ليبيا إلى أين؟ إلى التوافق من جديد أو الإنهيار والعودة للمربع الأول…

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي……

 

يتابع العالم العربي والإسلامي والدولي الأحداث الجارية في ليبيا بعد أن أصبحت ملعبا للدول الإقليمية والعالمية، ويبدوا أن المخطط المتجدد هو بقاء ليبيا في دائرة التناحر على المناصب والكراسي بين حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي من جهة وبين مجلس النواب الليبي برئاسة صالح والعسكريين بقيادة حفتر من جهة أخرى وهذا التناحر من يذهب ضحيته غير الشعب الليبي إذا تطورت الأمور لا سمح الله ولا قدر وعاد الإقتتال الداخلي مرة أخرى بين هؤلاء الأطراف التي ومن خلال تصرفاتها سابقا وحاليا لا تسعى إلى وحدة الليبين وإيصالهم إلى بر الأمان والإطمئنان والسلم الأهلي والحفاظ على ثرواتهم النفطية والمالية من النهب والسلب الممنهج من قبل الصهيوغربيين وإنما يسعى كل طرف فيهم للحصول على ما يستطيع من جهد ووقت لبقاء هذا التناحر مستمرا خدمة لمصالحهم ولبقاء مناصبهم وعروشهم إلى يوم القيامة حتى لو تمت إبادة الشعب الليبي بأكمله والذين يستغلونه في كل أزمة سياسية أو عسكرية تحدث بين تلك الأطراف في الداخل أو بين أسيادهم في الخارج….

وبالرغم من أن الأمم المتحدة عينت أكثر من مندوب لها لحل النزاع الليبي منذ بداية الأحداث إلا أن بعضهم فشل في أن يتم اللقاء بين المتنازعين لحل الخلافات العالقة بينهم وتقريب وجهات النظر، لتعنتهم وقسوة عقولهم وقلوبهم وأطماعهم بالمناصب، وأيضا كان سبب فشل هؤلاء الأممين في مهمتهم سابقا التدخلات الخارجية بين الليبين والذين يتبع كل فريق منهم إلى دولة إقليمية ودولية صهيوغربية أو مستعربة ومتأسلمة، وبعد عدة لقاءات في دول عربية وبالذات مصر وتونس وبحضور مندوب الأمم المتحدة غسان سلامه تم التوافق وتم تعيين رئاسة مؤقتة وحكومة مؤقتة وتنفس الليبيون وشعوب الأمة الصعداء وفرح الجميع بذلك التوافق….

وللأسف الشديد وبعد عدة أشهر تتجدد الأزمة من جديد بين الليبين المتقاتلين والمتنازعيين على المناصب السياسية والعسكرية وهم خاسرون جميعا ولا أحد ربح أو سيربح إذا لم يعودوا لذلك التوافق الليبي والأممي، وأمامهم اليوم فرصة إذا كانوا حقا يعملون لعودة ليبيا كما كانت بل أفضل مما كانت عليه ويحققون السلم الأهلي الإجتماعي والسياسي والعسكري والأمن والآمان للشعب الليبي وهذه الفرصة كبيرة ليتحقق ذلك وعلى دول الجوار العربي لليبيا كمصر وتونس – ورغم الأحداث المؤلمة الدائرة في تونس – وغيرها من الدول الأفريقية الأخرى أن تقوم بعقد لقاء نهائي بين كل الأطراف المتنازعة للوصول لحل فوري وشامل لكل الخلافات مع إتخاذ خطوات فورية لفض الصراعات العبثية السياسية والعسكرية الدائرة بين جميع الأطراف وتحديد موعد نهائي وموثق لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة ولم شمل العسكريين المشتتين بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ليكونوا تحت قيادة واحدة ومرجعية وطنية يجمع عليها كل الشعب الليبي وقياداته السياسية والعسكرية مع أخذ كل الإحتياطات والإجراءات اللازمة لمنع أي إختراق أو تسيب أو هوادة مع طرف ضد طرف آخر….

