نضال بيك ابو زيد سلام عليك
بقلم العميد المتقاعد هاشم المجالي ……………….
إلى رفيق السلاح والمحلل الاستراتيجي والعسكري العقيد المتقاعد نضال بيك أبوزيد
يا صاحبي… إن في كلمات الرجل الصادق ما يغنيك عن كتب، وما يفتح لك من أبواب الفهم ما لا تفتحه المجلدات الضخام. ولقد سمعتُ من رفيق السلاح، نضال بيك أبوزيد، كلمةً خرجت من القلب فهزّت شيئًا في القلب، كلمةً لا تصدر إلّا عن رجلٍ عرف معنى الواجب، وذاق طعم الفداء، وأدرك أن الدولة ليست سلماً يصعده المتحايلون، بل بابًا لا يُفتح إلا لمن قدّم من روحه قبل جهده.
قال: “لم أدخل الدولة من بوابة المعارضة، بل دخلتها من بوابة الجيش والتضحية والفداء، وقضيتُ فيها شباب عمري.”
فما أشبهها بنبرة المحارب حين يحدّثك عن جرحٍ ما زال يلمع تحت الضياء، وما أقربها من صوت رجلٍ عاش عمره واقفًا، لم يعرف للانحناء سبيلاً.
ثم نظرتُ حولي، وأعدت النظر، فهالني أن أرى كم من الناس طرقوا باب الدولة لا بصبر المجاهدين، ولا بعرق المُرهقين، بل بصخب المنتفعين الذين تمرّسوا على كل لون من ألوان التلون! بالأمس كانوا يملؤون الشوارع ضجيجًا، يرمون أبناء الجيش بأقبح الأوصاف، ويصفونهم بأنهم مزامير السلطان، ثم أصبحوا اليوم أهل المشورة، وأرباب المناصب، وحاملي الحقائب، يتنقلون في نعيم الوظائف كما يتنقل الطائر بين أغصانٍ لا تنكسر.
أما أولئك الذين حملوا السلاح دفاعًا عن وطنهم، والذين شبّوا على الانضباط وشابوا عليه، فقد أُقصُوا إلى زاوية بعيدة، كأنهم عبء على الدولة، أو صفحة انتهى وقت قراءتها. وما أعجب هذا الزمن حين يعلو فيه صوت من لم يقدّم، ويخفت فيه صدى من قدّم كل شيء!
إن نضال بيك، بعلمه ودراسته وتحليله، قد شقّ لنفسه طريقًا لم يُفرش له بالورود، بل فتحه بذكائه واستقامته، فساء ذلك من اعتادوا أن يعلو شأنهم بلا جهد، وأن تمرّ سيرهم بلا نقد. ولقد ملأ حضورُه الشاشات العربية، لا لجاهٍ ولا لسلطان، بل لأنه حمل علمًا، فإذا ضاق بعلم رجلٍ صدرُ الجاهل، فما ذلك إلّا دليلٌ على ضيق علم الجاهل.
سلامٌ عليك يا نضال بيك، يا من لم تُكتب سيرته بحبر المكاتب، بل بعرق السنين، وسهر الليل، وصوت الحقيقة حين يُسمع بين ضوضاء الادّعاء.
وسلامٌ على كل رفيق سلاحٍ مضى يحمل في قلبه من الوفاء أكثر مما حمل على كتفيه من السلاح.
الكاتب من الأردن