غزة.. الفرق الهندسية تزيل الجزء الأكبر من ركام الحرب والمتضررون يتخوفون من طول مدة الإعمار
وهج نيوز : تواصل فرق هندسية عمليات إزالة ركام المباني التي دمرت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتمكنت خلال الأيام الماضية، من إنجاز مهام كبيرة، اشتملت على تحكيم وإزالة ركام أبراج كبيرة، وذلك باستخدام آليات خاصة، كما تمكنت من إزالة مبان اتضح عدم ملاءمتها للسكن، بسبب انهيارات أصابتها بفعل الغارات.
وفي عدة مناطق في قطاع غزة، تعمل فرق الإزالة بمساعدة آليات وعمال قدموا من مصر، على تحطيم ركام المباني التي دمرتها الطائرات الحربية الإسرائيلية سواء بشكل كامل، أو أحدثت فيها أضرارا بليغة استدعت إزالتها.
ولوحظ أن تلك الفرق، تمكنت من إزالة ركام أبراج “هنادي والشروق”، وهما من الأبراج الكبيرة في مدينة غزة التي قصفت خلال الحرب، بعد تحطيم طبقاتها المنهارة، وتمكنت أيضا آليات أخرى من إزالة ركام منازل جديدة في شارع الوحدة، وتحديدا في المنطقة التي شهدت مجزرة عائلتي الكولك وأبو العوف، بعد أن تضررت تلك المباني بشكل بليغ، بسبب انهيارات حدثت في أساساتها.
وفي هذا الوقت يجري حمل ما تبقى من ركام لتلك الأبراج من خلال شاحنات تعمل طوال ساعات النهار، إلى مناطق مخصصة لذلك، حيث يجرى هناك إعادة تدوير الركام، ليستخدم في عمليات تعبيد الشوارع وفي مشاريع بناء أخرى.
وتنتشر في تلك المواقع، فرق هندسية قدمت من مصر، كما تشارك في عمليات الإزالة بشكل لافت الآليات والشاحنات المصرية، ويقول أحد سائقي الشاحنات التي تنقل الركام، من وسط مدينة غزة إلى مناطق التجميع، إن الأمر سيحتاج منهم إلى عدة أسابيع قادمة، وقال لـ “القدس العربي”، إنهم يعملون على قدم وساق، وإن العملية تشهد سرعة كبيرة، للانتهاء من إزالة هذا الركام الكبير.
لكن هذا السائق الذي تحدث لـ “القدس العربي” لحظة انتظار وصول الدور على حافلته ليتم تحميلها بقطع الركام، يقول إن قلة الإمكانيات التي تتوفر في قطاع غزة، هي من تتحكم في عملية إزالة وحمل الركام.
وحتى اللحظة قدرت كمية الركام التي أزيلت بنحو 50% من حجم الركام، الذي خلفته الحرب، وحسب التقديرات المحلية، فإن الركام الناتج عن عمليات التدمير للأبراج والبنايات السكنية والمقرات العامة، يقدر بأكثر من 300 ألف طن.
وتوقع ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، أن تنتهي عملية إزالة الركام نهاية الشهر الجاري أو مطلع أغسطس المقبل، على أبعد تقدير، وأوضح أنه تم الانتهاء من إزالة الركام في العديد من المناطق والمباني في القطاع، مشيرًا إلى أن العمل في برج هنادي والشروق بالمراحل الأخيرة.
وسبق أن أعلنت وزارة الأشغال، أن عدد الوحدات السكنية التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي البليغ خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بلغ 2000 وحدة، فيما بلغ عدد المتضررة جزئيًا 22 ألف وحدة.
ومن الحطام والركام، ابتدع بعض الشبان والفتية عملا يوفر مصدر رزق لهم، من خلال تجميع بعض مخلفات الدمار من الحديد وقطع الألمنيوم، ومن هناك يحملونها على عربات تجرها الحيوانات، إلى أماكن لبيعها هناك، للاستفادة منها بعد إعادة تدويرها.
وحسب تخطيط المسؤولين الحكوميين، فإن عملية إزالة الركام، هي الخطوة التي تسبق عملية إعادة إعمار ما جرى تدميره، إذ سيتم التوجه للمانحين من أجل التبرع لصالح بناء تلك المناطق المدمرة، ومن أجل إعادة الإعمار أجرى مسؤولون حكوميون من غزة وآخرون من الحكومة الفلسطينية خرجوا من الضفة، مباحثات مع المسؤولين المصريين في القاهرة، بعد أن تعهدت القاهرة بالإعمار، كما أجرى مسؤولون كبار في السلطة مباحثات مماثلة مع مسؤولين غربيين زاروا رام الله مؤخرا.