ومن جهة أخرى يجب العمل على إخراج المرتزقة ومن كافة الجنسيات من ليبيا والذين يرهبون الشعب الليبي وأحراره بكل خلاف سياسي أو عسكري يجري هنا أو هناك، وليحكم ليبيا أبنائها وأيضا يجب السيطرة على السلاح بكل أنواعه ووضعه بتصرف قيادة الجيش الليبي المتفق عليها وحكومة الوحدة الوطنية الشاملة….

ونحن لا نتكلم حاليا عن أشخاص في الماضي القريب فرضوا على الشعوب من دول كبرى وصغرى بدل بعض عملائهم من القادة الذين تم إسقاطهم في الدول العربية، وإنما نتكلم عن أوطان ضاعت وتبعثرت وقسمت وحاولوا إسقاط بعض قيادتها الحرة والمقاومة وإستنزفت جيوشها ودمر إقتصادها وذلت شعوبها وهجرت وقتلت وعانت الأمرين منذ 11 عاما من تدخلات الصهيوغربيين والمستعربيين والمتأسلمين ومخططاتهم الفتنوية دينيا وسياسيا وعسكريا وثقافيا وإعلاميا وحتى إجتماعيا وعشائريا لتنفيذ مخططات الصهيونية العالمية في دولنا وبقاء كيانهم المحتل لفلسطين هو القوة الوحيدة في المنطقة، وشعوب تلك الدول الفتنوية تعيش في رغد العيش والحياة الفارهة والأمن والآمان دون أن يشعروا مع الشيوخ والنساء والأطفال والشباب الذين قتلوا وسفكت دمائهم في أوطانهم لأنهم قالوا ربنا الله ودافعوا عن الأرض والعرض وهجروا خوفا من جرائم دواعش وقواعد قادتهم الذين لا يخافون الله ولا يراؤون في الأمة إلا ولا ذمة…

وحتى ننزع فتيل أية فتنة قادمة بين العسكريين والحكومة والنواب والرئاسة ومجلس الرئاسة وغيرها من المجالس التي تمثل الشعب الليبي يجب أن يتم منع أي تدخل من دول الصهيوغربيين والمستعربيبن والمتأسلمين لأن تدخلهم لا يكون في صالح الشعب الليبي ولا قياداته بكل مجالاتها ولم ولن يحقق وحدة الليبين وسيادة وطنهم وقرارهم المستقل ويوصلهم جميعا إلى بر الأمن والآمان لأن تدخلهم يزيد الطين بلة للعودة إلى المربع الأول من تلك الأحداث المفتعلة لإشعال الفتنة والمعارك والمجازر والحرب الطاحنة والقتل والتهجير من جديد…

ويجب أن يستمر الوضع التوافقي في ليبيا كما كان بحكومته ورئاسته ومجلس نوابه وكل مؤسساته المؤقتة دون إقصاء طرف لطرف آخر لحين أن يعود التوافق من جديد، ويتم محاسبة المقصرين من الحكومة أو النواب أو غيرهم والذين يؤخرون إجراء الإنتخابات عمدا لتنفيذ مصالحهم الشخصية أو الذين ينهبون أموال الشعب الليبي، وهنا نوجه كل الشكر لكل من ساهم في الماضي القريب بإيقاف الحرب الدائرة في ليبيا ولم شمل الليبين، ولكل من يساهم حاليا ولو بجهد قليل لإنهاء الأزمة المتجددة بين حكومة الدبيبة ومجلس النواب حتى لا نعود للصراعات السابقة والتي ذهب ضحيتها الشعب الليبي البريئ في الماضي، وحتى لا يكون ضحيتها هذه الأيام يجب أن يكون هناك خطة فورية ومباشرة وبدعم وإشراف أممي لإنجاز كل ما أتفق عليه سابقا للعودة للتوافق ونرجوا لليبيا ولشعبها ولقياداتها المؤقتة التوافق من جديد والتوفيق لإدارة هذه الفترة المؤقتة لحين أن يتم تهيأت الأجواء وبشكل كامل لإنتخابات تشريعية ورئاسية فورية،وبذلك تعود ليبيا إلى محيطها العربي والإسلامي والإفريقي والإقليمي والدولي خلال فترة قصيرة وتكون على مسافة واحدة من الجميع، والله ولي التوفيق…

الكاتب والباحث السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي….

قد يعجبك ايضا