الثقافة العربية والإسلامية…والثقافة الغربية

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

 

تعرف الثقافة العربية والإسلامية بأنها المعارف التي كانت العقيدة الإسلامية سببا في بحثها كعلوم اللغة العربية ومكوناتها وعلم التوحيد والفقه والتفسير وعلوم ومصطلح الحديث وعلم الأصول، وهذه كلها تعتبر ثقافة عربية وإسلامية، لأن العقيدة الإسلامية هي السبب في نشئتها وبحثها وتطويرها للأفضل والتخلص من كل الشوائب التي فيها…

والثقافة الإسلامية بشكل عام ترجع إلى الكتاب والسنة ومنهما أكتسبت جميع فروع الثقافة الإسلامية، وهي ثقافة مميزة سامية رفعت شأن الإنسان العربي بشكل خاص والمسلم بشكل عام وأسعدته لأنها أثرت في سلوكه وفي نظام حياته وإتجاهاته وأفكاره، لذلك أثبتت هذه الثقافة الحفاظ على كينونتها رغم أنها أخترقت مرات عدة وما زالت مخترقة من قبل بعض الجهات التي تريد أن تبعثر ثقافتنا لتدخل علينا ثقافات غربية وغريبة عن عروبتنا وإسلامنا وإنسانيتنا، وقد فشلوا في مواقع ونجحوا في مواقع أخرى للأسف الشديد لأنهم إستغلوا فئات معينة إستطاعوا من خلالهم أن يدخلوا بعض ثقافاتهم الخبيثة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية ومن خلال وسائلهم المتعددة منها الترهيب بالفنان والحروب والترغيب بالمناصب والمكاسب والمصالح والتكنولوجيا الحديثة في عالم الإتصالات والإستغباء لبعض أبناء أمتنا والسيطرة على عقولهم وغسلها بأفكارهم المجرمة والقاتلة للبشرية جمعاء،الأمر الذي جعلهم إما متطرفين أو متغربين بكل ما تعنيه الكلمة….وغيرها من وسائل التدخل الصهيوغربي في منطقتنا والعالم لفرض ثقافتهم وفكرهم الشيطاني في كل مكان على وجه هذه الأرض المباركة…

وفي النهاية ورغم كل أساليبهم الشيطانية يتم مقاومتهم ومحاربتهم من قبل شرفاء أبناء أمتنا ويصابون بالفشل الذريع والدائم في كل محاولاتهم لأن ثقافتنا صلبة وقوية وفي غاية التماسك لأنها مستمدة من الأديان ومن ديننا الإسلامي الحنيف الذي رسخ في عقولنا وقلوبنا وإنسانيتنا المبادئ والقيم والأخلاق الحسنة والطيبة في التعامل الإنساني والحضاري حتى والفكري، وذلك لأنها مميزة بكل شيئ وشاملة لكل نواحي الحياة، وقد أثبتت عدة تقارير لمثقفي الغرب وبالذات الأمريكيون إستغرابهم ومدى إعجابهم وتعجبهم من الثقافة العربية والإسلامية ومدى توازنها الحضاري والفكري والإنساني، لأنها طريقة حياة ونمط تفكير تعيش في ضمير كل مسلم، وأنه يجب الأخذ بها في كل نواحي الحياة للتعامل بها في عالمهم الغربي…

أما الثقافة الغربية عامة والحديثة خاصة هي ثقافة تهبط بالإنسان إلى أدنى المستويات وتشقيه في حياته بل وتحط من شأنه لأنها ثقافة فارغة ضعيفة قابلة للإنهيار في أية عاصفة قد تجتاحها، وذلك لأنها ليست ثقافة مسيحية حقيقية أي نابعة من الدين المسيحي والإنجيل بل هي ثمرة من ثمرات العقلية الغير مميزة في فكرها وحضارتها لأنها عقلية متغيرة حسب تلك الأفكار والمصالح الشخصية والأهواء والأفكار الهستيرية للسياسيين وسياساتهم المشبعة بعقد وأمراض الصهاينة التاريخية، لذلك كانت وستبقى ثقافة مبنية على الأكاذيب والعقائد المزورة وستنهار مهما طال إجتياحها للشعوب المسيحية في أمريكا وأوروبا والعالم لأن ما بني على باطل فهو باطل….

ونحن نعلم جميعا بأن الحضارة الإنسانية هي حضارة مشتركة لا تقتصر على دين معين أو أمة معينة أو طائفة بحد ذاتها، وأنها يجب أن تكون عامة وشاملة لكل نواحي الحياة، والثقافة العربية والإسلامية المستمدة من الإسلام الذي جاء للناس جميعا لا يختص بأمة معينة دون أخرى ولا يقتصر على عصر دون آخر، لذلك أثبتت هذه الثقافة بأنها صالحة لشمولها على كل المعطيات التي تؤدي لتكوين حضارة إنسانية مشتركة للبشرية جمعاء…