وكان ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال في غزة، قال إنه سيتم إعادة إعمار كل بيت تم تدميره بأفضل مما كان.
وقال إنه من المتوقع وحسب الوعود المصرية أن تبدأ عملية البناء بمجرد إزالة الركام، لكن رغم هذه التصريحات والتعهدات من بعض الدول بإعمار غزة، إلا أنه لا تزال هناك عقبات كثيرة تعترض العملية، أبرزها شروط الاحتلال الإسرائيلي، والإعاقة المتعمدة لإعادة بناء المنازل المدمرة، وربطها بإبرام صفقة تبادل الأسرى، بالإضافة إلى الخلاف حول الجهة التي ستشرف على العملية، ما بين الحكومة الفلسطينية وما بين حركة حماس، في ظل الخلاف السياسي القائم.
وتؤكد الحكومة الفلسطينية أنها الجهة الرسمية التي تناط بها هذه المسألة، في حين تنادي حركة حماس التي تحكم قطاع غزة بتشكيل لجنة وطنية تحظى بتوافق الجميع، وهو ما دفعها مؤخرا لانتقاد فكرة تشكيل الحكومة لجنة للإعمار وفريق فني.
وعلاوة على تلك العقبات التي تعترض الإعمار، فإنه رغم تلك الاتصالات واللقاءات، لم يعلن حتى اللحظة عن آلية الإعمار الجديدة، ولم تعرف كيفية صرف الأموال المخصصة للعملية، وهو ما يؤثر على أصحاب تلك المنازل الذين يترقبون بلهف لذلك اليوم الذين يعودون فيه إلى بيوتهم بعد إعادة بنائها، ويتركون المنازل المستأجرة التي لجأوا إليها، حيث يخشى هؤلاء أن تطول إقامتهم في منازل الإيجار، حال لم تقم الدول المانحة سريعا بالعمل على حل مشاكلهم.
ويقول محمد الزوارعة أحد سكان البنايات التي هدمت شمال قطاع غزة، في غارات جوية استهدفت مربعا كاملا من المساكن، إنه وجيرانه الذين يصلون يوميا لمنازلهم التي تحولت لركام، يأملون في أن يتم إبلاغهم قريبا ببدء مشروع بناء منازلهم المدمرة.
ويوضح لـ “القدس العربي”، أن منزل عائلته المكون من ثلاث طبقات، سوى بالأرض، بسبب غارات جوية استهدفت منطقته، ويوضح أنه وأسرته والجيران، خرجوا وقت القصف بملابسهم التي كست أجسادهم فقط، ويقول إن أطفاله قدموا بعد انتهاء الحرب، ليبحثوا عن ألعابهم وملابسهم من تحت الركام، لكنه أشار إلى أن القصف الصاروخي دمر كل شيء.
ولم يخف هذا الرجل تخوفه من طول مدة الانتظار، مشيرا إلى أنه وأسرته لجأوا للإقامة بعد هدم منزلهم عند الأقارب، مستذكرا ما لحق بأسر دمرت منازلها في حرب العام 2014، وطال أمد بنائها لعدة سنوات.
وكخطوة أولى للإعمار، جرى خلال الأيام الماضية، توزيع مساعدات مالية على أصحاب المناطق التي تعرضت للضرر الجزئي، للتمكن من إعادة ترميمها، بعد أن جرى تقييم الأضرار من فرق هندسية تتبع وزارة الأشغال، وحسب القائمين على المشروع، سيتواصل الأمر حتى توزيع المساعدات على جميع المتضررين.
وفي السياق، وقعت وزارة الأشغال العامة والإسكان مذكرة تفاهم مع مؤسسة أحباء غزة ماليزيا، ضمن تدخلات برنامج إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي بقيمة مليون دولار، وخلال التوقيع أكد سرحان على أن وزارته تواصل إزالة المباني الخطرة والإشراف على إزالة الركام، كما تواصل تدعيم عدد من المباني الخطرة، مشيرا إلى أن فرق حصر الأضرار تواصل أعمالها في حصر أضرار العدوان.
وعلى صعيد المنازل المدمرة كليا، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” وجهات أخرى، أنها قررت توزيع مساعدات مالية على أصحابها، بهدف استخدامها في إيجار منازل جديدة، وقد تطول عملية الصرف لمرات أخرى، لحين إعادة بناء تلك المنازل.
المصدر : القدس العربي