خطب المنابر … سياسية دينية برلمانية !!!

الخطبة هي قالب لعصارة الفكر الموجه الى الآخرين المصوغ بدرر الالفاظ المنطوقة كأنها لؤلؤ مكنون يشع بالمعاني الساحرة الآسرة للعقول والقلوب فيستميل الانسان اليها وتشده مشعلة فيه نار البصيرة حتى لا يبقى عنده شك فيما يتلقى من كلمات فهذه هي الخطبة الناجحة اياً كانت سياسية او دينية التي تحمل الآخرين على التسليم بصدق محتواها وبقدرة ملقيها وكفاءته التي تثبت مكانته ولكل زمان خطباء مشهورون تتغنى الجماهير بخطبتهم ويخلد التاريخ ذكرهم وتعكس خطبهم اهم الاحداث التي تأثر بها الشعب بالإضافة الى آرائهم الحاضرة وآمالهم المستقبلية .
لذا كثير ما تكون بعض الخطب مصدراً للفكر والحلول والإبداع وللمعلومات اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً تدلنا على النسق الفكري في التعامل مع المواقف والأزمات ولقد تحولت بعض نصوص الخطباء الى حكم وشعارات وعبارات تتردد .
ان الحرية الفكرية والسياسية والمنافسة الحزبية والمناقشات البرلمانية من ابلغ العوامل في رقي الخطابة فحرية التعبير تطلق اللسان من عقالة ليصول على المساويء والفساد وبيان الخلل والتجاوزات في انعدام العدالة او تخطي المحظور فيصول اللسان في ربوع الحياة موضحاً عن السلبيات ومشيداً بالايجابيات ان السحر الذي يكمن في الكلمة ليس في مقدرتها على التعبير عن الحقائق الشاخصة للعيان فحسب بل في امكانيتها على اكتشاف وتحديد الحقائق المجهولة لدى الجميع لذلك فإن الخطابة اصبحت فن له قواعده واصوله وضوابطه اخلاقية المحتوى وتتناول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية بالتحليل والنقد والتفسير والخطبة تشبه مسيرة نحو الحقيقة يسعى الملقي لها لايصال الناس اليها وخلال هذه المسيرة يتم اقتراح الافكار والحلول كي يعطي صورة واضحة متكاملة للحقيقة فتراكم المعلومات وتشتتها والتهجم والتهكم يؤدي الى ارتباك الافكار ونتائج عكسية وسلبية فالخطبة ليست عملية تجميع للكلمات وترتيبها بل هي نقل صورة ذهنية متكاملة في عقل الخطيب الى الجمهور وسيبقى الخطباء اياً كان نوعهم لسان حال الامم عبر العصور ببيانهم الذي يجلي الغشاوة عن الابصار العليلة فينبه القلوب الغافية ويشحذ الهمم الخاملة ويوقظ العقول الكليلة لتستفيق من سباتها لتخلد اسماءهم في ذاكرة الشعوب ويحذر المصلحون والمنتمون للوطن من استغلال المنابر في الصراعات والخلافات السياسية والحزبية لاثارة الفتنة مطالبين الأئمة والدعاة بالبحث عن القضايا التي تهم الناس والمناداة بوحدة الصف والبعد عن القضايا الخلافية التي تثير الجدل بين الناس والبعد عن التشدد والمغالاة وانتقاء الموضوعات التي من شأنها توعية الحضور بواقعنا المعاصر فيجب ان يتم تطوير الخطاب الديني وتنقيته من الدخلاء سواء من على المنابر او بالفضائيات والاذاعة فهناك من يستقصد خطاب الكراهية والتحريض في الاعلام او امام الجماهير حيث بدا للجماهير اكثر وضوحاً يوماً بعد يوم حيث يصبح هذا الخطاب اداة خطيرة للتحريض على الآخرين او يدعو الناس الى حراك جماهيري يؤدي الى خلل في الأمن والاستقرار ويلجأ خطاب الكراهية نحو الآخر الى التشويه بحجة الصواب ولتوظيف مختلف وسائل الاعلام نحوه ولطرحه والذي لا يخلو في فحواه من أي شكل من اشكال العنف اللفظي وغيره لاثاره الشارع فهناك وسائل اعلام تنحاز الى طرف الخطيب في غالب الامر من باب الاثارة بالرغم من وجود قوانين وانظمة وتشريعات وضوابط رسمية واخلاقية وادبية .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

قد يعجبك ايضا