عريقات يشن هجوما حادا على أبو الغيط: فقد مصداقيته وأمانته.. وفتح وحماس: المصالحة بعيدة عن الوصاية والرعاية من أي طرف
وهج 24 : لم يعجب القيادة الفلسطينية موقف الأمين العام للجامعة العربية، من ملف المصالحة والتطبيع العربي مع الاحتلال، وشنت عليه هجوما عنيفا، بسبب إعلانه الاستياء من اجتماع فتح وحماس الأخير في تركيا، الذي أسس لتفاهمات المصالحة الحالية، ودفاعه عن الاتفاق الذي وقعته الإمارات مع إسرائيل، في الوقت الذي أعلنت فيه حركتا فتح وحماس، اللتان تخوضان حاليا مباحثات لإنهاء حقبة الانقسام، عن منهجية فلسطينية جديدة، تقوم على أساس “الحوار الثنائي” للتصالح، بدون وصاية ورعاية أو تدخل أي كان.
الهجوم الفلسطيني هذه المرة على أحمد أبو الغيط والذي يمثل أرفع شخصية دبلوماسية عربية في هذا الوقت، يشير إلى امتلاء مخزون الصبر لدى الفلسطينيين، على ما شهدته المنطقة مؤخرا من تغيرات ومواقف عربية تصب في مصلحة الاحتلال، في ظل عجز الجامعة العربية عن اتخاذ مواقف تحمي قراراتها، ولجوء مسؤوليها بدلا من إدانة اتفاقيات التطبيع، التي تخالف نص مبادرة السلام العربية، للذهاب صوب الدفاع عنها.
وقد بدأ الهجوم الفلسطيني الغاضب على الموقف العربي، بهذا الشكل الحاد من خلال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الذي قال إن أبو الغيط قد “فقد مصداقيته وأمانته ليكون أمينا عاما لجامعة الدول العربية”، ودعاه لأن يقدم استقالته بشكل فوري.
وشدد عريقات على أن أبو الغيط قد أعلن بـ “شكل فاضح وصارخ” تأييده لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التي شكلت نقطة ارتكاز للاتفاقات التي وقعت بين الإمارات والبحرين من ناحية وإسرائيل (سلطة الاحتلال) من الناحية الأخرى.
وقال: “أي أنه وافق على أن تكون القدس الشرقية المحتلة والحرم القدسي الشريف وكنيسة القيامة تحت السيادة الإسرائيلية”، مضيفا: “هذا الأمر يعتبر بمثابة الضوء الأخضر لمن يسعى من الدول العربية للتطبيع المجاني مع إسرائيل والتحالف معها أمنيا وعسكريا، بمعنى أدق فإن أبو الغيط قد أصبح جزءا من خرق ميثاق الجامعة وقراراتها ومبادرة السلام العربية”.
وقد رفض عريقات الاتهام الموجه لدولة فلسطين بالانحياز لأحد المحاور في المنطقة، والمقصود منه تركيا حسب اتهامات أبو الغيط، إذ قال عريقات: “إن فلسطين تتمسك بالقرار الوطني المستقل، ولن تكون قربانا يقدم في معابد اللؤم والتمحور السياسي في هذه المنطقة، لأن فلسطين والقدس أكبر من المحاور، ولا يمكن لفلسطين إلا أن تكون جزءا من منظومة الأمن العربي”.
وكان عريقات وفي إطار التحركات السياسية الفلسطينية، استقبل سفراء مصر والمغرب والأردن وتونس، حيث تناول عريقات مع السادة السفراء آخر المستجدات على الساحتين العربية والدولية، والقضية الفلسطينية، مؤكدا أن القضية المركزية هي إنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود ١٩٦٧ على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية، كما جرى التأكيد على رفض التهديد بالضم واستمرار سياسة التوسع الاستيطاني.
وتناول الاجتماع ملف اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الإمارات والبحرين، والتي تمثل مخالفة لميثاق الجامعة العربية، ومبادرة السلام العربية.
ويشير الهجوم الذي شنه باسم القيادة الفلسطينية الدكتور عريقات، باسم القيادة الفلسطينية، إلى أن الأمور بين منظمة التحرير وجامعة الدول العربية ذاهبة نحو التصعيد، بما يفتح المجال أمام كل الاحتمالات، خاصة بعد أن رفضت فلسطين تسلم رئاسة الجامعة العربية مؤخرا، على خلفية اتفاقيات التطبيع العربية الأخيرة مع الاحتلال، وعجز الجامعة خلال اجتماع وزاري عن إدانة تلك الاتفاقيات التي تحالف نص مبادرة السلام العربية.
وقد بدا الأمر أكثر وضوحا، في تصريحات مستويات قيادية فلسطينية، قالت إن الجامعة العربية تأتمر بأموال الدول النفطية الخليجية، التي وقعت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، أو تلك التي ساندتها.
وكان أبو الغيط خرج في مقابلة على قناة “سكاي نيوز عربية” التابعة للإمارات، ادعى خلالها أن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل قيدت مخططات الحكومة الإسرائيلية لضم أراض في الضفة الغربية، ودعا لتحرك فلسطيني عقب معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل.
