واشنطن بوست: هل يتعرض فيلم “المنشق” عن جمال خاشقجي لحملة تشويه؟
وهج نيوز : كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن وجود حملة عبر الذباب الإلكتروني السعودي ضد فيلم “المنشق” عن جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، والذي تلقى حتى الأسبوع الماضي ترحيبا كبيرا من مواقع تقييم الأفلام مثل “روتن توميتوز” و”أي أم دي بي”.
وقالت الصحيفة إن مخرج الفيلم وهو صانع الأفلام الوثائقية الاستقصائية بريان فوغل، أخرج فيلم “المنشق” لتسليط ضوء جديد على جهود السعودية في قمع حرية التعبير.
وحصل الفيلم في 12 كانون الثاني/ يناير على نقاط غير مشجعة من 500 مشاهد من بين 2.400 تعليق وصلت إلى الموقع المعروف بتقييم الأفلام التي تعرض في دور السينما ويعلق عليها المشاهدون. وهو عمل يعتقد الفيلم أنه جاء بناء على متصيدين أو “ترولز” نيابة عن الحكومة السعودية لتقديم صورة عن عدم الرضى.
ونتيجة لهذا، فقد تراجعت شعبية الفيلم من 95% إلى 68%. وظهر نفس التوجه على موقع الأفلام “أي أم دي بي” والذي وصلت إليه منذ السبت 1175 مراجعة تعطي الفيلم تقييما متدنيا بنجمة واحدة.
وفي الشهر الماضي، لم يحصل الفيلم على تقييمات متدنية إلا نادرا، حيث منحت معظم التعليقات الفيلم أعلى الدرجات. ويرى ثور هيليورسن، مؤسس المنظمة غير الربحية “هيومان رايتس فاونديشن” التي موّلت الفيلم، أن السعوديين يقومون في الحقيقة بإثبات محتوى الفيلم من خلال جيشهم على الإنترنت. وقال إن الظهور المفاجئ للتعليقات المتدنية للفيلم الذي أعجب المشاهدين والنقاد يثير شكوكه.
وحذر هيليورسن من الهجمات التي يقوم بها الذباب الإلكتروني وأثرها على موقع الفيلم أمام الرأي العام واحتمال إقبال الأمريكيين عليه. ذلك أن مواقع تقييم ومراجعة الأفلام حيوية في الإقبال على مشاهد الأفلام الوثائقية السياسية والتي تعتمد بدون ميزانيات تسويق ضخمة على التوصيات والتعليقات الإيجابية من شخص لآخر. وهو تذكير أن حملة التضليل على الإنترنت هي عبارة عن حملات سياسية.
وعمل فوغل الحائز على أوسكار “إيكاروس” على إنتاج الفيلم عن جريمة قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وقدّم فيه نقدا حادا لحكومة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وبدأ عرض الفيلم في دور السينما الأمريكية بناء على الطلب في 8 كانون الثاني/ يناير الحالي، ويقدم صورة عن نظام لا يتورع عن استخدام العنف لإسكات المعارضين له.
ووثق الفيلم عمل “الذباب الإلكتروني” الذي يعمل نيابة عن بن سلمان لنشر موضوعات إيجابية عنه، وحجب الأخبار السيئة، بشكل يخلق تيارا خاليا من أصوات المعارضة. وحتى الأسبوع الماضي حظي الفيلم بتعليقات مشجعة ودافئة من النقاد المحترفين ورواد مواقع الأفلام المتعددة.
وبعد اتصال “واشنطن بوست” يوم الثلاثاء مع المتحدث باسم “روتن توميتوز” تيسون رينولدز، اعترف أن الشركة تشك بوجود تلاعب. وقال: “بناء على التحليل القريب، يبدو أن هناك محاولات مقصودة للتلاعب بالنقاط التي يقدمها جمهور الفيلم”. وقال إن الشركة ستقوم بحذف التقييمات التي تحاول التلاعب بالنقاط و”ربما استمرت في هذا مع اكتشاف أي منها”.
وحتى يوم الأربعاء، ظلت النقاط كما هي ونسبة التقييم بـ68% بناء على 2387 مراجعة، ولم تتغير على مدى اليومين الماضيين.
وتستخدم شركة “روتن توميتوز” نظاما لتقييم الفيلم يقوم على تسجيل المشاهدين نقاطا للفيلم تتراوح من نجمة إلى خمس نجمات. ويضع الموقع نقطة “جديد/ طازج” لو منحت نسبة 60% من المسجلين الفيلم 3.5 نجمة، ولو لم يمنحوا له، فيتمّ اعتبار الفيلم “روتن” (فاسد) أي غير جيد.
