شبهات تلاعب بنتائج مباريات تضرب كرة القدم التونسية

وهج نيوز : لا حديث في الشارع الرياضي التونسي في الأسابيع الأخيرة إلّا عن سخط وأسفٍ بخصوص شُبهات تلاعب بنتائج في مباريات رياضية في كرة القدم في بطولتي الدرجتين الأولى (الممتاز) والثانية.

ففي 27 مارس/ آذار الماضي، تعادل فريقا “مستقبل المحمدية” و”النجم الرادسي” في الجولة قبل الأخيرة بالمرحلة الأولى من دوري الدرجة الثانية بنتيجة 7-7، في حصيلة قياسية للأهداف أثارت الشكوك.
وفي لقاء آخر، الأحد، فاز فريق “اتحاد بنقردان” على “الشبيبة القيروانية” (تأكد نزوله للقسم الأدنى مسبقا)، بنتيجة 3-1. لكن مديري إحدى شركات المراهنات الرياضية عبر الإنترنت أكدوا في تصريحات إعلامية، أن اللّقاء كان محلّ مراهنات كبيرة على نتيجته النّهائية (نتيجة محددة)، لم يسبق للشركة أن سجلتها حتى في لقاءات البطولات الأجنبية.
وقرر “الاتحاد التونسي لكرة القدم”، برئاسة وديع الجريء، تعليق اعتماد نتيجة المباراة الأولى (انتهت بنتيجة 7- 7 بين “النجم الرادسي” و”مستقبل المحمدية” – الدرجة الثانية). وفتحت لجنة الأخلاقيات في اتحاد الكرة تحقيقاً في الحادثة، واستمعت إلى طاقم التحكيم ومسؤولي الفريقين (لم يُصدر قراراً رسمياً حتى الآن).
أما اللقاء الثاني (الذي فاز فيه “اتحاد بنقردان” 3-1)، والمراهنات التي وُضعت عليه على مختلف منصّات الرهانات عبر الإنترنت في تونس، فاتخذ في اليومين الماضيين أبعاداً جديدة وباتت الشُبهة شبه مؤكدة، بعد تصريح إعلامي لمدرب الفريق المنهزم (الشبيبة القيروانية) مقداد الظاهري أكد فيه أنه علم بنتيجة اللقاء قبل بدايته من رئيس الفريق مراد القداح، داعياً اتحاد الكرة النيابة العامة إلى فتح تحقيق عدلي في الأمر.
وقرر الاتحاد التونسي للعبة في اجتماع طارئ، الأحد (يوم المباراة)، إحالة الملف إلى لجنة الأخلاقيات لاتخاذ القرار المناسب بناء على قوانين “الاتحاد الدولي لكرة القدم” وأخلاقياته، ومراسلة مؤسسات الدولة المعنية في شكل رسمي للتثبت من اتهامات الشركات المخوّل لها قانوناً التعاطي بمثل هذه النشاطات (المراهنات)، مع المطالبة بالتدخل السريع لهيكلة القطاع ومراقبته.
وأضاف الظاهري: “بعد إعلامي بالاتفاق مسبقًا على النتيجة، أعلمت الجهات الأمنية (رئيس منطقة الأمن في محافظة القيروان)، وأعتقد أن لا مكان لي كمدرب، والأمور تُدار بهذه الطّريقة”.

تأكيد ونفي
من جهته، قال لاعب “الشّبيبة القيروانية” محمد إيهاب العدامي، إنه “بعد نزولي بديلاً في الشوط الثاني والنتيجة 2- 1، في الدقيقة 71 من عمر اللقاء، طلبت من حكم اللّقاء نعيم حسني دعوة لاعبي اتحاد بن قردان الإسراع في العودة للعب، فما كان منه إلا أن أخبرني بأن النتيجة متفق عليها مسبقا ولا شيء يدعو للإسراع”.
وأضاف: “بعد تسجيل المنافس هدفه الثالث في الدقيقة الخامسة للوقت المحتسب بديلا، توجهت إلى مراقب المباراة وأعلمته بما حصل ليسجله على الورقة الرسمية للمباراة. ومن العيب الإساءة إلى تاريخ فريقي، حتى وإن نزل للدرجة الأسفل”.
ورفع حكم اللّقاء نعيم حسني، الثلاثاء، دعوى قضائية ضد لاعب الشبيبة القيروانية بعد استشارة إدارة التحكيم.
وتتجه أصابع الاتهام إلى “اتحاد بنقردان” (فريق رئيس اتحاد كرة القدم وديع الجريء) الذي اتُهم سابقا بدخول مقربين منه في رهانات على نتائج مبارياته، داخل تونس وخارجها.