وبشأن لقاء حماس وفتح الذي استضافته تركيا، قال الأمين العام للجامعة العربية: “كنت أتصور أن وفد حماس يسافر إلى رام الله ويجتمع بالأخوة في رام الله، أو وفد السلطة يسافر إلى غزة ويجتمع هناك أو في القاهرة أو أي دولة عربية مستعدة لاستضافة هذا الاجتماع”.
الجدير بالذكر أن وفدا فتح وحماس التقيا في مقر القنصلية الفلسطينية في إسطنبول، وهناك توافقا على جملة قضايا تنهي الانقسام: في مقدمتها إجراء الانتخابات، وذلك في ظل حالة التوافق الوطني القائمة، الرافضة لمخططات الاستيطان و”صفة القرن”، واتفاقيات التطبيع العربية، وغادر وفد فتح بعد تلك الاجتماعات إلى قطر ومن ثم إلى مصر، ووضع المسؤولين هناك في صورة ما جرى بحثه.
كذلك كان مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية رفضوا تبرير الإمارات لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال، بأنها أوقفت خطة الضم الإسرائيلية، التي كانت مقررة في الأول من يوليو الماضي، وأكدت أن وقف المخطط وتأجيله حاليا، جاء بفعل صمود الفلسطينيين.
وفي تعقيبه أيضا على تصريحات أبو الغيط كتب الناطق باسم حركة فتح إياد نصر على موقع “فيسبوك” يقول: “أحمد أبو الغيط يقول معاهدة السلام مع الإمارات نجحت في وقف الضم الإسرائيلي للضفة”، وأضاف: “نقول لأبو الغيط اعلم أنت وغيرك أنه لا يحرث الأرض سوى عجولها، ولا أنت ولا الإمارات من أوقف الضم”.
وتابع: “إن من أوقف الضم وأفشل وسيفشل كل المشاريع الخيانية هي إرادة قيادتنا وشعبنا الذي سيتخطاكم شرف مساندتها، فصدق الشاعر عندما قال: لو أن كل معد كان شاركنا، في يوم ذي قار ما أخطأهم الشرف”.
يشار إلى أن اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، التقى في القاهرة مسؤولين كبارا في جهاز المخابرات المصرية، كما التقى بوزير الخارجية سامح شكري، وقال في تصريحات نقلتها وكالة “وفا” إن وفد فتح عقد لقاءات مكثفة استمرت ساعات مع المسؤولين بجهاز المخابرات المصرية العامة، بالإضافة إلى لقاء مع وزير الخارجية، وتم عرض مجمل القضايا التي تم التوافق عليها والتي سيتم إقرارها بالمرحلة القادمة وفق الأطر التنظيمية بحركتي فتح وحماس، لافتا إلى أنه كان هناك ترحيب كبير وتشجيع للخطوات التي قمنا بها لإنهاء الانقسام. وقال: “ما سمعناه من وزير خارجية مصر هو التشجيع والحرص على إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية وقيادة واحدة وهي منظمة التحرير، وأن العملية الديمقراطية هي الطريق لبناء هذه الوحدة وإنهاء هذا الانقسام، وهذا ما سمعناه من وزير خارجية قطر أيضا”.
وأكد الرجوب باسم حركتي فتح وحماس أنه لا خلاف على دور مصر إطلاقا، وقال: “لا نستطيع أن نستغني عن دورها الإقليمي فيما يتعلق بالوحدة الفلسطينية، والاتفاق على آليات المتابعة، وفي مشروعنا الوطني”، لكنه قال إن هناك “منهجية جديدة” تتم الآن بـ “الحوار الثنائي الفلسطيني، وبدون وصاية ورعاية وبدون تدخل من أي كان”، وقال الرجوب: “إن حركة حماس متفقة معنا على دور مصر الريادي، وأبلغنا المسؤولين المصريين بذلك، وأن حوارنا فلسطيني – فلسطيني”.
وقد أكد ذات الموقف القيادي في حماس، حسام بدران، حين قال إن اللقاء بين حركته وفتح كان “في ضيافة الإخوة في تركيا ولم نكن تحت رعايتهم، بمعنى أنّ الحوار كان فلسطينيًا- فلسطينيًا خالصًا”، وأضاف: “نحن نقيم حوارًا فلسطينيًا – فلسطينيًا صرفًا بدون تدخّل من أحد، واللقاءات جرت في مقري السفارة الفلسطينية في بيروت، والقنصلية الفلسطينية في إسطنبول”، وأوضح بدران أن التقارب مع حركة فتح بدأ قبل 3 أشهر، وأن ما سرّع هذا التقارب هو ما وصلت له القضية من محاولة تصفية من خلال صفقة القرن، ومخطط الضم، ومشاريع التطبيع.
وجاءت هذه التصريحات الإيجابية من كلا الطرفين، في ظل استمرار الأجواء الإيجابية السائدة حاليا، والتي تؤسس لطي صفحة الانقسام.
المصدر : القدس العربي