إجتماع قمة ومؤتمر بغداد للتعاون والشراكة

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…….

 

 

في العراق وبعد مرور عدة سنوات من هزيمة الإحتلال الصهيوأمريكي أوروبي البغيض وخروجه مهزوما مدحورا وبعد القضاء على عصاباتهم الداعشية التي كانت تعمل داخل العراق حتى لا يستقر العراق أبدا وما زالت بعض فلوله مطاردة من قبل الجيش والحشد الشعبي،وبعد كل تلك السنوات والأحداث يتم عقد مؤتمر أطلق عليه في البداية مؤتمر دول الجوار العراقي ثم تم تغييره لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة والذي عقد في العاصمة بغداد وهو إنجاز مهم جدا لو كان حقا عقد لمصلحة العراق ولإعادته إلى وضعه الطبيعي على المستوى الوطني وعلى مستوى المنطقة والإقليم والعالم…

فالشعب العراقي ما زال يعاني الأمرين ويعيش بين المطرقة والسنديان بين ضربات فلول الإرهاب الداعشي المتبقية هنا وهناك وقوى سياسية تريد أن تفرض نفسها على الساحة العراقية ودول إقليمية تتصارع على نهب العراق وخيراته عبر أدواتهم في الداخل العراقي من بعض السياسيبن، والتلاعب الدولي بالشعب العراقي عبر أية إنتخابات سابقة وحكومات متلاحقة أو الإنتخابات القادمة والتي نرجوا أن تتم بنجاح وأن تجلب للعراق إستقلاله الكامل وسيادته الحرة الأبية وإستقراره وأمنه وأمانه ليعود لحضن أمته قويا كما كان ويأخذ دوره الحقيقي والفعلي على مستوى المنطقة والإقليم والعالم…

وقد يكون ذلك المؤتمر خلق مسار جديد من الحوار بين الدول المتصارعة والمختلفة في المنطقة والإقليم دون التركيز على نقاط الخلاف لكن ومن تابع كلمات قادة ووزراء الدول المجتمعة لوجد بأن كل منهم يغني على مواله وقد ظهر ذلك عبر كلماتهم، نعم إستطاعت بغداد أن تجمع قوى مختلفة ودول مختلفة في تلك القمة لكنها لم تستطع أن تلغي المصالح المختلفة والأهداف المشتركة لتلك الدول والتي ظهرت في خطاباتهم لبقاء العراق غير مستقر وللسيطرة على العراق ونهب خيراته وبقاء شعبه وأجياله الحالية والقادمة تعاني مدى حياتها من تبعات الإحتلال الصهيوأمريكي أوروبي وعصاباتهم الداعشية وتصارع السياسيين في الداخل والدول الإقليمية والعالمية وهي جرائم كبرى حسب المعايير والقوانيين الإلهية والإنسانية والدولية…

فالرئيس الفرنسي ماكرون يمنع سورية من الحضور بالرغم من أنها دول شقيقة للعراق وجارة وحاربت الدواعش وكل المنظمات الإرهابية كتفا بكتف مع العراق والعراقيين، ويصرح ماكرون بأن أمن العراق وإستقراره ضروري للمنطقة والعالم لمحاربة الإرهاب الداعشي وغيرها من المنظمات المتطرفة وتلك الكلمات ذكرت في معظم الخطابات التي تم إلقائها، وأيضا صرح بأن كل يحارب الإرهاب هم إخوة لهم بالسلاح وأن فرنسا ستبقى مستعدة لتدريب الجيش والعراقي وأن فرنسا لديها خبرات كبيرة والتعاون الإقتصادي والإستثماري بينها وبين العراق كبير جدا وتمنى أن يزداد ذلك التعاون في السنوات القادمة لأن ثقة العراقيين وشعوب المنطقة في فرنسا كبيرة جدا، ووزير خارجية تركيا تشاويش أوغلو شدد على كل ما ذكر لمصلحة بلده وذكر أن هناك إرهاب آخر وهو الحزب الكردستاني العراقي الكي بي جي ليعطي مبرر لتواجده في محيط الموصل…

ووزير خارجية إيران عبد اللهيان ذكر أيضا بعض تلك النقاط ولكنه الوحيد الذي ركز على حضور سورية والتي كان من المفروض أن تحضر وأيضا ذكر محاربة ومساعدة إيران للعراق الشقيق في محاربته للدواعش والشهداء الكثر الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير العراق من ذلك الفكر المتطرف وذكر الشهداء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس رحمهم الله، والذين هم حقا من حارب الدواعش وضحوا بأرواحهم في سبيل ذلك والذين تم إغتيالهم من قبل أمريكا وبأوامر مباشرة من ترامب، وذكر أيضا وبكل جرأة دون خوف أو جلل من أحد بأن التواجد الأجنبي وتدخلاته هو من يهدد إستقرار العراق والمنطقة برمتها وأظهر لدول الجوار والمنطقة بأن أمن المنطقة وإستقرارها وإستقلالها يأتي بالحوار المباشر بين تلك الدول والتعاون في كل المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والإقتصادية دون تدخلات أجنبية…

وقادة ووزاء دول الخليج مختلفين في الآراء فمنهم من يرحب بتدخل الأجنبي الأمريكي والفرنسي وغيرهم ولا يسمح لإيران بالتدخل ويتهمها بإثارة كل الفتن والحروب في العراق والمنطقة كالسعودية والإمارات، ومنهم كقطر والكويت يجدون بأن الحوار بين دول الجوار والمنطقة كافة يؤدي إلى حل كل الخلافات في العراق والمنطقة ويحقق هدف المؤتمر وهو تحقيق الأمن والإستقرار والتنمية والإعمار الشامل للعراق والمنطقة كافة…