سوابق في في المراهنات
قبل عامين، وتحديدا بتاريخ 7 أبريل/ نيسان 2018، تم إيقاف ثلاثة تونسيين بينهم قريب لرئيس اتحاد الكرة، وديع الجريء، وقريب آخر لرئيس لجنة التّحكيم في اتحاد الكرة في فرنسا، بسبب مراهنة على نتيجة محددة قوامها هدف لصفر لمصلحة فريق “اتحاد بنقردان” أمام فريق “نجم المتلوي” (الدوري الممتاز)، بمبلغ 33 ألف يورو (أكثر من 114 ألف دينار تونسي).
وفي حلقة تلفزيونية، عُرضت الاثنين بحضور الجريء، علق الصحافي الاستقصائي الفرنسي رومان مولينا (عمل سابقًا على ملف شبهات التلاعب بالنتائج في مباريات كرة قدم تونسية)، في تغريدة على “تويتر” قائلاً: “لم يُسمح لي بالتدخل ومحاورة ضيف الحلقة. ويبدو أن رئيس اتحاد الكرة هو من يدير كل الأمور هناك”.
وفي نيسان/ أبريل 2013، كشف الرئيس الأسبق للنادي الإفريقي سليم الرياحي تلاعباً بنتيجة مباراة جمعت بين فريقي “النادي البنزرتي” و”الشبيبة القيروانية” (الدوري الممتاز)، باعتراف لاعبين من الفريق الثاني بتخاذلهما (حقق “البنزرتي” الفوز 2- 0) مقابل مبلغ مالي بنحو 10 آلاف دينار لكل لاعب (حوالي 3 آلاف دولار).
وتنتشر في تونس في السنوات الأخيرة محلات المراهنات الرياضية، وأغلبها غير قانونية، إذ نال عدد منها تراخيص حكومية مقابل تحصيل وزارة المالية 15 في المئة من جملة المداخيل. وذهبت أندية تونسية عدة إلى شراكات والحصول على إعلانات من هذه الشركات لدعم مواردها المالية، الأمر الذي يلقى معارضة بسبب تداخل المصالح.

قراءة قانونية
يقول أستاذ القانون الرياضي أنيس بن ميم: “يجب تنظيم قطاع المراهنات الرياضية عبر الإنترنت في تونس في أسرع وقت”، مستطرداً أن “مثل هذه الشّبهات تحدث في كل بلدان العالم، لكن في تونس كل الأمور نتعامل معها بحساسية شديدة”.
ويرى بن ميم أن “وجود شركات المراهنات هذه هي محور نزاع قضائي بين الشركة المخوّلة تنظيم الألعاب في تونس (شركة حكومية)، وعدة شركات خاصة تعمل كمؤسسات تجارية ربحية وتدفع الضرائب للدولة”.
ويعتبر خبير المحاسبات المالية سفيان الجماعي، أن “لا مانع قانونياً لشركات المراهنات عبر الإنترنت المرخص لها”.
ويضيف: “يحق لهذه الشركات التعاقد والإشهار (الإعلان) لدى الأندية الرّياضية، كمؤسسة تجارية، ولا يمكن أن تكون هناك مصالح متضاربة بوجود أسماء هذه الأندية على جداول ألعابها. وعلى الجهات المعنية في الدّولة تنظيم هذا القطاع في أسرع وقت”.
وكان اتحاد كرة القدم في تونس اجتمع بعدد من رؤساء أندية الدوري الممتاز والثاني، واقترح انتفاع الأندية من عائدات مالية بعد استغلال أسمائها من مواقع الرهانات الرياضية، حيث ستكلف لجنة من اتحاد الكرة وممثلي الأندية بتقديم مشروع قانون يتم عرضه في البرلمان التونسي لاحقاً.

المصدر : (الأناضول)

قد يعجبك ايضا