ومع أن فيلم “المنشق” لم يصل بعد إلى هذه النقطة، إلا أن نقاطاً أقل من 70% تجعل المشاهدين يشطبون الفيلم من قائمة مشاهداتهم. وحتى الأفلام التي تم تلقيها بفتور مثل “وندار ومان 1984” حصل على تقييم بنسبة 74%.
أما موقع تقييم الأفلام الآخر “أي أم دي بي” فيستخدم نظام تقييم قائم على نجمات من 1- 10. وحصل فيلم “المنشق” منذ بدء عرضه على أعلى النقاط، ومنحه 5000 مشاهد من أصل 9200، تسع نجمات، و700 مشاهد منحوه نقطة واحدة. لكن هذه النسبة زادت مع يوم السبت، حيث منحه 1175 مشاهداً نجمة واحدة، وأصبح هذا التقييم يمثل 20% من التقييم للفيلم.
وظل مستوى تقييم الفيلم على هذا الموقع ثابتا بمعدل 8.2 نجمة. وهذا نابع من الخوارزميات التي تستبعد مراجعات النجمة الواحدة. وتملك شركة أمازون، موقع “أي أم دي بي” وظهر مالكها جيف بيزوس في فيلم “المنشق” كواحد من ضحايا محمد بن سلمان.
ومع ذلك ظلت المراجعات الفردية التي منحت الفيلم نقاطا منخفضة واضحة في الموقع. وفي مراجعة منحت الفيلم نجمة واحدة ونشرها مستخدم قدم نفسه بـ”ميش 41593″ بعنوان “وثائقي من جانب واحد”، قال: “الفيلم يقدم جانبا واحدا ولا يقدم كل شيء، ويبدو أنه كُتب من جانب واحد مما يجعله فيلما من جانب واحد، ولا يوصى بمشاهدته”.
وفي تعليق آخر يوم الثلاثاء من مستخدم “ميش- 60618” قال: “تقوم الأفلام الوثائقية على الواقع ولا أراه في هذا. ولا أجد شيئا عن جمال خاشقجي، وحتى عائلته لم تشارك فيه، ولن أوصي به لأحد” مع أن خاشقجي وخطيبته يظهران بشكل كبير في الفيلم.
ولم ترد شركة “أي أم دي بي” على طلب للتعليق، لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي تُلقي الحكومة السعودية بظلها على فيلم “المنشق”. فرغم الحفاوة الكبيرة التي لقيها في مهرجان سانداس السينماني العام الماضي، إلا أن شركات توزيع الأفلام الكبرى لم تتسابق لشرائه خشية أن تتأثر مصالحها التجارية مع السعودية.
وبدأت عروض الفيلم بالولايات المتحدة من خلال شركة مستقلة وهي “برييركليف انترتيمنت”. وليست هذه هي المرة الأولى التي تجد نفسها شركة “روتن توميتوز” وسط حملة تشويه لفيلم، بل كانت وسط حملة من الجمهور الذي لم يرض عن طريقة معالجة ديزني لفيلم “حروب النجوم والجداي الأخير”، وهو ما قاد الشركة لتعزيز مطالب المراجعة والتقييم للأفلام والطلب من إثبات شراء المراجع تذكرة لمشاهدة الفيلم.
ولكن فيلم “المنشق” لا يقتضي إثبات التذكرة؛ لأنه متوفر على مواقع الأفلام بناء على الطلب. ويمثل المتصيدون والذباب الإلكتروني تحديا لمواقع مراجعة الأفلام بنفس الطريقة التي تعبّر من خلالها الأصوات السياسية المتطرفة عن غضبها عبر منصات التواصل الاجتماعي. فهي لا تريد أن تكون بؤرة للتضليل، وفي نفس الوقت لا تريد أن تظهر بمظهر من يكمم الأفواه. ويعتقد هيليورسن أن مواقع مراجعة الأفلام لديها مسؤولية وهي التأكد من وصول الأصوات الصادقة.
وبدون رقابة نشطة، سيجد المعادون للأصوات الديمقراطية طرقا لقمعها. وقال هيليورسن إن فكرة “الحقيقة ستنتصر تظل رومانتيكية، وهي جميلة ولكنها رومانتيكية، وأنا واثق من انتصار الحقيقة طالما لم نساعدها”.
المصدر : القدس العربي