رامي البدر … حين يغادر الضوء مكانه
د. هاني العدوان …..
رامي البدر … حين يغادر الضوء مكانه
مساء الأمس هاتفني متصرف لواء الجامعة رامي البدر بصوته الهادئ الذي يشبه طباعه
وقال
لا أريد أن أغادر اللواء قبل أن أسمع صوتك وأودعك
يا لها من جملة تختصر رجلاً
ويا لها من لحظة تكشف حجم الفقد الذي يوشك أن يهبط على قلوب الناس
كيف يُنقل رجل أجمعت القلوب على محبته
كيف يُفصل أب عن أبنائه وقد كان على مدى وجوده في اللواء ظلهم وسندهم وأقرب مما يكون المسؤول إلى الناس
إنه قرار موجع
موجع بقدر ما كان حضوره بلسماً وغيابه شرخاً لا يُسد بسهولة
لن نقلل من شأن خلفه فهو ابن عشيرة طيبة من بني صخر حمر النواظر أهل الفضل والكرم وفيه الخير وبوجهه البركة وكلنا ثقة بأن الخير يبدأ من طيب الأصل
لكن ما في الرجال لا يُنسى وما يُكتب في الذاكرة لا يُمحى
رامي البدر مسؤول يمشي بين الناس لا فوقهم
تميز رامي البدر في لواء الجامعة بصفة تكاد تكون نادرة في زمننا
لم يمض يوم دون أن يكون حاضراً في كبير وصغير من شؤون اللواء
في المناسبات الوطنية كان الدينمو الذي يحرك الجميع، يرتب، يخطط، ينفذ، ويظهر وكأن العمل ديدنه
وفي المناسبات الاجتماعية
في العزاء تجده قبل المعزين، وفي الفرح تجده يشارك الدبكات
مبتسماً حاضراً قريباً من الناس لدرجة تجعل الغريب يظنه واحداً من أهل البيت
يشيع الجنازات يهني، يعزي، يزور، يتابع، يسمع، يهدئ الخواطر
رجل إن حضر حضر الود وإن غاب افتقدته الأفئدة
أما في مكتبه فحدث ولا حرج
لا يستقبل مراجعاً من خلف طاولة بل من باب المكتب، يبتسم ويهلي ولا يجلس حتى يجلس من جاء إليه
هذا ليس سلوك درامي هذا خلق تربى عليه رامي ودم يميل إلى الناس لا إلى التعالي
يمتلك فكراً نيراً وأخلاقاً رفيعة وكاريزما تجعل محبته قدرا وليس خياراً
في وجوده لا تكبر مشكلة ولا تطول خصومة، فالجميع يخرج من مكتبه راضياً مبتسما وكأن الرجل يملك القدرة على رتق القلوب واكثر ما يغيضه ان ان تتحول الى قضايا وملفات
رحيله خسارة لواء ومكسب لمحافظة
نعم
نحن نحزن على فقد رجل استثنائي لكننا في الوقت ذاته نبارك لمحافظة المفرق مكسباً كبيراً
فالمناصب لا تصنع الرجال
بل الرجال يصنعون المناصب ويمنحونها هيبتها وكرامتها وقيمتها
ورامي البدر واحد من أولئك الذين إذا انتقلوا رفعوا المكان لا العكس
باسمي وباسم كل من عرفه
نقول له
شكراً لأنك كنت قريباً
لأنك أحببت الناس فبادلوك الحب
لأنك حملت اللواء في قلبك ولم تجعله ملفات في مكتبك
شكراً لأنك جعلت المسؤولية إنساناً لا وظيفة
ونقول له
مبارك لك الموقع الجديد مساعداً لمحافظ المفرق
ومبارك للمفرق قدوم رجل من معدن نادر
ونسأل الله لك
مزيداً من التقدم والتميز والترقيات ورفعة الشأن
فمن كان مثلك لا يسير إلا إلى ألأعلى
صديقك المحب
د. هاني العدوان