أول أيار في إسرائيل: لهذه الأسباب لا أريد أن أكون «اجتماعياً»
الأول من شهر أيار/مايو هو أحد التواريخ الشريرة في إسرائيل. هناك من يريدون اعتباره يوماً أكل الدهر عليه وشرب، يريد إعادتها إلى عهد الشيوعية السوفييتية أو الخاوة المبايية. هذا يمكنه أن يسلي أو أن يكون لعبة للتفكير الذهني، لكن هذا في الحقيقة ليس كذلك. إسرائيل ربما أكثر من أي دولة أخرى في الغرب تحتاج إلى 1 أيار مثل الهواء للتنفس.
أي إسرائيل نحن نتخيل؟ إسرائيل الواقعية اللامعة، حفلات الكوكتيل لمشاهير لحظيين، خطابات عن اقتصاد قوي ونقاط تقاطع جديدة، أم إسرائيل مثلما هي في الحقيقة؟ تعالوا نتحدث عن إسرائيل الحقيقية: الأجر المتوسط في إسرائيل هو 7 آلاف شيكل، أي أن نصف الإسرائيليين العاملين يحصلون على هذا المبلغ أو أقل منه شهرياً. في ظل غلاء المعيشة الحالي لا يدور الحديث عن مبلغ يمكن العيش به حقًا. في إسرائيل كل طفل رابع.. فقير. وعندما يدور الحديث عن الأطفال العرب فالرقم تقريباً مضاعف. إسرائيل هي التي تحمل الرقم القياسي في الفقر في العالم الغربي. والأسوأ من ذلك هو أنها بطلة العالم الغربي في نسبة العمال الفقراء. تقريباً عامل من بين كل عشرة عمال هو فقير. معنى ذلك هو أن العمل الدائم ليس ضمانة للعيش بكرامة.
ما الذي يمكنه تغيير هذه الصورة الحزينة؟ عمل منظم. كل الأبحاث تشير إلى أن دولاً مع عمل منظم قوي ولجان جدية هي دول مزدهرة ذات إنتاجية عالية وفجوات قليلة. دولة قوية هي التي لديها أمن تشغيلي، وتعليمي وغذائي. ولكن ما الذي يفعله السياسيون لدينا، لا سيما السياسيون الذين يتفاخرون بالصورة «الاجتماعية»؟ يحاولون إضعاف العمل المنظم بكل وسيلة.
«السياسي الاجتماعي» هو سلالة معينة جداً من السياسيين، هو شريك للنظام الذي يعمق الفقر والفجوات، لكنه يفعل ذلك مع «شفقة». على الأغلب هو شرقي، وطريقته في إظهار هذه الاجتماعية هي توزيع «الهدايا» على المواطنين. من جهة أخرى، السياسي الاجتماعي يهبّ ضد كل إضراب وكل أقوال للجان العمال بدعوى أنها «تضر الجمهور». وهو أيضاً الذي يشرح للمعاقين والمسنين الذين أراد مساعدتهم بأن «المال لا ينمو على الأشجار». أنا لست اجتماعياً، أنا مع العمال، مع مئات آلاف عمال البناء عديمي الحقوق، مع مئات آلاف العمال الذين يخرجون كل صباح إلى عملهم ويحصلون على أجرة جوع، مع العمال الذين ينتظمون ويحصلون من إدارتهم على أجور وشروط محسنة، مع لجان العمال التي تقود النضال وتتلقى الإهانة والإساءة.
أنا غير اجتماعي، أنا مع 1 أيار جدي، الذي بدأ في شيكاغو في 1886 بالنضال من أجل تقصير يوم العمل.
1 أيار هو رمز لنضال عمال جلب لنا إلغاء عمل الأولاد وتقصير أسبوع العمل وظروف اجتماعية وأجر الحد الأدنى والأمن الشخصي وضمان أماكن عمل ومنع التحرش الجنسي في أماكن العمل وما أشبه.
أنا غير اجتماعي، أنا لست مع الهدايا ولا مع الصدقات. أنا مع «ابحث عن العدل». أنا مع 1 أيار يعطي قوة للعمال مقابل مديرين مرفهين وثملين بالقوة.
لم أقف مع العمال؟ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة، بالتأكيد في المناخ السياسي الحالي، للوقوف أمام حكومة تخدم القليل من الأثرياء. لقد قدت منظمات للعمال، وكنت هناك ورأيت الخوف الوجودي في عيونهم وإلى أي درجة عمل الاتحاد لصالحهم ولصالح مكان عملهم. رأيت أنهم حين يكونون راضين وغير موجودين تحت رعب البقاء، تزيد مسؤوليتهم ويمكنهم إعطاء قيمة مضافة.
أنا غير اجتماعي، لذلك سأشارك اليوم في نشاطات إحياء 1 أيار في محطات القطارات. من أجل أن أكون في الجانب الصحيح للنضال أمام بنيامين نتنياهو وإسرائيل كاتس الذين يريدون استغلال لجنة عمال قطارات إسرائيل من أجل تقييد حقوق الإضراب والانتظام في نقابات، حتى عندما تكون هذه ضعيفة بالنسبة لدول غربية أخرى. لا تكونوا اجتماعيين، كونوا مع العمال، كونوا مع أنفسكم.
آفي دبوش
هآرتس 1/5/2019