أما الفكر فيمكن أن يكون مميز بما يطرحه من مواضيع جيدة تفيد الحضارة الإنسانية عامة، وليست حضارة معينة كما يروج البعض هذه الأيام، لذلك لا نستطيع أن نطبق مقولة ( بأن الحضارة الإنسانية هي حضارة مشتركة بينما الفكر يمكن أن يكون مميز) لأنهم أي الصهيوغربيين لا يريدون أن يكون للإنسانية ثقافة عامة مشتركة توصلهم للحضارة التي يستطيعون من خلالها تنمية أفكارهم لتكون في صالح الإنسانية عامة ولتكون أفكار مميزة للجميع وبالذات الثقافة العربية والإسلامية رغم أنهم يعلمون كل العلم بأنها هي الثقافة التي تحمي البشرية والإنسانية وتحفظها في كل نواحي ومجالات الحياة…

على سبيل المثال التنوع في الطوائف والمذاهب الدينية سواء في الدين الإسلامي أو المسيحي هو رحمة من الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء قال تعالى ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) صدق الله العظيم، لذلك أعطى الله الحرية للمسلمين بإتباع الطائفة أو المذهب الذي يريدونه وللمسيحين أيضا، والواجب ألا يؤدي ذلك التنوع إلى الخلاف والذي يؤدي في النهاية إلى الصراع بين أتباع الأديان والطوائف والمذاهب المختلفة سواء عند المسلمين أو المسيحيين، والحساب سيكون عند الله سبحانه وتعالى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا طائفة ولا مذهب إلا من أتى الله بقلب سليم معافى موحد لله مؤمن برسله كافة وبالذات خاتم النبيين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، والذي أرسل للناس كافة وليس للمسلمين فقط رحمة للعالمين، قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) صدق الله العظيم…

وللأسف الشديد فإن بعض الجهات وهي الصهيونية العالمية وفكرها التلمودي المجرم الذي لا يعترف بالله ولا بأديان ولا برسل وعملائها الكبار والصغار في العالم أجمع تدخل السموم والمندسين بين أتباع الأديان والطوائف والمذاهب وتحاول دائما أن توقع الخلافات والفتن والصراعات والإقتتال بينهم وما يجري هذه الأيام في دولنا دليل على ذلك،

ولم يكتفوا بذلك فقط ولكن هناك أيضا تلاعب كبير بمصطلحات ومفردات قد تكون من ثقافتنا ولكن تم تغيرها وتعبئتها وتغليفها حسب معتقداتهم وأفكارهم العنصرية وأرسلوها لنا جاهزة ليستخدموها ضد ثقافة أدياننا في المنطقة، ولا يجدون صعوبة في إستخدام مبررات كثيرة لتبرير مجازرهم وقتلهم للمدنيين الأبرياء وإستعمارهم للبلدان ليسيطروا على ثرواته وخيراته وأديانه وثقافاته وقيمه وحضارته وحتى تاريخه، فهؤلاء مرضى خطريين وهم من أكبر المتلاعبين بثقافات الأمم الأخرى وبالذات في منطقتنا…

لذلك يجب أن يكون هناك ثقة كاملة بثقافتنا العربية والإسلامية وبأنفسنا، وأن لا نتقوقع أو ننعزل عن الآخرين كما يريدون بالرغم من كل المؤامرات الداخلية والخارجية والتي تم كشف الكثير منها، والصهيومسيحية الغربية وقادتها الكاذبون لن ينفكوا أبدا في محاولاتهم لقلب ثقافتنا العربية والإسلامية وبكل وسائلهم الخبيثة ليجعلوها ثقافة تتبع أفكارهم وأحلامهم وتتماشى مع معتقداتهم التلمودية المزورة ومخططاتهم الهستيرية المستمرة لتدمير أمتنا وثقافتنا وحضارتنا، وإن شاء الله ستبقى ثقافتنا حاجزا قويا ضد كل إختراقاتهم ومشاريعهم الإستعمارية والتي تريد السيطرة والتحكم بالبشر جميعا والتي جاءت من أفكار عقلية غير مميزة ومريضة ومعقدة أوصلتهم إلى ثقافة غربية هشة وضعيفة ومتقلبة ومليئة بأساليب عنصرية وأفعال شيطانية وأفكار جهنمية يجب علينا كأمة القضاء عليها وعلى من ينشرها في منطقتنا والعالم أجمع….

لأنه على أرضنا ظهر الأنبياء والمرسلين ونحن من نشر الرسالات السماوية في العالم وعلمهم أمور الدين والثقافة والقيم والأخلاق والمبادئ….وغيرها، فكيف نأخذها من فاقدها، وفاقد الشيئ لا يعطيه، ومهما حاولوا بين الفينة والأخرى إختراق أعظم ثقافة على الأرض وهي الثقافة العربية والإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والذي لا يمكن تزويره أبدا لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه لأنه خاتم الكتب المقدسة والشامل لما قبله وآخر المعجزات والرسالات الإلهية للناس جميعا حيث قال جل في علاه…
( إنا نحن نزلنا الذكرى وإنا له لحافظون) صدق الله العظيم…

الكاتب والباحث السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

قد يعجبك ايضا