صحيفة عبرية: كيف تسكت إسرائيل عن “إرهاب فلسطيني” يتستر بعباءة “حقوق إنسان”؟
طلبت الولايات المتحدة مؤخراً من إسرائيل إيضاحات بشأن إعلان وزارة الدفاع عن ست مؤسسات تختبئ في زي مجتمع مدني، باعتبارها منظمات إرهاب. يبدو أنها ليست أزمة، ولكن من المهم ألا تنشأ واحدة مثلها مرة أخرى مستقبلاً.
منظمات فلسطينية تساند كفاحاً عنيفاً وتدير معارك نزع شرعية ضد إسرائيل، تحظى بتأييد سياسي وتمول سخيّ من حكومات ومنظمات أوروبية، بحجة الدفع بحقوق الإنسان إلى الأمام، بما في ذلك أولئك الذين من أعضائها ممن لا يزرعون القنابل أو يطلقون النار في وحدات الحربة العنفة، هم “مؤيدو القتال” الإرهابي: يجندون أموالاً لتمويل العمليات، ويدفعون المال للإرهابيين وأقربائهم، ويجندون بدعايتهم أعضاء جدداً للمنظمة، ويغذون أجواء العنف في المجتمع الفلسطيني، التي جلبت خراباً وأزمة متواصلة على هذا الشعب.
يدور الحديث في نهاية الحساب عن أفجاج تعلموا كيف يحفظون ويطلقون الشعارات الغريبة عن قيمهم وفكرهم وخداع الأمريكيين والأوروبيين، بل وحتى حفنة من الإسرائيليين الذين يصرون على الكذب على أنفسهم. مثل الشواذ الذين يتحدثون باسم الحب، يعملون باسم حقوق الإنسان، ويجندون قيمة مهمة لأهداف تعسة. سهل عليهم التصرف هكذا، كون الراديكاليين مشوهي القيم والتطهريين المشوشين نجحوا في السيطرة بعدائية على قسم كبير جداً من منظمات حقوق الإنسان وعلى الخطاب في هذا المجال في الساحة الدولية، أولئك الذين ليسوا متلاعبين ويتطلعون منذ البداية للظهور في صورة جيدة في محيطهم الأيديولوجي، ويسعون إلى ذلك على حساب العناية الصادقة بضحايا الإرهاب.
إن المال الذي يمول هذه المنظمات يأتي أساساً من أوروبا، ولكن خطر حصانة الإرهاب من الوسائل الإسرائيلية المضادة لن يتحقق إلا من خلال إدارة واشنطن. إسرائيل بحاجة إلى مساعدة أمريكية في جملة من المواضيع، وهي ملزمة أن تثبت للإدارة بأن خطواتها ليست لقمع نشاط اجتماعي وإنساني شرعي. إدارة بايدن ناقدة وشكاكة، ولكنها ليست مهووسة بالنسبة لإسرائيل وأقل سذاجة حيال الفلسطينيين من أوباما، الذي ألحق أضراراً شديدة بالمنطقة كلها: امتنع عن مساعدة “الثورة الخضراء” بإيران في 2009، ولعب دوراً أساسياً في إسقاط مبارك وصعود الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر، وأدار ظهراً للسيسي الذي أنقذ الشرق الأوسط من محور “الإخوان المسمين” التركي – المصري، الذي كان سيدفع المنطقة إلى التطرف.
وتركزت الوصفة الضارة المعروفة من عهد الرئيس كارتر، في الضغط على الأنظمة المؤيدة للولايات المتحدة، بشكل يخدم الراديكاليين المناهضين لأمريكا، وأساسها نفي فوارق الثقافة السياسية بين المجتمعات التعددة والتيار المركزي في المجتمعات العربية، ودحض فرضية أن هذا الضغط سيشجع بديلاً تعددياً وديمقراطياً ذا سيطرة سياسية واسعة في الجمهور العربي.
غير أن الخيار في المجتمعات العربية، هو بين أنظمة حكم مطلق موالية لأمريكا تسعى للاستقرار الإقليمي وبين أنظمة ردع راديكالية أسوأ حتى منها، تهدد بجر الشرق الأوسط إلى المواجهات والخراب. الأقلية الليبرالية – التعددية الشجاعة والمبهرة، التي تريد الديمقراطية وحقوق الإنسان، هي عنصر هامشي في الساحة السياسية العربية. أما الراديكاليون من أمثال ناصر، والأسد، وصدام حسين أو خامينئي، فلا يمكن أن يكونوا معتدلين. لا يمكن ان يقف في وجههم إلا حكام مطلقون بإسناد أمريكي – “رقيقون” نسبياً، مثل الملك حسين، أو متصلبون أكثر مثل الشاه في إيران، والسيسي في مصر، وولي العهد بن سلمان في السعودية. الخيار الحقيقي هو بين العسير على الهضم والكارثي.
إن إرهاب “حزب الله” والفلسطينيين بقيادة نماذج مثل عرفات ونصرالله والسنوار، لا يفشله سوى نهج إسرائيلي يدمج التصميم والردع والشك والتصلب أمام الأعداء، إلى جانب كوابح المجتمع المنفتح والدولة الديمقراطية. يقف أمام فشل أمريكي في الحرب على الإرهاب في العراق وأفغانستان، والتي انتهت بالهروب، نجاح إسرائيلي في العيش وازدهار الأجيال إلى جانب إرهاب مقموع، بدون خيار الهروب. ولذلك فإن تجفيف مقدرات الجبهة الشعبية أمر مطلوب.
بقلم: دان شيفتن
إسرائيل اليوم 26/10/2021