي.
وفي النهاية…
يبقى السؤال موجّهًا لكل مسؤول:
أنت تدافع عن ماذا؟ عن موقع يزول؟ أم عن فكرة تبقى؟
وعلى هذا السؤال تُقاس الوطنية، وتُبنى الشرعية، ويُصنع المستقبل.
الكاتب من فلسطين