والرئيس المصري يشدد على محاربة الإرهاب ويوجه كلماته إلى تركيا بعدم السماح لبعض الدول بنقل الارهابيين المتطرفين من دولة إلى أخرى لتهديد أمن وإستقرار الدول ذات السيادة، ويشدد على الحوار لحل الخلافات وعودة العراق إلى الحضن العربي وأخذ موقعه الطبيعي ووجه كلمة للشعب العراقي ذكر فيها بأن لكم إخوة في مصر مستعدين للعمل معكم ومنحكم كل خبراتهم، وجلالة الملك عبدالله حفظه الله ورعاه كانت كلمته مختصرة وصادقة وتحدث بما فيه مصلحة العراق والعراقيين وركز على أمن وإستقرار العراق وأكد على أن تبقى مثل هذه اللقاءات مستمرة لمساعدة العراق والعراقيين الذين عانوا الأمرين على النهوض من جديد وحماية وطنهم من الإرهاب والإستغلال ومن أية تدخلات…

هذا المؤتمر الذي حضره مجموعة من الملوك والرؤساء والوزراء ولم تحضره أمريكا وحضرته فرنسا بالإنابة وأيضا لم يحضره الرئيس التركي والإيراني والسعودي وحضر عنهم وزراء خارجيتهم والكويت حضر رئيس مجلس النواب نيابة عن الشيخ نواف الصباح حفظه الله، وأيضا لم تحضره سورية كدولة شقيقة وجارة هي الأقرب للعراق وللأسف الشديد أن حكومة بغداد رضخت للطلب الفرنسي بعدم حضور سورية وبالتالي هو طلب أمريكي أوروبي بالتنسيق مع بعض دول الخليج لحضور سورية على مستوى القيادة أو وزير الخارجية فيصل المقداد وإن دل ذلك على شيئ فإنما يدل على أن هذا المؤتمر تم وبالتنسيق الكامل مع أمريكا محاولة أمريكا لجمع بعض المختلفين والمتصارعيين ظنا منها أن ذلك الإجتماع سيغفر لها عن خطاياها الكبرى التي إرتكبتها بحق العراق وشعبه منذ إحتلاله بأكاذيب مفتعلة وسيناريوهات أسلحة الدمار الشامل التي كشفت بعد الإحتلال مباشرة وإسقاط الدولة العراقية ومؤسساتها المدنية والعسكرية وتفكيك الجيش العراقي وبث روح الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية بين أبناء الشعب العراقي والذي ما زال يعاني من تبعاتها لغاية أيامنا الحالية…

فحال العراق كان في الماضي القريب وحسب تقارير لمنظمات دولية وإنسانية هو من أخطر البلدان في العالم، وحاله اليوم ليس بحاجة إلى تحليل وشرح وهو أفضل من قبل لأن الشعب العراقي وبعض شرفائه من السياسيين والعسكريين وزعماء الطوائف كشف خداع الإحتلال وأدواته وعصاباته وأهدافه التي فشلت معظمها من ضربات المقاوميين العراقيين الأبطال من الجيش بكل أجهزته ومنها الحشد الشعبي والذي هو خليط من كل الأديان والقوميات والطوائف والأحزاب العراقية والذين ضحوا بالغالي والنفيس لخروج الإحتلال الصهيوأمريكي أوروبي ولعصاباتهم الداعشية وأثبتوا للأمة وللعالم فشل الصهيوغربيين وسقوطهم أخلاقيا وإنسانيا الأمر الذي أدى لسقوطهم عسكريا وسياسيا بكل ما تعنيه الكلمة من سقوط…

فشرفاء العراقيين يريدون حقا التخلص داخليا من الصراع الإقليمي والدولي لأن ذلك يوحد العراقيين داخليا والأمة خارجيا لذلك رضخوا للرأي والرأي الآخر حتى يتم عقد ذلك المؤتمر لكنهم لا يستطيعون التوافق بين تلك الدول لأن تلك الدول المتصارعة والمختلفة لها أدوات ليس فقط في العراق وفي معظم الدول العربية والإسلامية للأسف الشديد ، فمنهم من يتبع الصهيوغربيين ومنهم من يتبع وكلاء الصهيوغربيين من بعض دول الخليج ومنهم من يأخذ النأي بالنفس والحياد وبعض هؤلاء يقفون ضد القيادتان الإيرانية والسورية لأنهما ينادون ليلا ونهارا لحفظ ماء وجوهنا وكرامتنا وشرف وقيم دولنا ومنطقتنا والحفاظ على خيراتنا البرية والبحرية والجوية لنا ولأجيالنا القادمة وتقاومان وتحاربان الوجود الأجنبي وبالذات الصهيوأمريكي في العراق وسورية وفي كل دولنا العربية والإسلامية وتطالب كل منها وتنادي بتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة ولا تطلب أية قيادة منهما القيادة والسيطرة على الأمة كما يدعى عليهم وإنما يطالبون بوحدة الأمة على قلب رجل واحد لتحقيق كل ما ذكر حتى نتخلص من مؤسسي الأفكار الإستعمارية وأدواتهم في المنطقة والعالم وللأبد بإذن الله تعالى…

الكاتب والباحث والمحلل السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

قد يعجبك ايضا