الإنتخابات البرلمانية العراقية ومفهوم الحرية الفكرية بالتصويت…

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي……

 

الديمقراطية والحرية ليست فقط بالتصويت في صناديق الإقتراع، ولكن الديمقراطية هي في حرية التصويت بالذكاء العقلي لدى الناخب بإختيار من يمثل الوطن والمواطن بكل قومياته وأديانه وطوائفه ومذاهبه وأكثريته وأقليته، وللأسف الشديد أن معظم شعوبنا تعتبر التصويت بصناديق الإقتراع هو الديمقراطية والحرية فقط لذلك يذهبون للتصويت بدون قرار مستقل لحريتهم الفكرية الحقيقية التي تسمح لهم أو تشجعهم على التصويت لمن يحقق نهضتهم وتقدمهم وإستقلالهم وسيادتهم الحقيقية على أوطانهم دون أي تدخل خارجي من الدول الغربية وتبعهم في المنطقة…

لذلك يصوتون بديمقراطيتهم وحريتهم المزيفة لأبناء قوميتهم أو طائفتهم أو عشيرتهم أو صاحب عملهم أو حزبهم فتكون النتيجة بأن نوصل من لا يستحق لمثل تلك المناصب فيخرج لدينا قادة أو رؤساء حكومات ووزراء ونواب لا يعملون لخدمة وطن وأمة بأكملها وإنما يخدمون أنفسهم ومن إنتخبهم ولا يفكرون بأبعد من ذلك لا بقضايا الوطن ككل وتحقيق سيادته وإستقلاله الحقيقي ولا بقضايا الأمة وبالذات القضية المركزية للأمة بعربها وعجمها وهي قضية فلسطين لذلك تأخرت نهضة الأمة وتقدمها ووحدتها وطال تحرير فلسطين كاملة وهذا ما كان وما زال الصهيوغربيين وتبعهم في منطقتنا يخططون له في كل إنتخابات تشريعية أو رئاسية تجري في دولنا العربية والإسلامية لذلك تمدد العدو ونشر مخططاته ومشاريعه في المنطقة وكان من السهل عليه إختراق قومياتنا وديننا وطوئفنا وعشائرنا لأن هؤلاء إختاروا الديمقراطية المزورة وإعتبروها فقط بالتصويت في صناديق الإقتراع دون التفكير بحريتهم وذكائهم الفكري بمن يختاروا للأسف الشديد وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن وهذا ما أوقعنا انفسنا فيه من السماح للتدخل الصهيوغربي في دولنا وحتى في فكرنا…

ووفقا للدستور العراقي الحالي فإن الإنتخابات العراقية تتمثل في هيئة الإنتخابات المستقلة وقانون إنتخاب تم تغيير بعض بنوده عام 2019 ولم يبقى كما وضعه الحاكم المدني بريمر في سنوات الإحتلال، وتلك الهيئة المستقلة بكل كوادرها وبالتنسيق والشراكة مع الحكومة العراقية وكل أجهزتها العسكرية والأمنية والمدنية وفرت كل ما يلزم لتأمين تلك الإنتخابات البرلمانية وبوجود مراقبين عراقيين ودوليين وعرب ومسلمين لنجاح تلك الإنتخابات التي إنتظرها الشعب العراقي على أحر من الجمر، ويوم أمس شهدت العراق عرسا وطنيا بإمتياز وهي إنتخابات مبكرة طالب بها الشعب العراقي في مظاهراته منذ إسقاط حكومة عادل عبد المهدي لقلب الأوراق مرة أخرى وليعود العراق للمربع الأول زمن الإحتلال، وبعدها تم تشكيل حكومة برئاسة مصطفى الكاظمي والذي وعد الشعب العراقي بالسيطرة على الوضع العراقي وبتحسين الأوضاع كلها وبإجراء إنتخابات مبكرة تحقيقا لرغبات ومطالبات الشعب العراقي المنتفض على سوء الحال والأحوال….

وقد حقق لهم الكاظمي ما وعدهم به وآخر الوعود تلك الإنتخابات وبدعم من المراجع الدينية المسلمة والمسيحية ومن كل الطوائف وعلى رأسهم السيد علي السستاني، وتوجه نحو 25 مليون عراقي تقريبا إلى مراكز وصناديق الإقتراع المنتشرة في بغداد وكل المحافظات العراقية العزيزة على قلوب كل أبناء الأمة للمشاركة بالإنتخابات البرلمانية العراقية ومنهم 800 ألف من الأمنين والعسكريين والإستخبارات ونزلاء السجون والمستشفيات والمهجرين إنتخبوا بالإنتخابات الخاصة قبل ذلك بعدة أيام كصورة مصغرة للإنتخابات العامة التي جرت بعدها…

وتلك الإنتخابات كانت فرصة لكل العراقيين لإختيار من يمثلهم ويمثل القيم والمبادئ والأخلاق والقوة والحكمة والشموخ والمقاومة لمشاريع الأعداء وتبعهم، وكل هذه الصفات ورثناها عن أبناء أمتنا العظيمة الذين كانوا رحماء فيما بينهم أشداء على الأعداء والعملاء والتبع والخونة والمطبعين وأذناب الإستعمار الجدد والذين عاثوا في العراق الشقيق وفي دولنا وشعوب أمتنا فسادا وقتلا وتهجيرا وسرقة ونهبا لخيراتها وإستنزاف لقوتها وبكل المجالات العسكرية والمدنية، ونرجوا من الله سبحانه وتعالى أن يكون الشعب العراقي المقاوم وبعد كل ما مر به منذ الإحتلال الصهيوأمريكي أوروبي إلى يومنا الحالي قد استخدموا حريتهم الفكرية الحقيقية وإنتخبوا المقاوميين الذين ضحوا بأنفسهم ودمائهم وبالغالي والنفيس ليحققوا للشعب العراقي كل ما يطمح له وما زالوا يحققون لهم الأمن والآمان والإستقرار والسيادة في وطنهم العراقي العظيم ليعود العراق لأمته كما كان وأفضل مما كان عليه ويعود لدوره الفعلي والمحوري والمهم في المنطقة والعالم، والأيام القادمة ستظهر نتائج الإنتخابات البرلمانية وستكون ثمرة الحرية الفكرية لإختيار الشعب العراقي لديمقراطيته وحريته الحقيقية أو المزورة….

الكاتب والباحث السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

قد يعجبك ايضا