واشنطن بوست: ترامب يدفع ثمنا باهظا لتبنيه أجندة بن سلمان ومواجهة إيران

وهج 24: قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جاكسون ديهيل إن دعم الرئيس دونالد ترامب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بات عبئا عليه ويكلفه ثمنا غاليا.

وقال ديهيل إن دونالد ترامب ارتكب أكبر خطأ في رئاسته في ربيع 2017، عندما قدم دعما غير مشروط للحاكم الذي كان في طور الظهور وعمره 31 عاما، محمد بن سلمان، وتبني أجندته الصدامية مع إيران. وبعد ثلاثة أعوام حيث بات فيها ترامب يواجه أعظم أزمة في رئاسته يكتشف الآن أن ذلك الخيار كلفه ثمنا باهظا.

فرد ترامب المتردد بل والمتأخر على انتشار فيروس كورونا المستجد، أدى إلى انهيار السوق المالي الأسبوع الماضي وانتشار الفزع العام. إلا أن المشاكل التي عانتها الأسواق زادت اشتعالا بسبب التحرك المتهور الأخير من ولي العهد السعودي.

وقرر بن سلمان العمل ضد نصيحة وزير النفط السعودي، وإغراق الأسواق بالنفط السعودي الرخيص مما أدى إلى هبوط أسعار النفط العالمية وعرّض الصناعة النفطية الأمريكية للخطر. وكان هذا التحرك بلا شك وراء المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب يوم الإثنين مع بن سلمان. ومن السهل التكهن أن رسالة الرئيس تشبه تصريحات وزير الطاقة الأمريكي والذي شجب “محاولات دول لاحتكار والتسبب بصدمة لأسواق النفط”. وكان رد بن سلمان هو تجاهل مكالمة الرئيس، حيث أعلن وزير النفط يوم الأربعاء عن زيادة جديدة في معدلات الإنتاج السعودية، مما تسبب مرة ثانية بانهيار الأسواق المالية.

ثم جاء الهجوم الصاروخي على قاعدة عسكرية في العراق والذي قتل فيه جنديان أمريكيان. وفتح هذا الهجوم الذي نفذته ميليشيات شيعية مرتبطة بإيران لدوامة من العمليات الانتقامية المتبادلة. ردت الولايات المتحدة بهجوم صاروخي، ثم ردت هذه الميليشيات بهجمات صاروخية، وكل هذا جاء في أسوأ لحظة في نزاع غير ضروري شرع فيه ترامب بناء على وصية محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فمنذ اختياره الرياض كمحطة أولى لزيارته بعد انتخابه، دافع ترامب وبشدة عن الحاكم السعودي ومغامراته من الحرب الكارثية في اليمن، إلى المقاطعة الفاشلة ضد قطر، وقتل الصحافي جمال خاشقجي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة.

ولم يتحقق أي من الوعود الكبرى التي وعد بها بن سلمان لشراء السلاح الأمريكي. وكانت المكافأة التي حصل عليها الرئيس من حليف مفترض هي طعنة في لحظة حاجة، حيث كان الجنود الأمريكيون يقتلون والأسواق تنشر بالمنشار.

ويزعم السعوديون أن محمد بن سلمان لا يقصد تخريب رئاسة ترامب. وقالوا إن الشجار الحقيقي ليس مع أمريكا ولكن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رفض الموافقة على المقترح السعودي وتخفيض مستويات انتاج النفط والحفاظ على أسعاره، مما دفع بن سلمان بطريقة متهورة إلى زيادة معدلات الإنتاج وبأسعار مخفضة.

وفي الواقع فقد كان ولي العهد يدعم هدف بوتين الرئيسي وهو إضعاف صناعة النفط من الزيت الصخري الأمريكية ودفعها للإفلاس. ولم يكن مستغربا الرد الروسي الهادئ على قرار بن سلمان، وقالوا إنهم يستطيعون العيش في ظل أسعار منخفضة لمدة 10 أعوام. إلا أن صناعة الزيت الصخري الأمريكية لا تستطيع، ولا محمد بن سلمان الذي أثقل مالية المملكة لدرجة الإنهيار.

ومن أهم الملامح في الخطاب الترامبي هي الطريقة التي استغل فيها حلفاء الولايات المتحدة ضعفها لمواصلة أهدافهم على حساب المصالح الأمريكية. ففي أول محاولاته الناقدة للسياسة الخارجية اشترى ترامب إعلانا في صحيفة “نيويورك تايمز” عام 1987 لكي يوضح موقفه من السعودية، التي قال إنها “بلد يظل وجوده بيد الولايات المتحدة”.

وقال: “العالم يضحك على السياسيين الأمريكيين لأننا نحمي سفناً لا نملكها وتحمل نفطا لسنا بحاجة إليه وتذهب إلى حلفاء لا يساعدوننا”.

ولا تزال السعودية، كما يقول ديهيل، تعتمد في نجاتها على الولايات المتحدة، ولا تزال البوارج الأمريكية تحمي ناقلات النفط المحملة بالنفط السعودي في الخليج الفارسي، مع أن حاجة الولايات المتحدة لاستيراد النفط أقل مما كانت في عام 1987.

وأكثر من هذا، فقد أرسل ترامب تعزيزات عسكرية لحماية حقول النفط السعودية من الصواريخ والطائرات الإيرانية المسيرة، مما أدى إلى مقتل وجرح جنود أمريكيين في العراق. ومع ذلك لا يزال ترامب مستسلما أمام ما يقوم به محمد بن سلمان من أعمال ضد المصالح الأمريكية.

خذ مثلا حالة سعود القحطاني، المستشار المقرب من محمد بن سلمان، والذي يعتقد أنه أشرف على جريمة قتل خاشقجي وعمليات قرصنة ضد أعداء بن سلمان. وضغط المسؤولون الأمريكيون على ولي العهد لمحاسبته أو تهميشه على الأقل، لكنه لا يزال يدير جيشا من الذباب الإلكتروني ويشرف على عمليات التجسس في المملكة، وهو ما يكشف عنه كتاب مراسل “نيويورك تايمز” بن هبارد.

أو انظر إلى ترامب ومنظور إعادة انتخابه الذي يتداعى مع الاقتصاد الأمريكي ويطلب من ولي العهد السعودي التصرف بنفسه ومن أجل المصالح الأمريكية والتوقف عن دفع أسعار النفط للانهيار وسط فزع في الأسواق، لكنه يلتزم بالصمت أمام ديكتاتور عانقه على مدى ثلاثة سنوات، وهو يقوم بعمل العكس، وبالتأكيد، فإن فلاديمير بوتين يضحك.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا