الصحف الإسرائيلية – الإثنين 12-3-2018

يوئيل غوجانسكي وغاليا ليندنشتراوس

ترجمة: مرعي حطيني

خلال زيارته الأخيرة لمصر أجرى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مقابلة مع صحيفة الشروق اليومية المصرية والتي هاجم فيها تركيا. وحسب أقواله فإن تركيا هي جزء من “ثالوث الشر”، إلى جانب كل من إيران والتنظيمات الإسلامية المتطرفة. وحتى أن بن سلمان قد اتهم تركيا بالرغبة في إقامة الخلافة الإسلامية من جديد. وعلى الرغم من أن السفارة السعودية في أنقرة قد أوضحت أن هذه الأقوال لم توجه إلى تركيا، بل إلى “حركة الأخوان المسلمين وجماعات متطرفة أخرى”، فهي قد كشفت التوتر القائم بين الدولتين.

ويأتي هذا التوتر على خلفية الدعم الذي تقدمه تركيا لقطر، وفي ظل تعاونها مع إيران وروسيا في محاولة للتوصل إلى تسوية في سوريا. فمن ناحية أنقرة، هذه التسوية هامة لكبح جماح القوات الكردية في شمال سوريا وتفادي موجة جديدة من اللاجئيين تضاف إلى 3.5 مليون لاجئ موجودون فعلاً على أراضيها. كما أن السعودية غير راضية أيضاً عن النقد اللاذع في أنقرة ضد الرئيس المصري السيسي، وكذلك عن الدعم التركي للأخوان المسلمين. وفي ضوء البطش الذي تمارسه القاهرة ضد الحركة فإن عناصرها فقد فروا كلاجئيين سياسيين إلى اسطنبول، وهو ما أضاف المزيد من التوتر.

لقد كانت تركيا لاعباً رئيسياً في الهندسة الإقليمية من مدرسة محمد بن سلمان الذي أراد كبح النفوذ المتعاظم لإيران. وبوصفها دولة عظمى إقليمية سنية فإن بوسع تركيا أن تشكل وزناً معادلاً لإيران. ومع ذلك فإن التوترات الداخلية السنية تؤثر على سلوك الدول العظمى الإقليمية بما لا يقل عن الشرخ السني – الشيعي. فالسعودية ترى في ما يسمى بمحور الإخوان المسلمين – الذي يضم تركيا وقطر إلى جانب جهات أخرى – خطراً أيديولوجياً.

وفي لقائه مع الصحيفة المصرية أعرب ولي العهد السعودي عن تقديره بأن الأزمة مع قطر ستكون طويلة. ويوضح الاحباط السعودي في جانب منه، من العناد القطري، التصريحات المعادية تجاه تركيا. فأنقرة من جانبها، في ضوء الأزمة الشديدة مع الغرب وعزلتها الإقليمية النسبية، معنية بالحفاظ على علاقات طبيعية إلى أقصى درجة ممكنة مع إيران وروسيا، والامتناع عن التورط بشكل كبير في النزاع بين السعودية وإيران وذلك بسبب الارتباط التركي بواردات الطاقة من إيران، وكذلك بسبب رغبة تركيا في زيادة حجم التجارة بين الدولتين بشكل كبير في أعقاب رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.

ويبدو أن التوتر الراهن بين تركيا والسعودية يضع نهاية للفترة التي سادت بين الدولتين والتي حاولت خلالها كل منهما الاقتراب من الأخرى. ومن ذلك على سبيل المثال أن تركيا قد انضمت إلى “الحلف الإسلامي ضد الإرهاب” الذي بادر إلى إقامته ولي العهد السعودي في 2015. كما أن زعماء الدولتين قاموا بزيارات، حظيت بتغطيات إعلامية واسعة، إلى عاصمة كل منهما. وحتى أن الدولتين قد أقامتا مجلساً للتعاون الإستراتيجي بينهما.

كما أن التوتر بين السعودية وتركيا قد جاء، في جانب منه، بسبب الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل. فالسعودية، التي تنظر بإيجابية إلى سياسة إدارة ترامب تجاه إيران، غير معنية بالدخول في مواجهة معها في قضية القدس. وهي تحاول مساعدة الإدارة أيضاً في خطة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وبخاصة عبر ممارسة الضغط على الفلسطينيين لتليين مواقفهم بحيث تنسجم مع خطة ترامب. وتركيا، في مقابل ذلك، تقود منتقدي السياسة الأمريكية في موضوع القدس. وقد بدأ مؤخراً تقارب بين عمان وأنقرة حول هذه القضية، وذلك على الرغم من ارتباط الأردن بالمساعدات الاقتصادية السعودية. ومن شأن السياسية المشتركة بين الأردن وتركيا في قضية القدس أن تشكل مشكلة قبيل موعد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

إن الشرخ الداخلي السني يعزز، من وجهة نظر الرياض، أهمية الارتباط مع إسرائيل في مواجهة إيران. ومع ذلك هناك قيود على المدى الذي يمكن أن تصل إليه السعودية مع إسرائيل بدون التقدم في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك فإن السياسية الخارجية النشطة – والتي هناك من يسميها المتسرعة – التي يتبعها ولي العهد السعودي تثير ردود فعل إقليمية رافضة لها. ومن شأن قسم من هذه الردود أن يخلق تحدياً لإسرائيل، وفي مقدمتها تلك الردود القادمة من طهران وأنقرة. ومن المشكوك فيه إذا ما كانت هناك دولتان في الشرق الأوسط تمتلكان الرؤية نفسها للتهديد الإيراني على المدى البعيد أكثر من السعودية وإسرائيل. ومن هذه الناحية فإن نهاية شهر العسل السعودي – التركي تشكل مدخلاً لتعميق العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

المصدر: إسرائيل اليوم

قد يعجبك ايضا